السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أشكركم على هذا الموقع الرائع، وجعله الله في موازين حسناتكم، وأنا على ثقة تامة أنني سأجد عندكم الجواب الشافي.
أنا فتاة عمري 18 سنة.
مشكلتي أنني أخاف من الموت جدا، لأنني لا أعرف كيف هو الموت؟ ولا يوجد أناس ماتوا ووصفوا لنا كيف هو؟ وكانت المعلمة تخبرنا أن منكر ونكير أشكالهم بشعة جدا، وهما الموكلان بالسؤال في القبر، وأن كل الناس يتعذبون في القبر، سواء كان مسلما أو كافرا، وأنه عذاب قوي، وأن للقبر ضمة تدخل الأضلاع في بعضها، وأن ألم الموت يعادل (300000 ) ألف ضربة بالسيف، وأن الميت عندما يكون في البيت يسمع أهله عندما يبكون، ويسمع كل شيء ويشعر به، ويسمع أيضا طرق النعال إذا وضعوه في القبر وذهبوا عنه، وكلما أتخيل هذا الشيء، أشعر بخوف شديد جدا.
أخاف أيضا من الحساب، ويوم القيامة أنه يوم مخيف جدا، لا أدري ماذا أفعل؟ يخيفني أنني سأكون وحدي، ولا أعرف كيف أجد أبي وأمي وأحبابي؟ وكيف أكون في ذلك اليوم وكيف أفكر؟ وأنني إذا بعثت هل أذكر نفسي وأفعالي وأهلي أم لا؟
ولقد رأيت أدلة صحيحة في بعض كلام المعلمة، لكنني أقول أن الله أرحم من أن يفعل ذلك بي، فهل أحاسب على ذلك القول؟ وهل في الجنة نعبد الله؟ وهل صحيح أن حافظ القرآن لا يتحلل جسده؟ لأنني أخاف من التحلل، مع العلم أنني نشأت في أسرة محافظة وملتزمة -ولله الحمد-، آمل أن أجد عندكم ما يذهب عني همي.
جزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونسأل الله أن يوفقك إلى كل ما يحبه الله، ونحيي فيك هذا الخوف من الموت؛ لأن الخوف الإيجابي هو الذي ينبغي أن يدفعنا للعمل ومراجعة النفس، وليست القضية أن نموت ولكن ماذا بعد الموت؟ وعلى أي خاتمة سنمضي؟
من هنا نحن ندعوك -ابنتنا الفاضلة- إلى الاهتمام بصلاتك وطاعتك لربك -تعالى-، ونحمد الله -تعالى- أنك على ذلك، وندعوك إلى الزيادة من الخير، فالموت رغم صعوبته وما فيه إلا أنه سهل على من يسره الله عليه، وروح المؤمن تخرج كالقطرة تسيل من في السيل، وتستقبلها الملائكة بروح وريحان، وتنقلها إلى روح وريحان، وإلى رب غير غضبان، ولذلك فتذكر الموت ظاهرة صحية لكل مؤمن، وهو مخيف لكل منافق ومقصر وفاجر وكافر، ولذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بذكر هادم اللذات، والمراد أن يكون هذا التذكر إيجابيا، بمعنى أن الإنسان إذا تذكر هذه المواقف التي ذكرتها لكم المعلمة -والتي نشكرها على اهتمامها بهذا الجانب في زمان طغت عليه العديد من الماديات- يتذكر أن يستعد لها.
وأمور الغيب علمها عند الله -تعالى-، ولكن كثير من النصوص وردت تتحدث عن ذلك ولا يعلم إلا الله -تعالى-، وما جاء في النصوص الصحيحة لا بد أن يقبل، وهو من عناصر الإيمان بالغيب، الإيمان بالله -تعالى- وباليوم الآخر الذي تحاسب فيه الناس، وتجزى كل نفس بما تسعى.
ولذلك نحن ندعوك للاهتمام بالعمل الصالح، ولا تفكري بالتفاصيل كيف سأكون وحدي؟ وكيف...إلخ؟ فإننا سنلقى الله أفرادا، والإنسان سيجد ما قدم من العمل، {ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا}.
والأمر أصعب في ذلك اليوم من أن يبحث الإنسان في ذلك الوقت عن أمه وأبيه، لأنه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، ولذلك ينبغي أن يكون الهدف تحسين العمل، وإصلاح ما بينك وبين الله -تبارك وتعالى-، وسوف يصلح ما بينك وبين الخلق، وسوف يصلح الله لك الأمور بمقدار طاعتك لعلام الغيوب، الذي إليه تصير الأمور.
نتمنى أن تهتمي بتحسين العمل، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سئل عن الساعة، قال الصحابة كره ما قال، ثم قال: أين السائل عن الساعة؟ ثم بعد ذلك قال: ماذا أعددت لها؟ وهذا هو السؤال المهم ماذا أعددنا لتلك المواقف والمشاهد؟ هذا هو الذي ينبغي التفكير فيه، ونسأل الله أن يختم لنا ولكم بخير.
وينبغي أن يكون الخوف معتدلا، وكونك تقولين: "الله أكرم" هذا حسن ظن بالله، والمؤمنة ينبغي أن تكون بين خوف ورجاء، وهما كالجناحين للطائر، فنحن نخاف من غضب الله لكننا نرجو رحمة الله الرحيم الغفور -سبحانه وتعالى-.
نسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.