مع أنني طالبة طب، لكنني لا أذاكر بشكل جيد

0 467

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شكرا لكم على هذا الموقع الأكثر من رائع، جعله الله في ميزان حسناتكم.

أنا طالبة طب، تبقت لدي سنة ونصف على التخرج -إن شاء الله-، لاحظت على نفسي من قبل سنتين عزوفي وتأجيلي للمذاكرة اليومية، فكما تعلمون دراسة الطب تحتاج إلى استذكار يومي، والمراجعة بشكل مستمر، لكنني دائما أؤجل المذاكرة للأيام الضيقة، التي تسبق يوم الاختبار، وأجد نفسي في هم وضغط كبير لا يعلمه إلا الله، فأنا أندم أشد الندم وقتها، ولكن سرعان ما أعاود هذه المشكلة، والذي يزيد المشكلة ويوترني أكثر هو تعاملنا المرن مع الدكتور الرجل والمريض الرجل والأستاذ الرجل، والظروف تجبرني أن أتعامل مع الرجل في المستشفى على أنه أخي من أمي وأبي، وهذا الأمر زاد في حيرتي وفكرت بالانسحاب.

لكن أبي دائما يحفزني ويشجعني ويرغبني في مزاولة مهنة الطب، وأعلم يقينا إذا انسحبت فهذا الأمر سوف يجرح ويضايق قلب والدي، وأنا لا أرضى له ذلك، وقد بذلت قصارى جهدي في تشجيع نفسي على المذاكرة اليومية، حيث وضعت جدولا يوميا للمحاضرات، ووضعت لافتات تحفيزية، ودعوت ربي كثيرا، ومع ذلك كله لم أتقيد بالمذاكرة، فالوقت الذي من المفترض أذاكر فيه، أجد نفسي على الواتساب وبرامج التواصل الاجتماعي، وأيضا موضوع الزواج يشغل بالي كثيرا.

دعواتكم لي، وأرجو أن أجد الحل الشافي عندكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بعثرة أنثى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا على هذا الموقع بهذا السؤال، الذي أعادني لسنين من قبل عندما كنت في كلية الطب، فربما جميعنا يمر بين الحين والآخر بمثل هذه المواقف التي تمرين بها الآن، ولكنك -ما شاء الله- استطعت تجاوز الكثير من العقبات في كلية الطب، وها أنت بقي سنة ونصف على التخرج.

أرجو أن لا تعود فكرة الانسحاب تراود ذهنك الآن، فالأمل قد فات أوانه، ولو تكلمت معنا بهذا في السنة الأولى أو الثانية، لقلنا لا بأس يمكن الانسحاب، أما الآن فلا، وخاصة أنك لا ترغبين بهذا على كل الأحوال، وخاصة بسبب رغبة والدك.

هناك مشكلتان في سؤالك مما يفيد حلهما:

الأولى: موضوع الواتساب والتواصل الاجتماعي، فنعم هناك حالات معروفة الآن من "إدمان الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي" المختلفة، وعلينا أن نحسن التعامل مع هذه الوسائل، وبحيث نسيطر عليها، وأن لا نجعلها تسيطر علينا، شخصيا فتحت حسابا مع الواتساب إلا أني أغلقته خلال أيام، لضيق الوقت، والفيس بوك لم أتعامل معه لضيق الوقت، ويكفيني حاليا الأيميلات والتويتر، وليس بمتابعة المئات من الناس، عليك أن تحددي كمية الوقت الذي تقضينه على وسيلة التواصل الاجتماعي التي ترغبين، وبحيث تخدم مصالحك، وليس العكس، وهذا القرار لا يستطيع أحد أن يتخذه نيابة عنك، فأنت أدرى بالأمر.

الموضوع الثاني: والهام من الناحية النفسية، أنه بالرغم من أهمية التعاطف (empathy) مع المرضى الذين تتعاملين معهم في المشافي، وبالرغم من قربك منهم ومن معاناتهم، إلا أن عليك أيضا أن تضعي خطا فاصلا بينك وبينهم، فهم ليسوا إخوانك من أمك وأبوك، -وكما ورد في سؤالك- لأنك إن تعاملت معهم على أنهم أقرباء لك، فستتعبين في نهاية النهار وربما يصيبك هذا بما يسمى الاحتراق النفسي (burnout) حيث لن تستطيعي أن تتابعي مع المريض الجديد الذي يأتيك، وستتعلمين من خلال الممارسة كيف تحسنين التواصل والتعاطف مع المريض، ولكن من دون أن تبالغي بالتواصل العاطفي والمشاعري معه، وإلا فسيكون هذا على حساب حياتك الخاصة وأسرتك وعلاقاتك، وخذي وقتا مريحا بعيدا عن جو العمل والمشافي، ومارسي هواياتك، كأنه ليس عندك مريض تقلقين عليه، فقلقك هذا لن يفيدك ولن يفيد مريضك على كل الأحوال.

ليس الموضوع موضوع وضع جداول للدراسة والمذاكرة، فكيف ينجح أي برنامج إذا انشغلنا عنه بأشياء أخرى؟! فهيا يا بنيتي، شدي الهمة، وابدئي اليوم، وفور أن تنتهي من قراءة هذا الجواب، أغلقي الجهاز، وافتحي كتابك، وقولي: يا الله يسر لي، وافتح لي أبواب العلم والحكمة والفهم، -وإن شاء الله- ما هي إلا سنة أو سنتان، وتكونين زميلة لنا في المهنة التي يمكنك أن تساعدي من خلالها الكثير من عباد الله.

وفقك الله، وجعلك من المتفوقات.

مواد ذات صلة

الاستشارات