السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالبة، وعاملة، أشعر دائما بآلام في جسمي في كل مكان، تعبت جدا، بعض الأوقات آلام ليس لها تفسير، منذ سنتين أصبت بجرثومة في المعدة وتعالجت منها، ولكن بدأت معي رحلة الوسواس الذي ينتهي بعض الأحيان بإرادة البكاء.
أهملت نفسي وأهلي ودراستي، ودائما أتردد على الأطباء بكثرة، فقد أجريت لمدة سنتين جميع الأشعة والتحاليل: من تخطيط للقلب، وأشعة للصدر مرتين، وأشعة للظهر، وأشعة للرأس، وتحاليل دم، وتحاليل غدة، وأشعة للبطن، وكلها تطلع سليمة -والحمد لله- والآن أعاني من: حرارة في القلب، ودقات سريعة، وأشعر بتشنجات في الظهر، وكتمة وآلام في القلب خفيفة، أريد الذهاب للطبيب ولكن أمي تمنعني بحجة أني عملت قبل أشعة وتخطيطا، ولكن كان ذلك قبل سنتين تقريبا.
أنا شديدة التوتر حتى عند نومي، أفكر كثيرا، وبعض الأحيان أشعر أني أنام من الألم، أيضا أعاني من القولون الذي سبب لي الوسواس، أخاف من المرض، أخاف من الموت، أكره رؤية المرضى، أشعر أني أعاني مثلهم حياتي جدا مكتئبة، كرهت نفسي.
ساعدوني أرجوكم، ما الحل؟ لقد كرهت التردد على الأطباء، هل هذه آلام القلب وتحتاج عمل تخطيط للقلب؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هنالك حالات أصبحت الآن منتشرة جدا في زماننا هذا، وهي كثرة شكاوى الناس من أعراض عضوية مختلفة دون أن يكون هنالك مرض عضوي حقيقي (آلام هنا وهناك، توترات، قلق، عدم ارتياح، صداع)، هذه أصبحت الآن نمطا من الشكاوى التي نشاهدها كثيرا.
وأعتقد أن أحوال الناس ومشاغلهم، وعدم اطمئنانهم، ومشاكل الهوية والأمور الاقتصادية، والتقلبات الأسرية، وما يحدث في العالم، أصبح هنالك خلل كبير دفع الناس نحو عدم الطمأنينة، موت الفجاءة أيضا له أثر كبير في ظهور المخاوف والأعراض الجسدية، حتى وإن لم يستشعر الناس ذلك، أيضا ما يكتب عن الطب في المرافق الإعلامية المختلفة، المعلومات منها الصحيح ومنها الخطأ، أمور كثيرة مغلوطة... هذا كله قد يؤدي إلى ما نسميه بالمراء المرضي أو التجسيد، بمعنى أن الأعراض الجسدية تكثر دون أن يكون هنالك مرض عضوي حقيقي، والذي أريدك أن تتبعيه هو الآتي:
أولا: من الأفضل أن تكون مراجعتك لطبيبة الرعاية الصحية، طبيبة واحدة محترمة، تقدرك، وتهتم بأمرك، وتفحصك مرة واحدة كل ثلاثة إلى أربعة أشهر، هذا يمنعك تماما من التردد على الأطباء والتوهم المرضي، بشرط أن تسعي أيضا لأن تعيشي أنت حياة صحية، الحياة الصحية تعني: الالتزام بأمور الدين، التنظيم الغذائي، النوم المبكر، إدارة الوقت بصورة صحيحة، الاجتهاد في الدراسة بالنسبة لك، الترفيه عن نفسك بما هو طيب وجميل، والسعي دائما لتطوير ذاتك، وهذا يأتي من خلال اكتساب المعرفة.
ثانيا: البحث عن الأسس التي تقلص وتقلل كثيرا من حديث النفس الذي يجرنا نحو التوهمات المرضية، والشعور بآلام جسدية، وافتقاد الطمأنينة، والتنقل بين الأطباء، فأريد أن يكون هذا منهجك.
ثالثا: أنصحك أيضا ألا تدعي للفراغ مجالا، الفراغ يجعل الإنسان موسوسا وقلقا وخاويا من الناحية المعرفية، وهذه إشكالية كبيرة، واسعي دائما لأن تكوني متميزة ومتفوقة، يجب ألا يكون لطموحاتك سقفا أو حدا، تحركي من خلال مقدراتك لتصلي إلى آمالك.
أنت إنسانة صغيرة في السن، و-إن شاء الله تعالى- أمامك مستقبل طيب، برك بوالديك، ومساهماتك الأسرية الإيجابية أيضا سوف يكون لها وقع ممتاز جدا على نفسك وذاتك؛ مما يجعلك أكثر طمأنينة وتطورا من الناحية الاجتماعية والفكرية.
أيتها الفاضلة الكريمة: ربما تحتاجين أحد الأدوية البسيطة التي تساعد في إزالة القلق والتوتر والمخاوف، وعقار (سيرترالين)، والذي يعرف تجاريا باسم (زولفت) أو (لسترال)، ربما يكون مناسبا جدا، حين تتواصلي مع طبيبة الرعاية الصحية الأولية يمكن أن تصف لك هذا الدواء.
والجرعة المطلوبة في حالتك هي بسيطة جدا، نصف حبة – أي 25 مليجراما من الحبة التي تحتوي على 50 مليجراما – تناوليها يوميا بانتظام لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة – أي 50 مليجراما – تناوليها ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها 25 مليجراما ليلا لمدة شهر، ثم 25 مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول هذا الدواء.
أسأل الله تعالى أن ينفعك بالدواء، وأرجو أن تتبعي ما ذكرته لك من إرشاد، وإن شاء الله تعالى نراك من المتفوقين والمتميزين العابدات الصالحات، بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.