السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا فتاة أبلغ من العمر 29 سنة، خطبت قبل سنتين، ولم يكن الزواج من اهتماماتي، فقد كنت أقول بالمعنى العامي (متى ما يجي يجي)، المهم أنني أثناء فترة الخطوبة لم يكن هناك تواصل بيننا بالطبع، كما أن والد خطيبي توفي، وبعدما انتهت العدة تمت الملكة، وأصبحنا نتواصل بالتلفون والواتس، ولكن كان هناك الكثير من الاختلافات بيننا، لكنها سرعان ما تذوب إما بالاعتذار أو تناسي المشكلة، المهم أنه حصل على وظيفة جديدة، وقبل الزواج بأسبوعين أخبرني بأنه يجب تأجيل الزواج، لأن مكان وظيفتي بعيد جدا، وليس عنده نقود، وقد ذكر هذه الأسباب لأهله وأهلي، وأخبرني بأننا يجب أن نتفاهم أكثر، فقد تضايق من آخر رسالة أرسلتها عندما كنت غاضبة منه، وقد أخبر أمه وأخواته بتلك الرسالة، فتضايقت، وبكيت، ثم أخبرني بأنه يريد السفر لزيارة أخته، فلما سألته هل سيطول سفرك؟ فقال بأنه ذاهب ليتمشى، ولم يتصل علي سوى مرة واحدة، كنت حينها لا أستطيع الوصول للهاتف، وبعدها بشهر لم يكن بيننا أي تواصل.
وبعد 5 أشهر زارني في البيت، وتراضينا، وكنا نتحدث بكل هدوء، ولكن ما إن سألته متى الزواج حتى ثار وغضب، فطلب أخي منه ورقة الطلاق.
في البداية لم يكن يهمني الأمر، ولكنني بعد ذلك بدأت بالاشتياق والحنين له، فلما أرسلت إليه رسالة، أخبرني بأنه سيئ، وأننا لا نصلح لبعضنا، وأنا محتارة، فأهلي يرون بأن الموضوع منته، ولكن لا زال لدي أمل بأن نرجع لبعضنا.
أنا أشعر بأنني تعيسة جدا، وكل الأبواب مغلقة بوجهي، فلا أحد من أهلي راض عنه، وأنا لا أريد سوى هذا الإنسان زوجا لي. أود أن أعرف سبب انتكاسته، ماذا حصل لننفصل؟ ما هذا السوء الذي ظهر فجأة وأصبح يتحدث عنه دائما؟ أريد شرحا بسيطا عن الذي حدث حتى أفهم أن هذه الخيرة، أتذكره بكل مكان وبكل وقت وبكل وجه أقابله، ولا أستطيع نسيانه!
الموضوع لم ينته بشكل رسمي بعد، ولكن أتوقع أنه خلال الأسبوعين القادمين كل شيء سينتهي، عندها لا أعرف ماذا سيحدث لي! دائما أردد: "اللهم رده لي ردا جميلا" فلم أعد أتحمل الحياة بدونه، أحبه وأشتاق له، وعندي يقين بأننا سنعيش متفاهمين، ولكنه يقول: بأننا لا نصلح لبعض.
أريد حلا قبل الأسبوع القادم، ماذا أفعل؟
أرجوكم أفيدوني بإجابة مفصلة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ ب . ع حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على كل أمر يرضيه، ونؤكد لك أن هذه الأمور بقضاء الله وقدره، (وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كل له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن إصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) ونؤكد لك أن مجيء هذا الشاب ورفضه ليس نهاية المطاف، فلا تحملي نفسك طاقته.
نحن حقيقة نقدر مشاعر الود التي أثارها هذا الارتباط والخطبة، ولكننا نؤكد أن الرجل إذا كان سلبيا، ولا يريد أن يقوم بدوره، فنؤكد أن الوضع صعب بالنسبة لك، ومن الأفضل لأي فتاة أن تحسم هذه الأمور من البداية قبل أن يحدث الزواج وتخسر الكثير، وتكتشف أنها أمام شخصية فيها تردد وتقلب، وأمام شخصية لا تملك قرارها، وتتأثر بمن حولها، وهذه مؤشرات ليست فيها مصلحة، ونحب نؤكد لك أن مسألة الزواج بهذه الطريقة نحن لا نريدها لك، فالزواج ينبغي أن يبنى على قواعد ثابتة، وننصحك باللجوء إلى الله، فقلب هذا الشاب وقلوب أهلك بين أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها، ونسأل الله أن يعينك ويلهمك السداد والرشاد.
ونؤكد لك أن لأهلك وجهة نظر، خاصة الرجال، فالرجال أعرف بالرجال، ومثل هذه المماطلة والتأخير هو تضييع للوقت، وأسرة الفتاة دائما لا تتحمل طول فترة الخطبة والتردد والتقلب من الخطيب؛ لأنهم يخافون على ابنتهم، ويريدون مصلحتها، وهذه الفترة التي قضاها معك يضيع عليك فيها فرصا، فكثير من الناس يمكن أن يتقدموا، لكن بمجرد أن يعرفوا أنك مخطوبة فإنهم يبتعدون مباشرة، فليس من مصلحة أي فتاة أن يحصل لها التأخير والتشويش، فكيف إذا عرفوا أنه معقود عليها وأنها متزوجة من فلان، ثم بعد ذلك يتردد هذا الرجل؟!!
وأزعجنا أيضا كثرة الخصام الدائم، وأزعجنا أيضا قصة أنه سيء، وهذا قد يكون فعلا أنه تأثر من الخصام الذي حصل، وهذه الكلمة ترددت أثناء الخصام، فلذلك هو يقول أنه سيء، وعلى كل حال سواء كان سيئا أو طيبا، فالحياة الزوجية تبنى على وفاق وتراض وقناعة تامة بالشريك، ورعاية لمشاعر الطرفين، والإسلام لا يريد حياة زوجية لا تبنى على قواعد ثابتة، والحياة الزوجية إما إمساك بمعروف تنال المرأة حقها، وإما فراق بإحسان دون فضائح وأزمات.
ونؤكد لك أن مرارة الفراق في البداية قد تكون أهون بملايين المرات من الاستمرار، ثم سرعان ما تخرج ويكون بعدها نتائج من الأطفال، ثم تكبر الأزمة وتخرج المشكلة الكبرى، وفعلا عند ذلك ستكون المسألة فيها ضحايا آخرين، ونحن حقيقة لا نريد الطلاق، ولكن المسألة بيد الرجل، ونتمنى أن تتحرك فيه دوافع الخير، ويبدأ بتصحيح الخطأ، وهو الذي يملك الطلاق أو البقاء، ونسأل الله أن يرده إلى الخير مردا جميلا.
ونرجو أن لا تنزعجي أكثر من اللازم، حتى لا تتأثري صحيا، فالحياة أهم شيء فيها هو طاعة الله.
وعليك بالدعاء إن كان فيه الخير أن ييسره الله لك، وإن كان فيه الشر أن يصرفه عنك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.
نسأل الله أن يقدر لك الخير، ثم يرضيك به.