السؤال
السلام عليكم..
أنا فتاة في الثالث الثانوي، أعاني من الوسواس القهري والأفكار المتلاحقة، حتى أنه في اليوم الذي لا تخطر ببالي فكرة أشعر بالاكتئاب، فهذا الوسواس بسببه أسرع بصلاتي، وأفكر بأفكار أخرى.
وبسببه شعرت بالرهاب، فكلما أريد أن أتكلم أمام الناس، أو أن أطرح رأيي، أشعر بأن هنالك من سيقول ما يحرجني، وتأتي لدي أعراض الخجل.
أنا متأزمة من هذه الأعراض التي بسببها صرت هادئة في الفصل، مع أن شخصيتي خارج الفصل تختلف عن داخله، فكل فكرة أشعر بسببها بالاكتئاب، وأفكر لو أنني أموت فهذا أحسن، مع العلم أنني جريئة نسبيا خارج المدرسة، ولا أحب إغضاب أحد، لأنه يأتيني تأنيب ضمير قوي لدرجة أني أصاب بالاكتئاب، ولا أحب أحد يتكلم علي أشعر بالنقص.
أنا غير واثقة من نفسي بسبب هذا الوسواس، ولا أريد أن أهتم بهذه الأمور لأنها تافهة، ولكنني لا أستطيع، ولا أحب أن يفهمني أحد خطأ، فأنا متأزمة بسبب هذا الشيء، وأريد أوضح أمرا أن هذا الوسواس والرهاب جاءني وراثيا، فمشاعري متخبطة، ولا أثق بالناس، ولكن شعوري الأغلب هو أنني لا أثق بنفسي أبدا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زهرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشك كثيرا أن الذي تعانين منه وساوس قهرية؛ لأنك ذكرت أن هذه الأفكار متلاحقة لدرجة أنه إن لم تأت لك فكرة في يوم من الأيام فإنك تحسين بالاكتئاب، وهذه ليست وساوس قهرية، وإنما هذه في الغالب أحلام يقظة متكررة تأتيك في شكل أفكار تسرح في خيالك، وهذه الأفكار يكون فيها ما هو إيجابي، وما هو سلبي في بعض الأحيان، وهذا قد يسبب نوعا من عدم الاستقرار النفسي.
شعورك بالخوف وعدم الطمأنينة أعتقد أنه ناتج من القلق؛ لأن أحلام اليقظة كثيرا ما تكون مرتبطة بالقلق النفسي، والقلق نفسه قد يكون عاديا وطبيعيا وعابرا في مرحلتك العمرية هذه.
وهذه الظواهر التي تدور في خلدك من قلق وأحلام وشيء من الرهبة والاكتئاب النفسي أدت إلى عدم ارتياحك، أرجو أن تغيري من مفاهيمك تماما، أنت لست مكتئبة، وهذا مجرد قلق، وأحلام يقظة متداخلة، فكرة هنا وفكرة هناك، وأعتقد أنه بشيء من التفكر والتدبر ومراجعة الذات، ورفض هذه الأفكار، والاهتمام بأسرتك، والمشاركة في فعاليات الأسرة وأنشطتها، وتنظيم وقتك، والتواصل مع الصديقات الصالحات، وأن تجعلي لك أهدافا جميلة وقوية وتسعين لتحقيقها، وتركزي على دراستك في هذه المرحلة، وتأخذين قسطا من الراحة، من خلال النوم المبكر وتوزعين وقتك وتقسيمه بصورة جيدة، أعتقد أن هذه كله سيجعلك أكثر استقرار.
فهذه الأعراض المتشابكة نحن لا نعتبرها مرضا، وإنما نعتبرها ظواهر، والظواهر أقل من المرض، ولا أريدك أن تضعي في تفكيرك أن الوسواس والرهاب قد جاءك وراثيا هذه الأمراض لا تورث، نعم هناك بعض الجينات البسيطة إذا كانت هذه الحالات توجد في الأسرة عند الوالدين مثلا، ولكن لا نستطيع أن نقول أنها وراثة مباشرة، فكوني إيجابية، وغيري مفاهيمك وقناعتك وسوف يفيدك هذا كثيرا.
من أجل مزيد من الاطمئنان يمكنك التحدث مع أهلك أنك تحتاجين مقابلة الطبيب النفسي مرة أو مرتين، وهذا كل ما تحتاجين إليه، ولا أعتقد أنك تحتاجين لأي علاج دوائي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.