السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة أبلغ من العمر 29 عاما، أعاني من رائحة كريهة في الفم، لدرجة أني أخجل من الكلام مع الآخرين وأحاول الابتعاد عنهم لكي لا يتأذوا من رائحة فمي، علما بأنني أحافظ على نظافة أسناني وفمي دائما -ولله الحمد- لا أشكو من إمساك، لكن الرائحة ما زالت مستمرة.
منذ فترة وأنا ألاحظ نزول قطع صغيرة بيضاء من حلقي، رائحتها نفس الرائحة التي أعاني منها، ودائما أشعر باحتقان ونزول بلغم أصفر وأبيض من حلقي، وأيضا أعاني من احتقان في الأنف، وأحيانا يظهر انتفاخ على الرقبة من الجهة اليسرى تحت الأذن أو نهاية رأسي من الخلف، وبعد فترة تختفي، فهل أعاني من التهاب مزمن في اللوز والأنف، وماذا أفعل، وما الحل؟
أرجو مساعدتي لأنها أصبحت تسبب لي إحراجا كثيران ولم أعد أخرج من البيت بسببها كي لا أؤذي أحدا.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نجوم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا بد في البداية من تشخيص السبب الأساسي لهذه الرائحة، فرائحة الفم الكريهة في حوالي 85% من الحالات سببها الفم نفسه، وهناك أسباب هضمية من المعدة، وكذلك التهابات الجيوب الأنفية المزمنة.
الأسباب الهضمية (مثل الكسل الهضمي، والقرحات الهضمية، والتشمع الكبدي) غير مرجحة لرائحة الفم الدائمة، وهي على الأغلب عند التجشؤ فقط، وهذا لا ينطبق مع ما ذكرته.
لديك مشاكل تنفسية أنفية تظهر بالمخاط الأصفر والأبيض، والذي ينزل دائما من حلقك، وهو قد يكون علامة لالتهابات الأنف، أو تكون الجيوب قد تحسست، فلا بد من إجراء تصوير طبقي محوري بمقاطع جبهية للأنف والجيوب؛ لتحديد كافة المكونات في الأنف والجيوب، وعلاقتها مع بعضها، ووجود سوائل متجمعة في الجيوب، وكذلك وضع فتحات الجيوب الأنفية، وقدرتها على تصريف المخاط المفرز من الجيوب أو إذا كان هناك عائق يمنع ذلك، وهو ما يؤدي إلى تراكم هذه المفرزات المخاطية، ونمو الجراثيم التي تسبب الرائحة الكريهة.
في حال تأكد وجود المشاكل في الجيوب والأنف فلا بد من حلها، وهو في البداية بالوقاية من عوامل التحسس، ثم استخدام بخاخات الكورتيزون الأنفية، ومضادات التحسس الفموية، وفي حال وجود ضرورة فلا بد أحيانا من التدخل جراحيا لتوسيع فتحات الجيوب الأنفية لتسهيل خروج المخاط ومنع تراكمه، وبالتالي يسهل علاج التهاب الجيوب المزمن، وكذلك فقد يلزم إصلاح الوترة الأنفية، أو قطع القرينات الأنفية في حال كونها تسبب انسدادا في إحدى فتحات الجيوب.
أما في حال نفي الأسباب الأنفية لهذه الرائحة، فعندها يجب التركيز على الأسباب المتبقية الوحيدة، وهي الأسباب الفموية، والتي قد تكون بسبب الالتهابات المزمنة في اللوزتين والبلعوم، وأنا أرجح هذا السبب؛ حيث إن وجود علامة ضخامة العقد اللمفاوية في الناحية اللوزية في الرقبة، والقطع البيضاء كريهة الرائحة والتي تخرج من الفم، هي علامة لالتهابات مزمنة في اللوزتين، هذه القطع البيضاء هي عبارة عن طعام متراكم في فتحات جريبات اللوزتين (ثقوب اللوزتين) حيث إنه بعد ذلك تتخمر هذه البقايا، وتنمو فيها الجرائيم الفموية, معطية الرائحة الكريهة.
