السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة، عمري 20 سنة، أدرس في المرحلة الجامعية، تربيت في أسرة محافظة ومتدينة، وكنت في صغري ملتزمة جدا بالأمور الدينية، وبعدها دخلت في أحداث غيرتني وأبعدتني عن ديني وأخلاقي.
فقد كانت البداية عن طريق النت والجوال، حيث تعرفت على شاب لعب بي، وجعلني أصدق بأنه يحبني، دمر حياتي وتركني، فحاولت أن أنتقم منه، وأصبحت أكلم غيره، وبقيت على تلك الحالة حتى ابتعدت عن ربي، وبعدها بسنوات وعيت لنفسي، وانتبهت إلى أني أسير في طريق خاطئ، فتركت كل ذلك الماضي بأخطائه، ورجعت أصلي، ولكن هذه المرحلة كانت مؤقتة، فقد أهملت بعدها صلاتي ودراستي، أعرف بأن ما أفعله يعد خطأ، ولكن لا أعرف كيف أعود لربي، حتى أن الفترة التي عدت فيها لربي لم أكن أشعر بسعادة أو راحة، وكأن ذنبي أصبح وشما لا يزول سواء استغفرت أو ندمت.
صحيح أني تركت الحديث مع الشباب، ولكن لا زلت أؤخر صلاتي أو أجمعها في وقت واحد، وأسمع الأغاني بشكل مفرط، ومبتعدة عن كتاب الله، عدا عن أن مستواي الدراسي متراجع، فأنا لا أنظم وقتي، وأشعر بالكسل، وأتناول الطعام بكمية كبيرة، ومع إدراكي للخطأ الذي أنا واقعة فيه، إلا أنني لا أستطيع تغيير حالتي، فما نصيحتكم لي؟
وجزاكم الله كل الخير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فلسطين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب -بابنتنا العائدة إلى الله-، ونرحب بابنتنا التي شعرت بالخطأ، ونؤكد لها أن الشعور بالخطأ هو البداية الصحيحة للتصحيح، فنسأل الله أن يأخذ بيدك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير.
ونحذرك من اليأس والسلبية، فإن هذا من الشيطان، الذي همه أن يحزن أهل الإيمان، ويريد أن يحول بينك وبين العودة، ويريد أن يوصلك إلى اليأس والقنوط من رحمة الله، وتلك من كبائر الذنوب عياذا بالله.
واعلمي أن البداية الصحيحة قد حصلت -ولله الحمد- بالتوقف، والبداية الصحيحة واضحة بهذا الإصرار، وبهذا الشعور بعدم الخشوع وبعدم التأثر، وهذا لا يمكن أن يأتي بسرعة، ولكن بمزيد من الإصرار، ومزيد من التوجه إلى الله تبارك وتعالى، ومزيد من المحافظة على الصلاة، فافتحي على نفسك صفحة جديدة، وانظري للحياة بأمل جديد وبثقة في الله المجيد، وحاولي أن تعيدي ترتيب حياتك، ونحن معك، والله قبل ذلك معك يؤيدك، لا نريد منك الآن إلا صدق النية، وحسن التوجه، وحسن القصد، وبعد ذلك انتظري التأييد من الله تبارك وتعالى بعد فعل الأسباب، ثم التوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى.
نحن سعداء بتواصلك مع الموقع، وندرك أن النفس التي حملتك للكتابة إلينا، والتي جعلتك تشعرين بالخطر والخلل والنقص هي نفس فيها خير، فقوي هذه الجوانب، واستمري في مسيرة العودة إلى الله تبارك وتعالى، واستري على ما مضى، واجتهدي في طي تلك الصفحة، فإذا ذكرك الشيطان بالماضي وبالتقصير فجددي التوبة إلى الله القدير، وعاملي عدونا بنقيض قصده، فإن الشيطان لا يريد لنا أن نتوب، ولا يريد لنا أن نعود، ولذلك يشوش على الإنسان بهذه الطريقة، ولكن إذا ذكرك الشيطان بأيام الغفلة فجددي التوبة، فإن هذا العدو يندم إذا تبنا، ويتأسف إذا استغفرنا، ويبكي إذا سجدنا لربنا، وقد أخبر العظيم بعداوته لنا فقال: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا}.
فحافظي على ما عندك من الخير، واستمري في مسيرة العودة، واعلمي أن العظيم ما سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه رحيما إلا ليرحمنا، بل إن العظيم يفرح بتوبة من يتوب إليه، بل يبدل سيئات التائبين حسنات، نكرر ونؤكد لك أن الصدق والإخلاص في التوبة يحول السيئات القديمة إلى حسنات جديدة، {فأولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما}.
فلا تحرمي نفسك من رحمة الرحيم الرحمن، والله يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار حتى تطلع الشمس من مغربها، وبعد العودة إلى الله والإقبال على الصلاة يحصل لك تنظيم الوقت، وعندها سيحصل لك النجاح والتفوق.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.