السؤال
السلام عليكم
تحياتي لهذا الموقع الرائع.
مشكلتي هي: أنا آنسة في الخامسة والثلاثين من عمري, متخرجة منذ إحدى عشرة سنة, ولدي خبرة مهنية لمدة سنتين فقط, وبعد ذلك بقيت أبحث عن عمل إلى وقتنا الحالي, ولم أفقد الأمل في الحصول على عمل أحقق من خلاله طموحي, وأستغل فيه دراستي التي درستها.
من خلال بحثي عن عمل أحسست بفراغ كبير وملل؛ مما أدى بي إلى أخذ (كورسات) في الكمبيوتر,
و(كورس) في اللغات لكي أستفيد من وقت الفراغ الكبير الذي لدي, وباقي وقتي أبقى في المنزل أشاهد التلفاز, وأقوم بأعمال البيت, وأتصفح الأنترنت, ولا أخرج إلا للضرورة, مثلا لشراء الملابس أو للبحث عن عمل, أو لعمل مقابلة عمل, أو لشراء بعض المشتريات الخاصة بي.
هذا أدى ببعض إخوتي إلى إبداء بعض الملاحظات التي تضايقني, يقولون لي: أنت لا تخرجين كثيرا, وأنا أحاول الرد عليهم, وأوضح لهم وجهة نظري, وأقول: لماذا أخرج؟ ماذا أفعل في الخارج بدون سبب؟ فيواصلون مضايقتي بهذه التعليقات.
أصبحت أفكر كثيرا بهذا الموضوع, وهذا ما جعلني أفكر في طرح هذا الإشكال عليكم, فهل أنا على حق أم أن ملاحظة وتعليقات إخوتي هي الصواب؟ وهل إذا كانوا هم الصح فهل ممكن أن تعطوني مقترحات من عندكم لكي أخرج إلى الخارج مثلما يطالبونني, وإلى أين أذهب؟ كذلك كيف أستغل وقت فراغي بصورة صحيحة؟ خصوصا انه طال بي المكوث في البيت؟ وإلى أن أحصل على عمل ماذا عساي أن أعمل لكي أبطل هذه التعليقات التي أصبحت تزعجني وتعصبني, وقد جعلتني نوعا ما كئيبة, وغير واثقة من نفسي؟
أرجو منكم أن تنصحوني, وتردوا علي في أقرب وقت؛ لأنني فعلا بحاجة إلى نصائحكم القيمة, وإرشاداتكم النيرة.
بارك الله فيكم, وجزاكم الله عنا كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونؤكد لك أن الأصل هو أن تبقى المرأة في بيتها، ولكن الدين لا يمنعها من الخروج خاصة إذا كان خروجا هادفا، خروجا لصلة الرحم أو خروجا للبحث عن عمل أو وظيفة أو خروجا للمشاركة في أعمال طوعية نافعة أو خروجا لطلب العلم أو خروجا للذهاب إلى مستشفى، أو غير ذلك من الأماكن التي لا يمنع الشرع الذهاب إليها.
ونحن فعلا لا نريد للفتاة أن تحاصر نفسها طالما كان هذا الخروج هادفا وطالما كانت ملتزمة بآداب الزي الإسلامي عند خروجها، وطالما كان الخروج إلى أماكن نظيفة، لا تتأذى فيها الفتاة في دينها وفي أخلاقها، فلا مانع من هذا الخروج، والمطلوب هو التوازن في هذا الأمر.
ونحن نحب أن نؤكد أن الفتاة إذا لم تدخل نفسها في مجتمعات النساء, وتواصلت مع الصديقات, تصل أرحامها, وتذهب إلى مواطن الخير والمحاضرات والمساجد والصلوات؛ فكيف يراها الناس، وكيف تراها من تريد أن تخطبها لأخيها أو لمحرم من محارمها؟ كيف يتعرف عليها جمهور النساء؟ كيف تتعرف عليها الزميلات؟ كيف تزداد علما ومعرفة إذا لم تذهب إلى ساحات العلم؟
ومع ذلك فنحن نؤكد أن المسألة ما ينبغي أن تصل لدرجة الاكتئاب، فأنت على خير وحق، وهم أيضا لهم وجهة نظر، والتوازن والاعتدال في كل ذلك هو المطلوب، فلا تنزعجي من كلامهم، فإنهم يحبون لك الخير، ويريدون لك الخير، واعلمي أن كل شيء يأتي في الوقت الذي قدره الله تبارك وتعالى، والمسلمة تفعل الأسباب ثم تتوكل على ربها الوهاب سبحانه وتعالى.
ودائما عندما نقدم الوظائف أو نبحث عن عمل لا بد أن تكون الصلة بالله وثيقة، ونتخذ الأسباب المطلوبة، ثم نرضى بقضاء الله تعالى وقدره، والله قد يمنع الإنسان من وظيفة أو عمل لمصلحته في الدنيا والدين والآخرة، فالسعيد هو الذي يرضى بما يقدره الله تبارك وتعالى، ونؤكد لك أن لكل أجل كتابا، وسيأتي اليوم الذي تسعدين فيه إن شاء الله، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.