السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة، عمري 20 سنة، ملتزمة، ومحافظة، وأشعر بحرقة شديدة في قلبي تجاه أمتي النازفة المغتصبة؛ مما جعلني أهتم بدراستي التي ستعينني على تحقيق هدفي، وهو الجهاد في سبيل الله، تحت مسمى طبيبة، مع علمي بأن مشوار دراسة الطب طويل جدا، وسيحرمني من كثير من متع الحياة، إلا أن هذا الأمر لا يهمني، وأنا لا أرى أمام عيني إلا أمتي النازفة، وكلمة الجهاد.
إلا أن العائق الوحيد هو أن معاش أبي غير كاف لعائلتي؛ فأمي مريضة -ليس مرضا شديدا-، وينقص بيتنا الدعم المادي قليلا؛ لذلك قررت أن أستشيركم من باب الاستشارة التي تسبقها الاستخارة، هل أقبل على دراسة التمريض التي يمكن أن أجتازها في خلال 3 سنوات، وبذلك أسدد احتياجات أهلي، وأكون ممرضة لأمي وأهلي، أم أدرس الطب لمدة (15) سنة كي أكون طبيبة لأمتي؟
أرجو نصحكم؛ فأنا على مفترق طريق، وعلي أن أسرع باختيار أحد الطريقين، التمريض، أو الطب؟ هل أكون طبيبة لأمتي، أم ممرضة لأهلي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونحيي فيك هذه الروح العظيمة، ونؤكد لك أن الفتاة تستطيع أن تخدم دينها من أي موقع كانت فيه، بل إن الفتاة تخدم دينها مرتين؛ بتمسكها بالدين، وبسعيها لنصرة الدين، وكذلك تستطيع أن تنصر دينها من خلال إتقانها لعملها، ومن خلال الأجيال الذين ستربيهم مستقبلا لتخرج منهم القادة العظام.
ولذلك أزمة أمتنا أزمة قيادة، ونحن نحتاج لمثل هذا الطموح العالي، وأرجو أن نؤكد أن سرعة الإنجاز، وكونك تريدين التوفيق بين حقوق الأسرة وحقوق الأمة؛ هذا هو المطلوب، بل إن خدمتك لوالدتك، وحرصك على علاجها، ومساعدة الأسرة، هذا في الحقيقة يساعد في نصر الأمة؛ لأن هذا من طاعة الله الذي أمرنا ببر الوالدين، ولا تظنين أن الأمة لا تحتاج إلى ممرضات، فالأمة تحتاج إلى الممرض الأمين، وتحتاج إلى الكناس الأمين، وإلى الخبير الأمين، وإلى المعلم الأمين، فما من وظيفة من وظائف الحياة إلا والأمة بحاجة إليها لكي تنهض وتنتصر، وهذا المعنى ينبغي أن يكون واضحا.
ونقترح عليك أن تهتمي بهذا التخصص السريع، الذي يحقق لك القرب من الوالدة، ومساعدة الأسرة، وخدمة الأمة التي تريدينها، ثم بعد ذلك مستقبلا يمكنك تطوير هذه الدراسة إن أردت، وإلا فهذه ثغرة مهمة نحن أيضا نحتاجها؛ فنحن بحاجة لممرضات صالحات، أمينات، ولا يستطيع الطبيب أن يؤدي دوره إذا لم تقم هي بدورها ورسالتها، ولو أن كل واحد منا أتقن عمله في موقعه، وفي مكانه، وشعر أنه على ثغرة من ثغور الإسلام، وراقب الله -تعالى-، وأتقن العمل، فسيكون في ذلك نصرا للأمة، وهذا جهاد من أصعب الجهاد، وهو أن يعمل الإنسان ليلا ونهارا من أجل أن ينتصر هذا الدين، وأن يكون همه هو انتصار هذا الدين الذي شرفنا به، ونحن لا بد أن ننجح في جهاد البناء، والعمران، والإتقان، بالإضافة إلى الجهاد الذي ذكره الله تعالى في كتابه.
والمرأة هي الداعمة الأولى لكل هذا؛ فوراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة، والمرأة المسلمة ضربت أروع الأمثلة في كونها سندا للأمة، وأما للجيوش والقادة، ونعبر عن سعادتنا بهذه الاستشارة التي تثلج الصدور، ونسأل الله تعالى أن يكثر من أمثالك.
نسأل الله لك التوفيق والسداد.