منذ أن ضاع التزامي فقدتُ معنى السعادة.

0 370

السؤال

السلام عليكم.

لقد تعبت من هذه الدنيا، تعبت من بعدي عن الله وعن القرآن، لقد كنت ملتزمة جدا، ولم أكن أعرف معنى الاكتئاب ولا الإحباط، وكنت سعيدة وراضية بكل شيء أنعم الله به علي، فهمي وغايتي هو إرضاء ربي.

أما الآن فقد ضاعت تلك السعادة مني، وضاع التزامي، وضاع يقيني، وأصبح همي متى سيرزقني الله بالزوج الصالح؟ ولم يبق من التزامي سوى حجابي ونقابي وصلاتي.

بصراحة: منذ أن لبست النقاب منذ أكثر من سنتين وأنا أشعر بالضياع، فقد ضاعت كل المعاني الجميلة في حياتي منذ أن لبسته، وكلما حاولت خلعه؛ أجد من تشد على يدي وتردني عن خلعه.

الآن لا أفكر بخلعه أبدا، فقد أصبح روحي، ولكن أريد أن أرجع لطاعتي وقيامي وقرآني، فقد تركت ذلك منذ أكثر من سنة، فقد حاولت كثيرا، وفشلت حتى يئست، فكل شيء أربطه بذلك المستقبل الذي لا أدري عنه شيئا، ولا أدري هل كتب الله لي الزواج أم لا، فأنا أشعر بأن حياتي مرتبطة بسراب، فهل يمكنني أن أعود كما كنت سعيدة أدعو إلى الله؟

أرجوك يا شيخ ادع الله لي، فحتى الدعاء لا أقوى عليه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يرد إليك الإيمان، وأن يمن عليك بالأمن والأمان والاستقرار والسعادة الدائمة في الدنيا والآخرة، وأن يثبتك على الحق، وأن يتوفاك على عمل صالح، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة-: فإنه مما لا شك فيه أنه لا ذل إلا بعد عز، ولا فقر إلا بعد غنى، ولا حرمان إلا بعد عطاء، فكونك عشت لحظات رائعة في حياتك، وكنت في غاية الأمن والأمان والاستقرار والسعادة، ثم فقدت ذلك كله، فهذا أمر مؤلم ومحزن جدا، خاصة وأن الأمر يتعلق بالدين، فلو كان الأمر يتعلق بدنيا لهان، ولكن أن يفقد الإنسان دينه، وأن يفقد علاقته مع الله تبارك وتعالى، وحلاوة المناجاة، وحلاوة قراءة كلام الله تعالى ولذة الإيمان، فهذا أمر فعلا في غاية الحرمان، ولعل هذا سببه أنك عندما بدأت الالتزام لم يكن لديك القدر الكافي من العلم الشرعي، ولذلك كانت مجرد عواطف ومشاعر، وهذه العواطف والمشاعر تتبدل وتتغير وفق الظروف والأحداث التي يعيشها الإنسان.

لذا أنا أنصح -بارك الله فيك- أن تبدئي العودة إلى الله -تبارك وتعالى-:

- بطلب العلم الشرعي في البداية، ففيما يتعلق بالرقائق، لديك كتاب يسمى (البحر الرائق) للشيخ: أحمد فريد، وكتاب (مختصر منهاج القاصدين) وغيره من الكتب التي تتكلم عن محبة الله، والخوف من الله، وخشية الله، وغير ذلك، أيضا من الممكن أن تقرئي في (سير الصالحين) حتى تتعرفي على أعمالهم العظيمة التي كانوا يقومون بها.

- وأن تبحثي إضافة إلى ذلك -بارك الله فيك- عن صحبة صالحة تعينك على طاعة الله وتأخذ بيدك، فأنت تقولين أن الله قد من عليك بمن تأخذ بيدك عندما فكرت في خلع النقاب حتى تثبتك، وثبتك الله حتى وصل الأمر عندك الآن إلى درجة اليقين، وأنه من المستحيل أن تفكري في خلعه، وهذا من فضل الله ومن نعم الله عليك.

- وحاولي أن تربطي نفسك بالأعمال الإسلامية الموجودة، فإذا كان لديكم محاضرات أو ندوات أو دروس في المساجد القريبة منكم فحاولي أن تحضري هذه المحاضرات أو الندوات.

- حاولي أن تستمعي إلى القرآن الكريم بانتظام من الإذاعة، وكذلك بعض المحاضرات والندوات الإسلامية، سواء كان ذلك عبر النت أو التليفزيون إن وجد، أو كان ذلك في الإذاعة أو غير ذلك، المهم أنك لابد أن تبحثي عن مغذيات للإيمان، لأنك تحتاجين الآن إلى مغذيات جديدة للإيمان حتى يثبت الإيمان في قلبك.

- كذلك عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى، ولا تتوقفي.

الذي أنت فيه إنما هو نوع من كيد الشيطان، فإن الشيطان الآن فرح جدا بما أنت عليه من الخذلان والبعد عن الله، ولذلك يحرص على أن يبعدك عن الله شيئا فشيئا، فلابد أن تأخذي قرارا، وأن تتوقفي مع نفسك وقفة، وتجلسي جلسة بينك وبين نفسك بعيدا عن كل أحد، وتقولي (إلى متى سأظل بعيدة عن الله؟ من الآن سوف أبدأ العودة إلى الله تعالى) لا تقولي من غد، وإنما قولي: (من الآن سوف أبدأ العودة إلى الله تعالى) وافتحي المصحف وتوجهي إلى الله تبارك وتعالى بالقراءة، وتوجهي إلى الله تعالى بالدعاء، وحافظي على الفروض، وقاومي -لا بد أن تقاومي-؛ لأن نفسك الآن تمردت عليك، ونفسك لا تريد لك الخير، ولذلك قال الله تعالى: {إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي}، فنفسك الآن مستريحة للغفلة، ومستريحة للبعد عن الله تعالى، ومستريحة لعدم قيام الليل، وعدم صيام النهار، وفي غاية السعادة، ولكن أنت كمؤمنة تشعرين بأنه نقص منك شيء كثير، فلا بد أن تقاومي نفسك.

فعليك بالدعاء: (اللهم ألهمني رشدي، وقني شر نفسي، اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها)، وعليك بالإكثار من الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وعليك بالجانب العملي الضروري، وهو أنك لابد أن تجبري نفسك وأن تكرهيها على الالتزام بالأشياء التي كنت تفعلينها، في أول الأمر سيكون صعبا، ولكن مع الأيام سوف يعينك الله تبارك وتعالى، وسوف يأخذ بناصيتك، وسوف يؤيدك، لأن الله قال: {ويزيد الله الذين اهتدوا هدى} إذا: اشترط الله تبارك وتعالى أن يكونوا مهتدين حتى يزيد هدايتهم، ويقول: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} فلا بد لك من دور إيجابي.

ختاما: استسلامك لهذه الحالة لن يغير من الواقع شيء، لا بد من ثورة قوية عارمة على نفسك حتى يعينك الله ويسددك.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات