أعاني من الرهبة والخوف من مقابلة الناس.. فما علاج ذلك؟

0 689

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

دكتور محمد عبد العليم:
لدي مشكلة نفسية تؤرقني وتعيق حياتي، حاولت الذهاب لطبيب نفسي، ولكن لم أستطع، لأن أهلي لم يوافقوا بحجة أني بخير، وأنا في الحقيقة لست موظفة، ولا أملك تكاليف العلاج، لذلك فرحت كثيرا عندما سمعت بك، وكتبت إليك راجية منك أن تساعدني، وسأدعو لك طول عمري.

أنا فتاة عمري 20 سنة، أعاني من صعوبة بالغة في استقبال الضيوف والترحيب بهم ومقابلتهم للوهلة الأولى، وحتى عندما سأذهب لزيارة شخص ما أجد نفس الشعور يلازمني.

سبق وأن تعرضت لموقف، وأعتقد أنه أثر علي وزاد من خوفي، وهو أني مرة ذهبت لأسلم على الضيوف، فأحسست بخوف شديد ينتابني، وشعرت بأني سأبكي، وبكيت فعلا أمامهم، ومن بعدها زاد الخوف عندي، وأصبحت أخاف حتى من مجرد السماع أن أحدا سيزورنا، أو أني سأضطر للذهاب ومقابلة شخص ما، فيزداد خفقان قلبي، وتصيبني رعشة شديدة في أطرافي، وأشعر بأني سأبكي من الخوف، وأكاد من شدة الخوف أن يغمى علي، وكلما أقترب موعد لقائي بهم أو حاولت ألتقي بهم زادت حدة هذه الأعراض، مما يجعلني أعود دربي ولا أقابل أحدا.

ولكن الغريب أن هذه الأعراض تزول تدريجيا وتختفي بعد مرور اللحظات الأولى من لقائي بهم، فأبدأ بالتحدث معهم، ولكن أعراض البداية تجعلني لا أقابل أحدا، وأتهرب من ذلك قدر استطاعتي، وقد قرأت كثيرا وحاولت جاهدة بشتى الطرق معالجة نفسي، وللأسف لم أفلح، لذا أرغب في علاج دوائي يخلصني من تلك الأعراض التي تكاد تقتلني، علما بأني كما -يقال لي دائما- أني أمتلك شخصية جذابة ومؤثرة، وأشعر أن الآخرين يستمتعون حقا بالجلوس معي، وأنا لا أريد أنا تذهب مزاياي وتضيع الفرص مني بسبب تلك المشكلة التي أجزم أنها يمكن أن تعالج وتختفي تماما.

أرجوك ساعدني ولك خالص الشكر والامتنان.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إنسان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على كلماتك الطيبة، وأسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا.

حالتك بسيطة جدا، وكل الذي بك هو ما نسميه بقلق الأداء اللحظي، وأنت بما أنك تمليكن شخصية محترمة وجذابة ومتحدثة، هذا قد يكون السبب الرئيسي في حدوث هذه الضغوطات النفسية عليك، لأنك تريدين أن تحافظي دائما على هذا المستوى الرائع حين تقابلين أحدا خاصة الضيوف.

فالمخاوف التي تأتيك هي مخاوف إيجابية، ولكن تفسيرك لها تفسير سلبي، وهذا التفسير السلبي أدى إلى تضخيمها وتجسيدها لدرجة مزعجة.

التجربة التي مررت بها قد تكون بالفعل حادثة مهمة؛ لأن السلوك الهروبي والتخوفي متعلم، والشيء المتعلم يمكن أن يفقد من خلال التعليم المضاد، وها أنت تقومين بالتعليم المضاد، وهو أن أحوالك تتحسن كثيرا بعد اللحظات الأولى للمقابلات، فيجب أن تحسي بالرضا، ويجب أن تدركي إدراكا تاما أنه لن يحدث لك أي سوء، وأن الأعراض التي تحسين بها هي تجربة خاصة بك، ليست مكشوفة بالنسبة للضيوف.

أنا متأكد أنه لا أحد يلاحظ عليك مشاعرك، لأن المشاعر تستشعر ولا تلاحظ، والذي أنصحك به هو أن تقومي ببعض التمارين في الخيال، ونسميها (تمارين التعرض في الخيال)، تصوري نفسك في موقف يتطلب أن تكوني أنت في موقف يتطلب استقبال عدد كبير من الضيوف أو في حفل مدرسي أو جامعي تقابلين الضيوف وزميلاتك من هنا وهناك، وكذلك بعض الغرباء الذين أتوا لهذا اللقاء الاحتفالي.

يعني أن تضعي في خيالك نوعا من السيناريوهات التي يكون المبدأ الرئيسي فيها هو التعرض، وهذه أمور تحدث في الحياة، وفي الجانب التطبيقي أنا لا أرى أنك سوف تواجهين مشكلة، لأن كل المخاوف التي تأتيك هي مخاوف أداء، مخاوف استعداد، مشاعر أكثر مما هي شيء آخر، فسيري على نفس المنوال، وسيكون أيضا من الجميل أن تتدربي على الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس المتدرجة، شهيق وزفير، عميق وببطء، فيه نفع كبير جدا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أعتقد أنك تحتاجين لجرعات بسيطة جدا من الدواء ولفترة محدودة جدا، وأعتقد أن عقار (أنفرانيل) هذا اسمه التجاري، ويعرف علميا باسم (كلوإمبرامين)، إن تمكنت من الحصول عليه، لأنه رخيص الثمن جدا، سيفيدك جدا، والجرعة هي خمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة ستة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عنه.

أما الدواء البديل فهو الـ (زيروكسات) هذا اسمه التجاري، ويعرف علميا باسم (باروكستين) ويفضل زيروكسات CR، والجرعة هي 12.5 مليجرام، تتناوليها يوميا لمدة شهرين أو ثلاثة، ثم تجعليها حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.

أعتقد أن هذا كل ما تحتاجين له، وأنا مطمئن جدا لحالتك، وهي بسيطة جدا بكل المقاييس الطبية النفسية، وتذكري أن ما تعانين منه له مسبباته وارتبط بظرف معين، ووعي الإنسان وإدراكه حين يتطور يستطيع أن يتوائم مع نفسه بصورة أفضل، كما أن المحددات العلاجي التي ذكرناها لك إن طبقتيها بصورة جادة -وأحسبك كذلك- سوف تستفيدين منها كثيرا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات