السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة عمري 20 سنة، تبت قبل فترة -ولله الحمد- وبدأت أكثر من الطاعات، ولكن مع مرور الأيام بدأ يصيبني خوف شديد وتعب وخصوصا في الصلاة، عندما أبدأ تكبيرة الإحرام في الصلاة يصيبني تعب شديد في أطراف قدمي، ويدي تبرد بشدة، وأشعر بتنميل فيهما، ودقات قلبي تزداد، وأشعر وكأن ما حولي أصبح مظلما، وبأنه سوف يغمى علي فلا أستطيع الوقوف، أحاول أن أكمل الآية وأركع سريعا، لم أعد أشعر بلذة الصلاة ولا بلذة قراءة الأذكار، ولا قراءة القرآن، أصبحت خائفة من الموت جدا، وبأني سأعذب لأنني مقصرة كثيرا.
بدأت أدرس العقيدة، وبدأ يأتي بفكري بأني لو لم أتعلم أفضل؛ لأني سوف أسأل عن هذا العلم إن لم أنشره، رغم أني أود نشر العلم، لكني أقول بأني لا أعرف ما هي نواقض الوضوء ولا الصلاة حتى، فكيف أنشر هذا العلم؟ وبدأت أتعلم ديني، لكني لا أنشر العلم، فما نصيحتكم لي؟
جزيتم خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تهاني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
طاقة الإنسان ومقدراته تختلف وتتباين وتنقص وتقل، هذه حقيقة، يضاف إلى ذلك أن الإنسان الذي يتجه نحو دينه بكلياته تجد أنه قد بنى قاعدة صلبة وقوية وممتازة توجهه ويسير عليها ليقوم بواجباته الدينية، في بعض الأحيان كثيرا ما تتسلط نفس الإنسان اللوامة عليه بأنه مقصر، وهذا ربما يكون خيرا للإنسان، لكن الضروري والمهم هو أن هذه اللوامة يجب ألا تصل لمرحلة أن تشعر الإنسان بالذنب.
أنت -أيتها الفاضلة الكريمة- بخير، -وإن شاء الله تعالى- سوف تظلين على الخير.
التساؤلات التي تأتيك هي أفكار تخويفية ذات طابع وسواسي، مسائل تدور في خلدك وقطعا هي مزعجة، وهي ملحة وهي سخيفة، والأعراض الجسدية التي تأتي في شكل إنهاك جسدي وتسارع في ضربات القلب في بداية الصلاة، هي حقيقة ناتجة من حالة القلق والوسواس والمسائل الداخلية التي يظهر أنك قد أكثرت منها دون أن تقصدي قطعا.
المبدأ الأساسي: كوني وسطية، أنت -الحمد لله- بخير، استعيذي بالله تعالى من الشيطان، لا تجعلي له سبيلا أبدا في حياتك، وفي ذات الوقت عليك أن تسترشدي برأي الداعيات الصالحات، اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، تواصلي مع أهل العلم، وانتهجي الطريق الذي ترينه يوفي بتشوقك لاكتساب العلم، وفي ذات الوقت لا يكون فوق طاقتك، وأمر آخر هو: أن تحصلي على شهادتك الجامعية، لا بد أن تسير هذه الموازنات الثلاثة مع بعضها البعض، وإن أحسنت إدارة الوقت فسوف تحققين -إن شاء الله تعالى- كل ما تريدين.
نعم اكتساب العلم يتطلب الوقت، وهذا يجب أن تخصصي له وقتا، يجب أن تأخذي قسطا كافيا من الراحة، يجب أن ترفهي عن نفسك بما هو طيب ومباح، يجب أن تكوني مشاركة مشاركة فعالة مع أسرتك، وهكذا. إذا حسن إدارة الوقت هي التي سوف تؤدي إلى التوازن النفسي الذي يجعلك بالفعل تحسين بالرضا، والإشباع في نهاية الأمر.
إذا تكالبت عليك هذه الأعراض واشتدت، هنا أقول لك من الأفضل أن تقابلي طبيبا نفسيا، لأن هذه الحالات في بعض الأحيان تحتاج لعلاج دوائي، أي دواء يزيل المخاوف الوسواسية سوف يكون جميلا ومفيدا لك، مثلا عقار (فافرين) بجرعة خمسين مليجراما ليلا بعد الأكل لمدة ثلاثة أشهر، أعتقد أنه سوف يفيدك كثيرا إن كان هنالك حاجة له.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.
****************************************
انتهت إجابة الدكتور محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
****************************************
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك علو همتك وحرصك على الخير، ونسأل الله تعالى أن يزيدك توفيقا وصلاحا، ولكن هناك وصايا ونصائح نحب أن نقدمها بين يديك، وهي نصيحة من يحب لك الخير ويتمنى لك السعادة، نأمل أن تأخذيها بجد.
أول هذه النصائح -أيتها البنت الكريمة-: أن تحرصي على تعلم ما ينفعك مبتدئة بالأهم، وبعده المهم، ومن أهم ما يجب على الإنسان أن يتعلمه الأحكام التي تتعلق بالواجبات التي أوجبها الله عز وجل عليه، وأهم ذلك أركان الإسلام، تعلم أحكام الشهادتين، وشروطها، وتعلم أحكام الصلاة وما يتعلق بها من شروط كالطهارة، وأحكام الصوم، وأحكام الزكاة إن كان للإنسان مال، وأحكام الحج والعمرة إن كان قادرا عليهما، وهكذا .فابدئي بتعلم هذا، واجتهدي فيه، وواظبي عليه، وسبل تحصيله -ولله الحمد- يسيرة وسهلة.
النصيحة الثانية: أن تعلمي أن إبلاغ العلم ليس واجبا عينيا على كل أحد حتى بعد التعلم، فهو من الفروض التي تجب على الأمة، فإذا قام به البعض سقط عن بعضهم، ولا يأثم الإنسان عن تقصيره في نشر العلم إلا إذا تعين عليه بأن لا يوجد أحد يقوم به، أو سأله إنسان عما يعلم، وأنت لست في شيء من هذا، فأريحي نفسك، ولا تحملي هما وقلقا لهذا، واستعيني بالله سبحانه وتعالى على تحصيل العلوم أولا والتضلع فيها، وابدئي بعد ذلك تعليم من يليك بقربك، مستعملة في ذلك الحكمة والموعظة الحسنة والأسلوب اللين الرفيق، وسيكتب الله تعالى لك خيرا كثيرا.
نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يتولى عونك وييسر أمرك.