السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
منذ 3 سنوات أكلم الشباب، وأحس أنهم أصدقائي، أفقدهم وأشتاق لهم رغم أني أندم بكل لحظة، ولكن لا أستطيع منع نفسي، وكلما حاولت الابتعاد اقتربت أكثر، وأنا بطبيعتي أخجل بالمدرسة، وليس عندي صديقات، وأحس بأن هذا هو السبب، أو يمكن لأن أهلي حرموني من العاطفة، فأبي لم يكن يعطيني الحنان، وأمي جاهلة، وأريد أن أربي نفسي، على أخلاق أتشرف بها، فأتمنى أن تقولوا لي السبب والعلاج.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ العنود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا بهذا السؤال.
نعم ربما معك كل الحق في أنك تفعلين هذا بسبب الحرمان العاطفي من أقرب الناس إليك كالوالدين، والإنسان عندما لا يستطيع تلبية حاجته العاطفية فإنه قد يطلبها خارج البيت، وأحيانا يجد نفسه يرتكب بعض الأمور التي لا يحبها ولا يريدها لنفسه.
وأمامك فرصة جدا مناسبة لتغيير هذا، ولتبدئي بالعيش بالقيم والسلوكيات التي تحبين، وخاصة أنك ما زلت في 17 من العمر، حيث الفرصة متاحة لك لاكتساب بعض المهارات الاجتماعية التي تعينك على حسن التواصل مع زميلاتك في المدرسة، ولكن ربما تحتاجين لشيء من الجرأة والشجاعة في هذا.
عندك الآن مهمتان، الأول إقامة العلاقة مع الصديقات، والثاني ترك التوصل مع العيال، وفهمت من هذا أنهم شباب.
حاولي أن تتقربي من الفتيات زميلاتك في الصف والمدرسة، وستجدين أن الأمر ليس بالصعوبة الكبيرة التي كنت تتوقعينها ربما، وفي نفس الوقت توقفي عن التواصل والحديث مع الشباب، وانتبهي بأن بعض الشباب قد يحاول أن يلعب على وتر حاجتك العاطفية، ويسمعك كلاما من أنه لا يوجد أحد يتفهمك ويتعاطف معك، وأنه حتى أسرتك لا تفهمك، والكثير من هذا الكلام لييسر لنفسه السبيل إليك، وليشعرك بأنه هو فقط من يتفهم عواطفك ومشاعرك، حتى يحصل على ما يريد منك.
إن الحاجة لحب الناس وتفهمهم حاجة نفسية أقرها الإسلام، فقد أتى رجل للرسول -صلى الله عليه وسلم- وسأله عن عمل إذا عمله أحبه الناس، والرسول الكريم لم يقل له مالك ولمحبة الناس، وإنما دله على العمل فقال له:" ازهد فيما أيدي الناس يحبك الناس"، ولكن هناك طرق صحية وأخرى غير صحية لكسب ود الناس والعلاقة معهم، فاحرصي على العلاقات التي تنفعك في دينك ودنياك، وما أراك إلا عازمة بعون الله على هذا الخير.
وقد لا يكون الأمر سهلا من المحاولة الأولى أو الثانية، إلا أن عون الله ورعايته لك ستكون معك -بإذن الله-.
وفقك الله، ويسر لك طريق الفلاح في الدارين.
____________________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ مأمون مبيض - استشاري الطب النفسي-.
وتليها إجابة الشيخ الدكتور/ أحمد الفرجابي -مستشار الشئون الأسرية والتربوية-.
____________________________________________
بداية نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، وأن يعينك على كل أمر يرضيه.
لقد سعدنا بهذا التواصل مع الموقع، ونعتقد أن هذه الاستشارة هي بداية التعافي والخروج من هذا المأزق، ونؤكد لك أن في الشباب ذئاب، وأن الفتاة كالثوب الأبيض، والبياض قليل الحمل للدنس، وأمامك كما أشار الطبيب فرص واسعة جدا في التواصل مع الفتيات، بل في الاقتراب من الوالدة، رغم أنك أشرت إلى أنها جاهلة، إلا أنها بفطرتها تدرك حاجة بنتها إلى العطف، فاقتربي من الوالدة، واقتربي من العمة ومن الخالة ومن أسرتك ومن الصالحات من الزميلات، وابتعدي عن هذا الطريق الذي تسيرين عليه، فإن النهاية لن تكون في صالحك، كما أن السير في هذا الطريق الذي فيه أشواك كثيرة سيترتب عليه خلل كبير في حياتك ومستقبلك العاطفي ومستقبلك الأسري.
وأنت -ولله الحمد- شاعرة بهذا، فلسنا بحاجة إلى مزيد من التوضيح، لأن الإثم ما حاك في الصدر وتلجلج فيه، وكرهت أن يطلع عليه الناس، ولعل هذه الدوافع الإيجابية في نفسك، وهذا الشعور بالخطر أو بالخطأ هو الذي دفعك للتواصل مع الموقع، ونحن نشرف بالإجابة والتواصل معك، ونتمنى أن يكون لك تواصلا مستمرا مع هذا الموقع حتى تعرفي حكم الشرع في مثل هذه العلاقة.
فإذن هذه دعوة إلى التوقف فورا، لأن هذه العلاقة لا ترضي الله تبارك وتعالى، وهي محفوفة بالمخاطر وبالشرور وبما لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى من العواقب السيئة، فتوقفي فورا، وأنت -ولله الحمد- تملكين إرادة، واعلمي أن هذا الكلام لا يقدم ولا يؤخر، وأن هؤلاء الشباب لا يريدون بك الخير، فاثبتي على ما أنت عليه، وتمسكي بالدين، واشغلي نفسك بتلاوة الكتاب، وابحثي عن صداقات جديدة في إطار المحارم، في إطار القريبات، ثم في إطار الزميلات، حتى لو كنت تريدين أن تتكلمي مع الشباب فليكن ذلك مع الخال، ليكن ذلك مع العم، ليكن ذلك مع من هم محارم بالنسبة لك، واقتربي من الوالد أيضا، وأشعريه بحاجتك إلى الاهتمام، وأعتقد أن هناك حاجزا وهميا لا بد من كسره بينك وبين أفراد الأسرة، فإن حب البنت وحب الأولاد وحب الجنين أمر فطرت عليه لا أقول الناس بل حتى الحيوانات تحب أولادها الصغار.
نسأل الله تعالى أن يعينك على الخير، ومرحبا بك في الموقع، واتقي الله في أمر من أمورك، لأن المسلمة تحتكم في علاقاتها وفي أحوالها إلى هذا الشرع الحنيف.
فنسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات والهداية.