السؤال
السلام عليكم ورحمه الله.
أشكركم على موقعكم الرائع، ومساعدتكم لنا، وجعلها الله في موازين حسناتكم.
أنا أشعر بأمور لا أفهمها أبدا، حيث أشعر بالاكتئاب والحزن، وكثيرا أشعر بعدم الرضا بحياتي ومظهري، وأحيانا أشعر بالرضا، متناقضة كثيرا.
والداي منفصلان منذ صغري، وليس لدي أخوة، أعيش مع والدتي وأخوالي، وكثيرا أفكر بالماضي، ولدي طموح كبير، ولكن تعلقي بالآخرين ومشاعري تجعلني أتدنى من الناحية الدراسية والنفسية، أتعلق كثيرا بالآخرين، وهذا يتعبني، ودائما مزاجي متعكر ولا أستطيع أن أعبر، أتمنى أن أعبر عن غضبي وحزني.
وقد ذهبت للطبيبة النفسية لكنني لم أستطع الفضفضة أبدا، أريد أن أخرج ما في داخلي، ولكنني أخجل، قررت أن أكتب كل ما بداخلي في دفتر وأعطيها إياه، فهل ترونه حلا مناسبا؟ وهل سوف تتقبل هذا التصرف؟
وأيضا أعاني من كثرة التفكير الذي يتعبني، وأشعر بالوحدة رغم أنني لست وحيدة اجتماعيا، أحب العزلة والإنفراد بنفسي والخيال، وأيضا عانيت من مشكلة عاطفية فتغيرت، وأصبحت إنسانة أخرى، كنت متفوقة دراسيا وحيوية وأمارس حياتي بشكل طبيعي، ولكنني أصبحت العكس تماما، حملت نفسي كثيرا من المواد الدراسية، وكرهت الناس، لا أعرف ماذا أفعل أو لماذا أنا متشتتة ومتناقضة ودائما حزينة، وغريبة الأطوار، وقلقة من العلاج النفسي؟
أخاف أن لا أحصل على نتيجة حسنة، وأخاف أن أتعلق بالمعالجة التي تعالجني، وأخاف أيضا من البوح لها، وأخجل وأرتبك، وفي نفس الوقت أرغب بالكلام والإفصاح عن ما بداخلي، عندما أعود من عندها أشعر بالقلق كثيرا والتفكير، ودائما أتحدث مع نفسي، ماذا أفعل؟
أفيدوني رجاء، وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هيفا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.
ما قمت به من خطوات لعلاج مشكلتك يسير في الطريق الصحيح -وخاصة زيارتك للطبيبة النفسية- فلا تستحي من عرض ما يدور في خاطرك فالطبيبة مؤتمنة على أسرارك، فقد تكون استمعت إلى مشاكل كثيرة أعمق وأخص من مشكلتك، فلا بأس من كتابة ما يدور في خاطرك وعرضه عليها، إلا أن الفائدة ستكون أكثر إذا كان ذلك شفاهة لأن ملاحظة تعابير الوجه وطريقة الكلام أثناء الحديث قد تكون لها مدلولاتها في عملية التشخيص والمساعدة، وأيضا لا تخافي من التعلق بالمعالجة؛ فالمعالجة المدربة تستطيع أن تجنبك ذلك بالتركيز على آليات العلاقة المهنية فقط.
فما تعانين منه ربما يكون نوعا من اضطراب المزاج وله أسباب عديدة، وقد يكون المجال النفسي الذي تكون حولك منذ الطفولة لعب دورا كبيرا في النظرة السلبية لنفسك وشعورك بالدونية ونقصان الثقة، والآن -الحمد لله- أدركت ذلك، وهذا نصف علاج المشكلة؛ إذ أن التغيير ممكن إذا فكرت فيه بطريقة جادة.
أولا: نقول لك -يا أختي الكريمة- أنت ما زلت في ريعان شبابك، وما زال المستقبل -إن شاء الله- يوعد بالكثير، وما زالت فرص تحقيق الآمال والطموحات أمامك واسعة، ما بالك بأناس في عمر السبعين وما زال عطاؤهم لم ينضب، ومنهم من حفظ القرآن في هذا العمر، ومنهم من حصل على شهادات الماجستير والدكتوراه في هذا العمر، والأمثلة كثيرة.
فنطلب منك أن تبعدي شبح العجز واليأس الذي خيم على قلبك وفكرك واستبدليه بروح التفاؤل والنظرة المشرقة للحياة، فأنت مؤكد لديك العديد من القدرات، والطاقات فقط محتاجة للتفجير والاستثمار بصورة جيدة و-إن شاء الله- تصلين لما تريدين.
فاخرجي -أختي الكريمة- من هذا النفق المظلم -الذي وضعت فيه نفسك واستسلمت له – فبادري بوضع خطتك وتحديد أهدافك ماذا تريدين؟ وما هو الإنجاز الذي تتمنين تحقيقه؟ وماهي المكانة التي تريدين تبوءها وسط أسرتك ومجتمعك؟ ثم قومي باختيار الوسائل المناسبة لتحقيق أهدافك واستشيري في ذلك ذوي المعرفة والعلم وأصحاب الخبرات الذين تثقين فيهم، وحاولي اكتشاف قدراتك وإمكانياتك التي تؤهلك لذلك، واعتبري المرحلة التي تمرين بها الآن مرحلة مخاض لولادة شخصية جديدة بأفكار ورؤى جديدة للحياة ونظرة جديدة للمستقبل، واعلمي أن كل من سار على الدرب وصل، فقط كيف نبدأ الخطوة الأولى، ونستعين بالله -تعالى- ونتوكل عليه، ويكون لدينا اليقين الصادق بأن كل شيء بيده سبحانه وتعالى، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
نسأل الله لك التوفيق فيما يحبه ويرضاه.