السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو مساعدتي إخواني -جزاكم الله خيرا-.
أنا فتاة أبلغ من العمر 18 سنة، لا أدرس، أحفظ القرآن، وملتزمة في طاعة الله ورسوله وطاعة الوالدين، ولكن عندي مشكلة أني أعصي أبي في أمر" أنه يريد أن يزوجني بأبن أخيه وهو أصغر مني سنا، وبيننا طفولة وذكريات، وكنت أعتبره أخا لي، علما أنه ليس ملتزما، يدرس ويتيم من الأم؛ لأن أباه طلق أمه، وتزوج بامرأة أخرى.
أنا أعيش في أمريكا، وعندي الجنسية الأمريكية، وتقدم لي خمسة أشخاص، وبعد ذلك يفسخون الخطبة، والآن أبي يريد أن أوافق على ابن عمي، وأنا مترددة جدا، واحترت ماذا أفعل؟ وأبي يفعل هذا من أجل مصلحة أخيه وابن أخيه من أجل أن أعلم ابنه، وأعطيه الجنسية الأمريكية.
وهناك أمر آخر لقد كان عمي يريد أختي الصغرى، وليس أنا؛ لأني ضعيفة القلب كان يريدها لابنه، وكان هذا الاتفاق منذ عشر سنين، وبعد أن تم فسخ الخطبة الأخيرة لي قال عمي أريد ابنتك الأخرى.
انشغل بالي أفكر كثيرا، لا أهتم بنفسي، تشتمني أمي لأفعالي، وهذا غصبا عني.
أفيدوني -جزاكم الله خيرا-.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فتاة السنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، وعلى بر الوالدين، ونسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، ونحب أن نؤكد لك أن الشرع يجعل هذا الأمر كاملا إليك؛ لأن اختيار الزوج أو الرضا به أو القبول به، هذا أمر يتركه الإسلام للفتاة وللفتى، وليس للأولياء أن يتدخلوا إلا إذا كان أحد الطرفين ليس له دين وليس له أخلاق، أما إذا وجد الدين ووجد الأخلاق فليس لهم أن يتدخلوا إلا كدور إرشادي، ليس لهم أن يجبروا، وليس لهم أن يمتنعوا، فالأمر برمته متروك لك وللشاب في الجانب الآخر، وهنا نتذكر أن فتاة من الأنصار قالت: (يا نبي الله، إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع به خسيسته وأنا كارهة)، فماذا فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ جعل أمرها إليها -يعني: كيفك، تريدين أو لا تريدي؟- الرواية الثانية: (فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحها) فماذا قالت الأنصارية -رضي الله عنها وأرضاها-؟ قالت: (يا نبي الله، قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن يعلم الناس أن ليس للآباء في الأمر شيء).
وأنت بحاجة إلى أن تدرسي هذه الأمور بكافة أبعادها وكافة جوانبها، فإذا وجدت في نفسك قبولا، أو ميلا، أو يمكن أن تقبلي بهذا الشاب لتنالي مع ذلك رضا الولدين، فالأمر متروك لك، وإن كانت الأخرى، ولم تجدي في نفسك مكانا له، ولم تستطيعي أن تميلي إليه، فعند ذلك لا ننصح بالقبول به، ولا تعتبري عاقة إذا لم تستجيبي لهذه الرغبة، مع أننا نميل إلى الرغبة في الاستجابة؛ لأن هذا فيه مزيد من التواصل بين الأسرتين، ونكرر: هذا الأمر متروك لك، أنت صاحبة القرار؛ لأن الحياة الزوجية مشوارها طويل، ولا بد أن تبدأ برضا تام وانشراح وارتياح ووفاق تام من كافة الجوانب، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على كل أمر يرضيه.
ونتمنى أن تجدي من الأسرة المعاونة والتفهم فيما أنت فيه، وعلى كل حال فينبغي أن تحافظي على مشاعر الطرف الآخر، فإنهم أهل وأرحام، وابن عم المرء فاعلم جناحه -كما قال الشاعر- فهل ينهض البازي بغير جناح، وعم المرأة صنو أبيها.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، ونتمنى أن تدار هذه المسألة بحكمة، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
والله الموفق.