السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب أدرس في الثالث الثانوي، عمري 18 سنة، طبعا مرة من المرات قرأت قرآن عند المدرس، وأحسست بدقات شديدة في القلب، وخوف شديد، وارتجاف لدرجة لم أستطع أن أكمل القراءة، وأصبح لدي خوف شديد من الحضور للحصة بسبب هذه المشكلة، أصبحت أفكر في المستقبل في الوظيفة، كيف سأفعل؟ كيف سأنجح في المقابلة الشخصية؟ وأنا أخاف خوفا شديدا، كيف سأتزوج؟ وأنا أخاف خوفا شديدا.
تعبت في حياتي، ولا أعرف ماذا أفعل؟ أرى إخواني الطلاب يقرؤون بطمأنينة وراحة إلا أنا أنظر إلى إخواني الموظفين، وأنا لا أعلم ماذا سيحصل لي؟ أريد أنا أتعالج- دكتور الله يوفقك-لا أدري هل هو مرض أو توهم؟ لأني أحيانا أدخل الحصة، وأقرأ وأنا مرتاح، وأحيانا لا أستطيع القراءة، وتبدأ أعراض الخوف والرجفة لدرجة أني لا أستطيع أن أكمل القراءة.
منذ 3 سنوات لم أحضر أي مناسبة أو اجتماع، 3 سنوات وأنا في البيت قبل أن تحدث لي المشكلة أصلا، ولكن يوم انقطعت عن العالم، لم أحضر المناسبة، ولم أحضر الأعياد حتى أتتني هذه المشكلة.
أرجو منكم الإجابة عن سؤالي، وأسال الله لكم التوفيق والسداد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا.
ما وصفت من حالة صعوبة قراءة القرآن أمام الطلاب هي حالة معروفة، فموضوع الارتباك أمام الآخرين، وصعوبات الحديث معهم، فإنه لأمر طبيعي أن يشعر الإنسان ببعض الارتباك عند الحديث عندما يكون وسط جمع من الناس.
وإذا اشتدت أعراض الارتباك أمام الناس، وخاصة أنك تشعر بالضيق الشديد وربما بعض الأعراض الأخرى، فالغالب أنها حالة من الرهاب الاجتماعي.
وطبعا لا تعتقد أن من يبدو وكأنه يقرأ من ارتباك وقلق أنه كذلك، فهناك الكثير من الناس من عنده قلق إلا أنهم نادرا ما يتحدثون عنه.
ففي الرهاب أو الخوف الاجتماعي يرتبك الإنسان من لقاء الناس، والنظر في وجوههم، أو القراءة أمامهم، والاجتماع بهم في بعض الظروف الاجتماعية، مع ما يرافق هذا الخوف من الارتباك والأعراض الجسدية الأخرى كالقلق والتنميل والتعرق والارتعاش وضعف التركيز ربما في فهم ما يقال لك، وبالتالي فقد تشعر بعدم الرغبة في القراءة أمام الناس، وبسبب كل هذا فأنت لا تشعر بالثقة الكبيرة في نفسك، مما يجعلك لا ترتاح للاجتماع والتعامل مع الآخرين، وبذلك تدخل في الدائرة المعيبة، وربما تهرب من مواجهتهم ببعض الحجج التي تقدمها للآخرين، فما العمل الآن؟
إن تجنب لقاء الناس، وعدم القراءة أمامهم، لا يحل المشكلة، وإنما يجعلها تتفاقم وتشتد، وتزيد في ضعف الثقة بالنفس، ولذلك عليك العودة للقاء الناس والاختلاط بهم، وعدم تجنبهم بالرغم من الصعوبات، وستجد من خلال الزمن أن ثقتك في نفسك أفضل وأفضل، وستجد مقابلة الناس والحديث معهم والقراءة أمامهم أسهل بكثير مما كانت عليه في السابق.
ويقوم العلاج على مبادئ العلاج المعرفي السلوكي، وذلك عن طريق عدم تجنب القراءة أمام الآخرين لتجنب الشعور بالخوف والارتباك، وإنما اقتحام هذه المواقف والحديث مع الناس، وقد تكون البداية بمجرد القراءة لفترة قصيرة مع مجموعة صغيرة من الناس، وحتى تطمئن للحديث معهم، وما هو إلا وقت قصير حتى تجد أن هذا الخوف قد خف أو اختفى، فهذا العلاج السلوكي هو الأفضل في مثل هذه الحالات، ويمكن عادة أن يشرف على هذه المعالجة أخصائي نفسي يتابع معك تطور الحالة، أو يمكنك الاعتماد على نفسك من خلال تدريب نفسك على هذه المواقف، وأفضل شيء تقوم به هو أن تسجل في أول دورة تدريبية تعرض عليك، وبلا تردد!
وإذا طالت المعاناة، فيمكنك الاستعانة بالأخصائي النفسي في المدرسة فهو يمكن أن يضع لك برنامجا علاجيا، ويتابع معك هذا العلاج.
حماك الله من كل سوء، ويسر لك أمورك.