تؤرقني فكرة الزواج كثيرا وأشعر أني سأبقى عانسا!

0 467

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله أن يمن عليكم بعظيم الثواب على هذا الموقع الرائع, مهما شكرناكم لن نوفيكم حقكم في الشكر.

أنا فتاة سورية عمري 20 عاما, كما تعلمون كم الوضع في سوريا سيء ومتأزم.. اضطررنا أنا وعائلتي للنزوح إلى مصر منذ سنتين ونصف تقريبا.

مشكلتي يا سيدي: العنوسة! رغم أنني صغيرة في السن وأدرس الآن في كليه مرموقة، وأتمتع بالجمال، إلا أنني مقتنعة أنني لن أتزوج!!

كما تعلم أن الزيجات تحدث من مجالس النساء, لكن هنا في الغربة لا يوجد أحد على الإطلاق! أنا فتاة مستقيمة جدا والحمد لله, لا أكلم الشباب إلا في الضرورات القصوى, مع العلم أنني أعرف كيف أتصرف معهم وأضعهم في حدودهم.

والله إنني أكتب هذه الرسالة وأشعر بالحرقة في داخلي، فكلما رأيت عائلة أو زوجين ممسكان بأيدي بعضهما، أو أي شيء يتعلق بموضوع الخطبة، أشعر بأنني سأبكي! وأغضب كثيرا وينقلب مزاجي رأسا على عقب.. تخيل -رعاك الله- حتى إذا كنت بالسوق وصادفت محلا لبيع العطورات ومنتجات التجميل (وكل ما يهدى للمخطوبة), أغير طريقي وأحاول أن لا أعكر صفو مزاجي وتفكيري.

المشكلة أن جميع أفراد عائلتي متخرجون من كليات مرموقة، وفكرة أن أترك الجامعة وأتزوج مرفوضة، وأنا فتاة طموحة جدا جدا ومبدعة في مجالي، ولم يكن يعنيني أمر الزواج إطلاقا، حتى كنت أقول: (لماذا أتزوج؟ سوف أدرس وأبني حياتي بيدي)، لكن يوما بعد يوم -وخاصة بعد دخولي الجامعة- انقلب تفكيري رأسا على عقب، حتى أصبح يشوش على دراستي وتركيزي، وأصبت بالاكتئاب مؤخرا (أتناول البروزاك 20 مل).

لا أستطيع أن أفتح هذا الموضوع مع أهلي، فلجأت إليكم لما وجدته عندكم من رجاحة الرأي، فأنا أعيش في صراعات بين رغبتي في الزواج كأي فتاة تريد العفاف مع عدم توافر الظروف... وبين دراستي وإنهاء الجامعة وطموحاتي الكبيرة.. ما العمل؟

شكرا جزيلا، ودمتم سالمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هندبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك ابنتنا الكريمة في الموقع، ونشكر لك هذا الثناء على الموقع، ونؤكد لك أن هذا واجب علينا، وشرف لنا أن نكون في خدمة أبنائنا وبناتنا، ونسأل الله أن يصلح حال أهلنا في سوريا، ونحن على يقين وعلى ثقة أن سوريا ستعود - إن شاء الله تعالى – إلى وضعها الأول، وسيجمع الله تعالى هذا الشمل، وريثما يحصل ذلك – الذي ننتظره، ونسأل الله تعالى أن يكون نصرا وفتحا قريبا، وأن يزيح كل ظلم وظلمات عن أهلنا في سوريا وعن أهلنا في كل مكان – فإنا ندعوك إلى مواصلة الدراسة بعد أن نؤكد لك أن الرغبة في الزواج مشروعة، وأن سعادة المرأة في أن تتزوج، وسعادة الرجل في أن يتزوج، ولكن هذا الزواج ينبغي أن يكون في وقته المحدد وبتوقيته المناسب، وهذا بتقدير القدير، فالكون هذا – يا ابنتي – ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله.

ومثلك ولله الحمد من تتمتع بهذه المواصفات: من أسرة مرموقة، أعطاها الله تبارك وتعالى جمالا وعلما ومقدرة ومواهبا، مثلك ستتزوج - بإذن الله تبارك وتعالى – وكل فتاة لها رزق مقدر ومحدد لا بد أن تفوز به بحول الله وفضله ومنه، فلا تستعجلي الأمور قبل أوانها، ولا تعكري صفو حياتك بمثل هذا التفكير.

ونؤكد أن المرأة تشتاق والرجل يشتاق، كل يشتاق إلى شقه الآخر، (النساء شقائق الرجال) ولكن ينبغي ألا يشوش ذلك على أمورنا الأخرى، فالحياة ليست زواجا فقط، لكن الحياة عمل، والحياة أمل، والحياة عبادة، والحياة دراسة، والحياة اجتهاد، الحياة تواصل مع الآخرين، الحياة تحوي معاني كبيرة جدا، واحد منها أن تعيش المرأة متزوجة، والسعادة ليست وقفا على الزواج ولا على المال ولا على الوظائف ولا على الشهادات، ولكن السعادة هي نبع النفوس المؤمنة بالله، الراضية بقضائه وقدره، المواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته.

فأرجو أن تغتنمي هذه الفرصة لتتفوقي في دراستك، وسيأتيك ما قدره الله تبارك وتعالى لك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسعدك بالخير.

إذن؛ هي فكرة رائعة ورغبة أكيدة ورغبة تدل على أنك ناضجة وكاملة وعاقلة، ولكن من كمال العقل أيضا ومن جماله أن توضع هذه الرغبة في وضعها الصحيح، وفي توقيتها الصحيح، فاشغلي نفسك بالدراسة، وتجنبي الوجود بين الذكور، وحاولي أن تغضي بصرك، واشغلي نفسك بحب الله تبارك وتعالى، والتأجيل جزء من العلاج الذي ينبغي أن يستخدمه الإنسان، وأنت ولله الحمد نموذج للعفاف والطهر، فاشغلي نفسك بما يرضي الله، واعلمي أن هذه النفس إذا لم نشغلها بالخير شغلتنا بغيره، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد.

وإذا تذكرت مسألة الزواج؛ فتذكري أن هناك قناعات وأن هناك أهدافا أنت تسعين في تحقيقها، الزواج هو واحد منها، وإن كنا نؤكد على أهميته، لكن في توقيته المناسب، والمرأة هي الطرف التي ينتظره الآخرون، وسيأتيك ما قدره الله تبارك وتعالى لك، فلا تحجزي نفسك، وكوني لك مشاركات في المجتمع الذي أنت فيه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لنا ولك الخير.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات