السؤال
أعاني من الخوف من التحدث أمام بعض الناس، خاصة في العمل والمناسبات حيث أصاب بربكة وتعرق في الوجه، وقد يكون هناك احمرار في الوجه، وهذه الأعراض موجودة منذ الثانوية العامة تقريبا، ولكني كنت أعتقد أنها مرحلة مؤقتة بسبب الدراسة، وستزول وبالفعل حاولت التغلب عليها، واختفت بنسبة كبيرة، ولكن ما أن يحدث أي موقف وأصاب بالارتباك والتعرق تأتي ذكريات الماضي كلها.
أنا الآن خاطب، وسأتزوج بعد حوالي تسعة أشهر -إن شاء الله- فكيف سأخرج مع زوجتي لزيارة الأقارب، أو التسوق، وأنا دائما قلق وخائف من الارتباك والتعرق والاحمرار؟
أيضا لا يمكنني إمامة المصلين في المسجد أو البيت حتى إن كنا شخصين في الصلاة وحتى إن كانت صلاة سرية حيث أصاب بربكة شديدة، وتتسارع دقات قلبي، وعرق في الوجه، ولا أستطيع نطق سورة الفاتحة حتى بصوت واضح، وأصبحت أيضا أخاف من الذهاب لصلاة الجمعة مبكرا، والجلوس وسط المصلين، بل أنتظر حتى يقوم الإمام بالدعاء، ثم أقوم بالذهاب، وهذا أشد ما يحزنني حيث إنني -ولله الحمد- إنسان ملتزم وأحافظ على الصلاة في المسجد.
أنا أكون مستعدا للذهاب، ومرتديا لملابسي، ولكني جالس في البيت قلق وشيء ما بداخلي يمنعني من الذهاب لصلاة الجمعة مبكرا، وهذا الموضوع تحديدا يسبب لي حزنا وضيقا شديدا أهذا غضب من الله؟
أريد أن أكون إنسانا طبيعيا عاديا، وأحاول كثيرا، ولكن في المواقف التي لا أنجح فيها أشعر بالإحباط.
أرجو تشخيص حالتي مع إعطائي دواء يساعد في التغلب على هذه الأعراض، والشفاء بإذن الله.
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أزف لك بشرى عظيمة إن شاء الله تعالى، وهي أن حالتك بسيطة، وسوف تعالج تماما، وأنا أتفق معك أن العلاج الدوائي يجب أن يكون هو البداية، وبعد ذلك يعقبه التدريبات السلوكية المطلوبة.
إن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا هو الأفضل، وإن لم تستطع فالدواء الذي سوف يفيدك حقا بإذن الله تعالى يعرف باسم (سيرترالين) هذا اسمه العلمي، ويسمى تجاريا (زولفت) أو (لسترال) والجرعة التي تبدأ بها هي نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراما - تتناولها يوميا لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك تجعلها حبة كاملة - أي خمسين مليجراما - تتناولها ليلا لمدة أسبوعين، ثم تجعل الجرعة حبتين ليلا - أي مائة مليجرام - وهذه هي جرعتك العلاجية، بعد أن تكون قد أنهيت الجرعة التمهيدية، علما بأن الجرعة الكلية للزولفت هي مائتي مليجرام في اليوم - أي أربع حبات في اليوم - لكن لن تحتاج لهذه الجرعة أبدا أخي الكريم.
استمر على جرعة الحبتين ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعل الجرعة نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمد شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء، الدواء سليم وفاعل وغير إدماني، وإن شاء الله تعالى سوف يزيل كل ما بك.
الدواء الثاني وهو دواء مساعد يعرف باسم (إندرال)، إذا لم تكن تعاني من مرض الربو، فأرجو أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام صباحا لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناوله، أما إذا كنت تعاني من الربو فلا تتناوله.
إن شاء الله تعالى بعد مضي ثلاثة أسابيع من تناول هذه الأدوية سوف تحس أن حدة الخوف والقلق والتوتر والرهاب قد بدأت تتقلص نسبيا لكنها لن تزول، وهنا تبدأ في فعاليتك السلوكية والتي تتمثل في تحقير فكرة الخوف، سوف تجد أن هذا الأمر ليس بالسهل.
النقطة الثانية هي: ألا تتجنب، ادخل في معترك الحياة، واجه، زر الأصدقاء، الأقرباء، كن في الصف الأول، صل بالناس، لن يحدث لك أي شيء أخي الكريم، كل الهواجس والقلق التوقعي وخوف الفشل سوف يتقلص، ولن يحدث لك شيء أبدا، لن يحدث لك مكروه، هنا أخي الكريم بعد ذلك ابدأ في زيادة معدل المواجهات: زيارة المرضى، ممارسة الرياضة الجماعية مع الأصدقاء، المشاركة في حلق القرآن، الانخراط في الأعمال الاجتماعية والخيرية.
الحمد لله تعالى مجتمعنا وقيمنا وعقيدتنا تحفزنا حقيقة لأن نطبق ما هو سلوكي وحقيقي ويفيدنا في الدنيا والآخرة، يزيل الرهاب والقلق والتوتر، وفيه إن شاء خير الآخرة أيضا.
أما بالنسبة لموضوع الزواج: أقدم على الزواج، ولا تتردد أبدا، والزواج هو أحد مضادات المخاوف؛ لأن من حكمة الله ورحمته بنا أن جعل الزواج أمرا جميلا، ومن أهم مقوماته أن تسكن إلى زوجتك، وتسكن هي إليك، وهذه السكينة هي قمة الروعة التي تحمل جوهر الطمأنينة الحقيقي، فلا خوف أيها الفاضل الكريم.
إذن خطواتك العلاجية واضحة، مرسومة -إن شاء الله تعالى-، ومن جانبي أسأل الله لك التوفيق والسداد.