السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أنا فتاة عمري 24 سنة، وقعت في حب شاب عن طريق النت، بدأت علاقتنا في الإيميل ثم تطورت إلى المحادثات الهاتفية، لكن بين الحين والآخر أقطع علاقتي به، وجميع وسائل الاتصال بيننا، وأعطيه أعذارا واهية كزواجي من ابن عمتي، لكن ما ألبث أن أعود إليه، وفي كل مرة يؤنبني ضميري على هذا الفعل، وأخشى على نفسي الوقوع في الحرام، وفي واقع الأمر لا أريد الزواج به والاستمرار معه، لكن عجزت وأريد حلا يخرجني من دائرة هذه المعصية، وفعلا يقربني من ربي ويريح ضميري؛ لأنني -والله- تعبت من كثر لوم نفسي وبت أكرهها، ولا أخفي عليكم أنه مرارا وتكرارا يطلب مني أن أريه صورتي، لكنني أرفض، ويطلب أيضا مجاراته في حديثة عن الجنس.
فها أنا ألجأ بعد الله لطلب المشورة منكم، والعون، كيف الخلاص منه والمفر؟ قبل أن يقع الفأس بالرأس.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ضمير حي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكر لك هذا الحرص على التواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يسددك، ونؤكد لك أن الفأس تقع بالرأس عندما يحصل الاستمرار في المعصية والتمادي فيما يغضب الله -تبارك وتعالى-.
ونحب أن نذكر -ابنتنا الفاضلة- بأن العظيم -تبارك وتعالى- يستر على الإنسان ويستر عليه، فإذا لبس للمعصية لبوسها وبارز الله بالعصيان هتكه وفضحه وخذله، فاحذري من مكر الله -تبارك وتعالى-، وتجنبي ما يغضب الله -تبارك وتعالى-، واعلمي أن الله يعلم السر وأخفى -سبحانه وتعالى-.
ونذكرك ابنتنا دائما بأن البنت سريعة الوقوع في مثل هذه المصايد؛ لأنها تصدق الكذابين والأفاكين، وتتأثر بمثل هذا الكلام العاطفي، الذي تفقده غالبا البنات في بيوتهن بكل أسف، ولذلك نحن نذكرك بالله العظيم، وندعوك إلى المحافظة على ما يرضي الله -تبارك وتعالى- من الطاعات والحرص على مراقبة رب الأرض والسموات، الذي لا يغفل ولا ينام، الذي يعلم السر وأخفى -سبحانه وتعالى-.
واعلمي أن أسوأ الناس هم أصحاب ذنوب الخلوات، الذين إذا خلو بمحارم الله انتهكوها، ولا يخفى على أمثالك أن مثل هذه المحادثات لا تجر إلا إلى الويلات، ويتأكد حرمة المكالمات المحرمة أصلا عندما يكون لا هدف للزواج من ورائها، ولا سبيل للوصول إلى العلاقة الشرعية بعدها، وحتى لو كان هناك ما يوصل فإن الممارسة بهذه الطريقة لا تقبل، لأن الإسلام لا يقبل علاقة بين أي شاب وفتاة إلا إذا كانت معلنة، وإلا إذا كانت محكومة بالضوابط الشرعية، وإلا إذا كانت تحت سمع الأهل وبصرهم، وإلا إذا كان هدفها الزواج، وكل ما ذكرناه منفي في هذه العلاقة، وحتى بعد أن يعلم الأهل لا بد أن تكون العلاقة معلنة، وهي ما يسمى بالخطبة، التي نال فيها كل طرف الوفاق وحصلت بعدها الرؤية الشرعية، هذه العلاقة أيضا محكومة بقواعد وضوابط الشرع، فالخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته ولا الخروج بها، فكيف يحصل التواصل وهو أجنبي مائة بالمائة، لا شيء يجمعك معه، والشرع لا يرضى بمثل هذه العلاقة.
نحن حقيقة نحي فيك هذا الشعور، الضمير الحي الذي دفعك للكتابة إلينا، ولكننا نحذر من التمادي، لأنه ستأتي اللحظة التي يسقط فيها الإنسان، اللحظة التي يسيطر فيها الشيطان، لأن الشيطان هو ثالث هذه العلاقة، ونتمنى من الله -تبارك وتعالى- أن يهيأ لك الزوج الحلال الذي يبعدك عن هذه المواطن، وندعوك إلى الاقتراب من أسرتك، والبعد عن وسائل الشيطان وحبائله وشراكه، ومن هذه الشراك الشباب الذين فيهم ذئاب، ورغم أنك تعودين بين الفينة والأخرى، إلا أن الخطورة أكبر على الشاب، فاحذري من مكر الله -تبارك وتعالى-، وتجنبي ما يغضب الله، واعلمي أن الإسلام أرادك مطلوبة عزيزة لا طالبة ذليلة، واعلمي أنه حتى الشاب الذي سيتزوج من الفتاة إذا قدمت له التنازلات فإنه يحتقرها بعد ذلك، فالرجل يهرب من المرأة التي تجري ورائه، ويبحث عن المرأة التي تلوذ بعد الله بإيمانها وبمحارمها، التي تعيش على الأصول، فلا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق الباب، وإلا بعد مقابلة أهلها الأحباب.
فاتقي الله -تبارك وتعالى-، واحذري من مكر الله -تبارك وتعالى-، وسارعي بالتوبة والرجوع، فإن الخسارة كبيرة على من يتمادى في المعصية، ونسأل الله أن يردك إلى الحق ردا جميلا، ونتمنى أن تغيري وسائل الاتصال، وتخلصي من كل ما يذكرك بذلك الشاب، وعليك أن تكلميه بوضوح، إما أن يأتي ليطلبك بعلاقة شرعية، وإما أن يتوقف تماما، وتتوقفين تماما، ولا أظن أنك توافقين عليه أو أن العلاقة ممكنة، فلا يجوز أي نوع من التواصل.
ونسأل الله لك التوفيق والسداد.