مررت بتجربة عاطفية مضطربة فأصابتني بحالة نفسية مزعجة.

0 409

السؤال

السلام عليكم

أنا طالب جامعي، أبلغ من العمر 20 عاما.

أعاني منذ حوالي 6 أشهر من حالة تقلب مزاج، وهو ما يؤثر على نفسيتي وعلى علاقاتي الاجتماعية، أعاني من القلق والتوتر الدائم والجمود في التفاعل، ومن الظواهر الجديدة الرعشة (في الصباح تحديدا) التأتأة والضبابية، وبلادة في التفكير وتنظيم الأفكار (وهذا من أكثر ما يزعجني), والشعور بالتحقير والتفاهة، وتعظيم نقاط الضعف, وفي مواقف المواجهة أكون فاقدا لإيجاد الكلمات المناسبة للرد، وأحيانا أصبح حساسا لدرجة أن أدنى كلمة أو تصرف يهز ثقتي بنفسي.

ما أشعر به تحديدا (السبب المباشر لظهور الأعراض) هو نتيجة تجربة عاطفية مضطربة نوعا ما (كوني شاب متدين لم أعهد تجارب مسبقة في حياتي)، علما أن هذه الحالة كانت تنتابني مسبقا ولكن نادرا جدا ولفترة قصيرة قبيل الامتحان مثلا (يوم أو يومين أو ثلاثة على الأكثر) أما الآن فهي شبه ملازمة لدرجة أني أكون دائما عبوسا وقلقا.

ونتيجة لهذه الحالة حدثت معي تجارب حياتية فاشلة زادت من حدة مزاجي وتقلبي وقلقي، حتى بت أخاف من مطلق المواجهة، وأشكك في قدراتي, أريد علاجا يزيد من تركيزي وثقتي بنفسي، ويقلل من توتري وقلقي بأقل عوارض جانبية ممكنة.

ألفت نظركم أنه منذ سنة إلى الآن نقصت ما يقارب 10 كلغ, إذا كان لهذا أي اعتبار لديكم.

أتمنى منكم إيجاد علاج لمشكلتي، إيمانا مني بحكمتكم، مع الشكر سلفا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سليم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت أخذت وتبنيت المنحى السلبي حول تقييمك لذاتك، ومن الواضح أن الشعور بالتحقير وتعظيم نقاط الضعف هو الذي هيمن عليك، وهذا بالطبع شعور سخيف؛ لأنه إحساس بالفشل، والإحساس بالفشل مخيف، ويؤدي إلى المزيد من الخوف من الفشل، حتى في الخطوات الحياتية ووجباتك البسيطة.

مهما كان سبب الذي حدث، أنت تحدثت عن هذه العلاقة العاطفية، أريدك أن تقيس الأمور بمقياس الروية والحكمة والعقل، ما حدث أيا كانت تفاصيله، أيا كانت أسبابه ضعه في نطاق {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} أو في نطاق: {فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا}.

هذا الأمر قد انتهى وقضي، وأنت شاب الحمد لله صغير في السن، وحقيقة أنت على أعتاب الحياة، فيجب ألا تغلق على نفسك بهذه الشاكلة، والتقييم السلبي للذات ليس أمرا جيدا وليس أمرا صحيحا أبدا، مهما كانت شخصيتك حساسة، مهما كنت سريع التأثر، لكن يجب أن توازن الأمور، وتفهم ذاتك وتدركها بصورة أكثر إيجابية.

الإنسان إذا لم يكن منصفا مع نفسه فهذه علة كبيرة جدا، فالذي أود أن أنبهك إليه هو أن تعيد النظر في تقييم ذاتك، أنا متأكد أنك سوف تجد مميزات كثيرة ونقاط قوة كثيرة جدا، استشعارها والتأمل فيها ومحاولة أن تكون منجزا وتدير وقتك بصورة إيجابية، هذا سوف يبدل مشاعرك، ويجعلها أفضل.

إذا تقييم الذات بصورة أكثر إنصافا وأكثر إيجابية، وعدم الانقياد بالمشاعر والأفكار السلبية، إنما تنقاد من خلال أفعالك وإنجازاتك، والتي يجب أن تقوم بها، وتؤديها مهما كانت المشاعر والأفكار سلبية.

الأمر الآخر هو: أن تسعى دائما لأن تكون لك رفقة طيبة، ورفقة صالحة، وأن تجتهد في مساعيك الدراسية حتى تكون من المتميزين -بإذن الله تعالى-؛ لأن الإنجاز في الحياة يعوض شعور الإنسان بالنقص والنواقص.

أنا أريدك أيضا أن تقرأ عن الذكاء العاطفي أو الذكاء الوجداني؛ لأن الذكاء العاطفي من خلاله يستطيع الإنسان أن يدرك نفسه بصورة إيجابية، ويوجه مشاعره بصورة إيجابية أيضا، حتى يتفهم مشاعر الآخرين، ويستطيع أن يعرف قدر ذاته بصورة صحيحة وسط من حوله.

هنالك كتبا كثيرة جدا، كتبت في السنين الأخيرة عن الذكاء العاطفي، ويمكن أن تجد ما هو متوفر منها.

بالنسبة للعلاج الدوائي: لا أعتقد أنك في حاجة شديدة لدواء أساسي، يمكن أن نقول لك: تناول أحد مضادات القلق البسيطة، وأعتقد أن عقار (دوجماتيل) والذي يعرف علميا باسم (سلبرايد) سيكون مناسبا جدا، تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة خمسين مليجراما، تناولها لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها كبسولة صباحا ومساء لمدة شهر، ثم كبسولة يوميا لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات