السؤال
السلام عليكم
بداية أحب أن أشكركم على موقعكم الأكثر من رائع.
أنا عمري 23 سنة، جامعية، لدي مشاكل مع نفسي، تعبت كثيرا من شخصيتي، فأنا حساسة بدرجة مفرطة، عصبية جدا، وأغضب من أي شيء حتى لو كان تافها، لا أتحمل ولا أطيق شيئا وأبكي بسرعة، لدي الكثير من المخاوف الغريبة، وأنفعل بسرعة ومن أي سبب، وصفاتي بشكل عام:
- قليلة التحمل والصبر، ولا أطيق الاستماع لأحد لفترة طويلة.
- أتوتر من أي شيء، وحالتي أيام الاختبارات يرثى لها، تأتيني نوبات غضب وبكاء، ولا أستطيع أن أعمل تحت أي ضغط حتى لو كان هذا الضغط لا يعتبر ضغطا، وأنفجر بسرعة عند أي تصرف لا يعجبني.
- أعاني من النسيان.
- مزاجي يتعكر بسهولة، ويتقلب باليوم أكثر من مرة وبصورة سريعة وغريبة، مثلا قد أبكي ثم بعد نصف ساعة أضحك.
- كنت أعاني في الماضي من وسواس قهري، لكنه خف بدرجة كبيرة نوعا ما.
- لدي بعض المخاوف التي غالبا ما تكون لفترة محددة، ثم تنتهي لأدخل بمخاوف أخرى.
- أشعر برغبة بالبكاء أحيانا كثيرة، وسريعة التأثر.
- أشعر بالضيق في أحيان كثيرة، متشائمة نوعا ما.
- كسولة.
هذه الأعراض تقريبا لها أكثر من سنتين، وتزداد مع مرور الوقت، لدرجة أني أصبحت أصرخ بوجه أمي وأبي، ولا أستطيع تمالك نفسي، ويصل الأمر إلى أن أؤذي إخواني الصغار جسديا، وأرفع صوتي على أختي الكبيرة، وأمد يدي عليها أيضا، غصبا عني وليس بإرادتي والله.
لا أعرف ماذا أصنع، ولكن لا أرغب بزيارة طبيب نفسي؛ لأني أخاف من فكرة الطب النفسي والأدوية النفسية كثيرا، وقد سمعت أنها قد تسبب انتكاسات أو هلوسة أو أفكارا انتحارية، ولأني أظن أنني قد أتماثل للشفاء من غير أدوية نفسية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا أعتقد أنك تعانين من مرض نفسي حقيقي، أنت مجرد شخص حساس –كما ذكرت–، والحساسية بالفعل تؤدي إلى إفراط العصبية وسرعة الغضب، والذي يجعل الإنسان كثيرا ما يندم على تصرفه في موقف معين، هذه السمات -أيتها الفاضلة الكريمة- من سمات شخصيتك، وهذا النوع من الأعراض يكون أيضا مرتبطا بشيء من عسر المزاج البسيط، والنسيان هو دليل على ذلك، وأعتقد أن حالتك بسيطة في نهاية الأمر.
يا حبذا لو قمت بزيارة الطبيب النفسي، وأنا أؤكد لك أن ما يقال حول الأدوية النفسية معظمه خطأ، مفاهيم ليست صحيحة، مفاهيم مغلوطة، الأدوية النفسية في مجملها أدوية متميزة وفاعلة وساعدت الناس كثيرا، بشرط أن يكون التشخيص من جانب الطبيب صحيحا والجرعة صحيحة، وأن يلتزم المريض باتباع الإرشادات والتعليمات الطبية الخاصة بتناول الأدوية، فلا تنزعجي أبدا، وعلاجك لا أعتقد أنه دوائي بالكامل، هنالك أشياء أخرى كثرة، مثلا أن تتدربي وتتعلمي كيف تعبرين عن مشاعرك أولا بأول، هذا نسميه بالتفريغ النفسي، وهو مهم جدا.
الأمر الثاني: أن تتذكري دائما أنه إذا انفعل أحد الناس في وجهك، هذا لن يكون أمرا مقبولا بالنسبة لك، فكيف تقبلين أن تكوني أنت المنفعلة في وجوه الآخرين؟
ثالثا: التعليمات والمؤدبات للنفس التي استلهمناها من ديننا الإسلامي كافية جدا، أن نكون من الكاظمين الغيظ، وأن نكون من العافين عن الناس، وأن نكون من المحسنين، وأن نعرف أن تبسمك في وجه أخيك صدقة، هذه أمور عظيمة جدا، وفوق ذلك على النطاق الشخصي وجد أن التربية النبوية والعلاج النبوي للغضب هو من أفضل أنواع العلاجات المتاحة الآن، فطبقي ما ورد في السنة المطهرة، ارجعي إلى كتاب الإمام النووي (الأذكار) أو أي كتاب آخر للتأمل والتدبر والتفكر، وتطبيق ما ورد في السنة المطهرة حول التعامل مع الغضب، حين يستشعر الإنسان بداياته يجب أن يغير مكانه، وأن يغير وضعه، إذا كان واقفا يجلس، وإذا كان جالسا يضجع، وهكذا، وتتفلي ثلاثا على شقك الأيسر، وذلك لصرف الانتباه، ويا حبذا لو توضأت وصليت ركعتين، لأن الوضوء يطفئ نار الغضب، الذين طبقوا هذا التمرين استفادوا منه كثيرا، ومجرد تذكره أجهض الكثير من نوبات الغضب بالنسبة للكثير من الناس.
تمارين الاسترخاء مهمة جدا بالنسبة لك. عليك بالتواصل الاجتماعي المتميز مع الصالحات من الفتيات، وبما أنك لا تعملين أعتقد أن انضمامك لمراكز تحفيظ القرآن سيعطيك دفعا نفسيا إيجابيا جدا، لأن الإنسان يتطبع من خلال تعامله مع محيطه، ومجالس القرآن هذه ومجالس الذكر لا شك أنها تحفها الملائكة، ويلتقي الإنسان فيها بالأفاضل والأكارم من الناس كما ذكرت، هذا علاج ضروري جدا.
بالنسبة للعلاج الدوائي، أعتقد أن دواء بسيطا جدا مثل عقار (فلوبنتكسول) والذي يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول) من الأدوية الرخيصة والطيبة والسليمة جدا، قد تحتاجينه بجرعة حبة واحدة، وقوة الحبة نصف مليجرام، يتم تناولها لمدة أسبوع، بعد ذلك تجعليها حبة صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم حبة في الصباح لمدة شهر، ثم يتم التوقف عنه. وإن ذهبت إلى الطبيب النفسي فهذا أمر جيد وأؤيده تماما.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.