تعالج اللوزتان بالاستئصال, والبلعوم بالعلاجات الموضعية التي سأذكرها لاحقا أو قد تكون هذه الرائحة بسبب عدم التنظيف الصحيح للأسنان واللثة واللسان، وهناك من الأسباب الهامة لرائحة الفم وجود جفاف الفم (والذي قد يكون لأسباب نفسية متعلقة بالتوتر النفسي، وقد تكون لأسباب التهابية تنكسية في الغدد اللعابية، وكذلك فإن التنفس الفموي يسبب انسداد الأنف المزمن، وجفاف الفم، وكذلك استعمال أدوية معينة، مثل مضادات التحسس، وبعض خافضات الضغط، وأدوية السكري، والاكتئاب، وأيضا من أهم الأسباب في جفاف الفم هو التدخين، والإكثار من القهوة)، فلا بد من إزالة العامل المسبب، واستعادة التنفس الفموي، وعلاج الحالة بحسب هذا المسبب.
بالنسبة لتنظيف الأسنان فلا بد من أن تتخلل فرشاة الأسنان بين كل الأسنان، ولا ننسى الأسنان الخلفية، وكذلك السطوح الداخلية للأسنان، والتي قد يهمل تنظيفها عند استعمال السواك، إذ لا بد من التنظيف في كامل السطوح السنية، بدءا من حافة اللثة، واتجاها نحو حافة الأسنان، وكذلك بين الأسنان باستعمال الخيط، وتنظيف اللثة بفرشاة الأسنان المعتدلة القساوة (الوسط)، كما لا بد من تنظيف اللسان (وهو مهم جدا هنا) بفرشاة اللسان الخاصة التي تباع في الصيدليات، وهذا التنظيف يجب أن يتم بلطف حفاظا على الحليمات الذوقية، وهو يتم بدءا من القسم الخلفي للسان باتجاه الأمام، ونحاول الوصول إلى أبعد ما يمكن من هذا القسم.
ويمكن تطبيق الملح البحري بالإصبع على اللسان بعدها بدون بلعه، ولمدة ثلاث دقائق، ثم المضمضة بالماء، وبعدها إعادة الفرشاة للسان بالطريقة المذكورة، حتى تظهر الطبقة الوردية له، كما يمكن استعمال الغسول الفموي باستخدام كيس سيروم ملحي 0.9% (نصف ليتر) يضاف له ملعقة صغيرة من الصودا (بيكنج صودا) وأربع ملاعق صغيرة من الغليسرين الطبي، ويحرك جيدا، ثم يتم المضمضة والغرغرة به، وهناك غسول آخر يتكون من كيس نصف ليتر سيروم ملحي 0.9%، مع ملعقة صودا صغيرة، مع (10 مل) من سائل الماء الأوكسيجيني (بتركيز 20%).
إن الماء الأوكسيجيني ينتج فقاعات الأوكسيجين ضمن الأثلام العميقة للوزتين واللسان والأسنان، وهذه الفقاعات تدفع فضلات الطعام للسطح؛ حيث يتم التخلص منها، ويمكن بعدها دهن الغلسيرين الطبي بالإصبع على اللسان.
هناك من الغسول أيضا خل التفاح, وفرك اللثة والأسنان واللسان بقشر البرتقال، فهي تعمل من ناحيتين: فاحتواؤها على حامض الستريك يساعد في تقليل البكتريا الناشئة في الفم والمسببة للرائحة، ومن ناحية أخرى فإن أغلب الحمضيات ذات رائحة مميزة، وذات مفعول شبيه بمفعول غسول الفم المنعش.
كما أن الشاي بنوعيه الأخضر والأسود يحتوي على مادة البولي فينول، والتي تعمل كقاتل للبكتريا، والشاي عموما يعتبر مطهرا للفم، وخاصة إذا أضيف له أي من التوابل العطرية، كالقرفة، والهيل، والقرنفل، أو النعناع.
شرب شاي المرمرية (أو الميريمة) أيضا يفي بالغرض في حالة رائحة الفم الكريهة (مع مراعاة عدم الإكثار منه لأنه قد يسبب جفاف الفم لوجود مادة العفص, وهو ما يؤدي للرائحة بدوره).
يذكر أن للبقدونس فوائد أيضا لاحتوائه على مادة الكلوروفيل، والتي تقضي على البكتريا، إضافة إلى كونه مساعدا في تحسين الهضم، مما يعني تقليل الرائحة بطريقة أخرى، خاصة إذا تم مضغه نيئا أو غمسته في القليل من الخل، ويمكنك أيضا شرب عصير البقدونس من حين لآخر لضمان رائحة أفضل لفمك.
ونذكر أن لتناول الأجبان والألبان وخصوصا صباحا دورا في تقليل رائحة الفم، باستعادة التوازن بين الزمر الجرثومية في المجرى الهضمي.
ولك مني الدعاء بوافر من الصحة والعافية.