السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
كل الشكر والتقدير للقائمين على هذا الموقع الجميل.
سؤالي للدكتور/ محمد عبد العليم: لماذا نجد شخصا ما قادرا على تحمل المشاكل والمصائب بقوة وبدون ضعف، وحتى إن وصلت هذه المشاكل للاشتباك أو الضرب، ونجد شخصا آخر بمجرد وضعه في مشكلة تنهار أعصابه، ولا يستطيع حتى الكلام أو الدفاع عن نفسه؟ أريد تحليلا نفسيا لكلا الشخصين، وما العلاج في حالة الشخص الثاني؟
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
قطعا أيها الفاضل الكريم الناس يختلفون في سماتهم وفي طباعهم وفي أوصافهم، وفي شخصياتهم وفي تفاعلاتهم وفي مزاجهم، هناك منظومة كاملة في الجهاز العصبي، وموروثاتنا من أبوينا، وما يحدث من حولنا من تفاعلات؛ هي التي توجه تصرفاتنا وتفاعلنا مع كل ظرف على حسب ما تقتضيه الحاجة النفسية والجسدية والوجدانية للإنسان، لذا تحدث هذه الفوارق الكبيرة في تحمل الناس للمشاكل والمصائب، وبعض الناس تجدهم انفعاليين جدا كما ذكرت، ولديهم هشاشة نفسية شديدة، لذا تجدهم سريعي الانهيار أمام التوترات العصبية.
إذن أخي الكريم: هذه فوارق خلق الإنسان بها، والسمات التي يحملها كل إنسان نسميها بالعوامل المرسبة، أي التي هي جزء من كيان الإنسان، لكن قطعا الإنسان يمكن أن يعدل من سلوكياته، وذلك من خلال التطبع الإيجابي؛ لأن التطبع والسمات أيضا يمكن أن يتعلمها الإنسان.
هنالك نوع من الشخصيات تكون مقاومة جدا للتغيير والتطبع، مثلا: ما يسمى بـ(الشخصية السيكوباتيه) أو الشخصية المضادة للمجتمع، هؤلاء دائما يلجئون للعنف والتطاول على الآخرين، لا يشعرون بالذنب، ولا يتعلمون من تجاربهم، وهؤلاء قد لا يؤثر فيهم محيطهم تأثيرا إيجابيا مباشرا.
لذا أيها الفاضل الكريم: ونسبة لهذه التباينات في طباع الناس وسلوكياتهم ومقدرتهم ومواجهتهم للمشاكل، يحثنا ديننا الإسلامي الحنيف على أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، وهذا سلوك يمكن أن يتعلمه الإنسان، وقوة الإنسان وتحمله يجب ألا تستغل في المشاجرات وفي الضرب وفي تفعيل المشكلات، أبدا، الإنسان يكون قويا بأخلاقه، بذاته، بطباعه، بصفاته الحسنة الجميلة، ويكون من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، ويكون من المحسنين، هنا تقوى النفس حتى ولو كان هنالك أي نوع من الهشاشة النفسية وعدم التحمل.
كما أن صحبة الطيبين والخيرين ترسل للدماغ إشارات إيجابية جدا، تتمركز هذه الإشارات وتخزن في مناطق معينة في دماغ الإنسان، ومن ثم يتطبع الإنسان عليها.
هكذا (أخي) محيطنا مهم، تفاعلنا معه مهم، استجاباتنا مهمة، وأن يبني الإنسان المنظومة الأخلاقية القيمية الخاصة به، هذا أيضا مهم في كيفية التعامل مع الآخرين.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.