السؤال
السلام عليكم.
عمري 20 سنة، وأنا أعاني من القلق والخوف من المواقف الاجتماعية بعض الأحيان، فعندما يكون هناك اجتماع مع مسؤول قبل الاجتماع ينتابني خوف وقلق ووساوس، وارتجاف الجسم، وبعض الأحيان عند الالتقاء بشخص عادي أو زملائي في الدراسة، وبعض الأحيان أتصرف بطلاقة قليلا، وهذا ما أثر علي سلبا في دراستي وعلاقتي مع الناس، وثقتي بنفسي، وهذا يسبب لي أحيانا حالة من الكآبة والميول إلى العزلة، مع أنني اجتماعية في داخلي وأحب الاختلاط مع الناس، لكن هذا المرض يشكل عائقا كبيرا مع علاقتي بالناس.
المشكلة الثانية: أنني أرتبك ارتباكا غير طبيعي عندما أقدم عرضا أمام الطلاب، فيدي ترتجف وصوتي يتغير، قرأت عن أدوية كثيرة لهذا المرض أبرزها الزولفت والاندرال، لكن لا أعرف ما هو الدواء الفعال في حالتي هذه؟ وما تأثيراته؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سليمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
حالتك بسيطة ويمكن أن تساعدي نفسك من خلال تطبيق آليات سلوكية مختلفة قبل أن تلجئي إلى الدواء، والدواء قطعا لا بأس به ويساعد كثيرا، لكن يجب أن يكون اعتمادك الكلي على الآتي:
أولا: لا بد أن تحقري فكرة الخوف هذه، وتذكري دائما أنك لست أقل من الآخرين.
ثانيا: الذين يعانون من الخوف والرهبة الاجتماعية دائما يأتيهم شعور أنهم تحت رقابة الآخرين، وأنهم سوف يفشلون في المواقف الاجتماعية. أتاني أحد الإخوة قبل أيام قليلة وهو يعاني من خوف اجتماعي شديد، دائما تأتيه فكرة أنه سوف يسقط أمام الناس، هذا طبعا لم يحدث ولن يحدث أبدا، هذه مجرد مشاعر. فتصحيح المفهوم أعتقد أنه مهم جدا.
ثالثا: هنالك مواقف اجتماعية عظيمة يحس فيها الإنسان بالأمان التام، مثلا الجلوس مع الأهل، زيارة الأرحام، التفاعل الاجتماعي على مستوى الفصول الدراسية، الجلوس في الصف الأول، التواصل مع المعلمات، هذا فيه خير كثير جدا.
رابعا: الانخراط في أي عمل ثقافي، أو نشاط اجتماعي، أو الذهاب إلى مراكز تحفيظ القرآن، هذا يؤدي إلى نوع من التفاعل النفسي الإيجابي والتضافري، بمعنى أن النفس تنطلق انطلاقات إيجابية جدا.
خامسا: تمارين الاسترخاء، بما أن القلق والتوتر هو الأساس في الرهاب الاجتماعي فإن تمارين الاسترخاء مفيدة جدا، وعليه أرجو أن ترجعي إلى استشارة بموقعنا تحت رقم (2136015) وتطبقي التمارين الواردة بها، فهي مفيدة جدا.
سادسا: عليك بالإكثار من المواجهات، وهذه مهمة جدا، التجنب يؤدي إلى تعقيد الأمور وزيادة الخوف واهتزاز الثقة بالنفس، أما الإقدام وإقحام النفس والإصرار على تحقير الخوف والثقة بأدائك، هذا هو الذي يساعدك - إن شاء الله تعالى – كثيرا.
النقطة الأخيرة: لا مانع قطعا من أن تتناولي أحد الأدوية، وأعتقد أنك تحتاجين لعقار (زولفت) كما ذكرت بجرعة صغيرة، وهي أن تبدئي بنصف حبة، تتناوليها بعد الأكل ليلا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.
أما الإندرال فلا مانع من تناوله بجرعة عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناوله. بعض الناس يتناولونه قبل المواجهات الاجتماعية أيا كانت، هذا المنهج أيضا مقبول، لكن المنهج الأفضل هو أن يتناول الإنسان الدواء بجرعة صحيحة وللمدة المطلوبة، وهذا قطعا يقتلع المشكلة من جذورها، وهو قطعا أفضل من الطريقة الأخرى.
هذه الأدوية سليمة جدا وفعالة جدا، وتأثيراتها تأتي من خلال عملها وتأثيرها على منظومة كيميائية داخل الدماغ تسمى بالموصلات العصبية، هذه الموصلات والمستقبلات العصبية وجد أنه تحدث فيها بعض التغيرات والاختلافات غير معروفة السبب والمنشأ، والتي لا يمكن أن تقاس في أثناء الحياة، هي التي تؤدي إلى الشعور بالقلق والتوترات والأعراض المصاحبة، فإذا الدواء مهمته أن ينظم هذه المنظومة الكيميائية ويرجعها إلى طبيعتها، والدواء قطعا سليم وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.