أخطأت كثيرا في حق والديّ وصديقاتي، فكيف أكفر عن ذلك دون أن أصارحهم؟

0 399

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا كنت عاصية لله، ليس عنادا وإنما أخطئ، وجميعنا لسنا معصومين من الخطأ، وكنت عاقة لوالدي وظالمة، ظلمت الكثير من البشر، وفرقت بين الكثير من الأزواج، وفرقت بين صديقات و.....، الكثير الكثير!

أنا أشعر بالذنب، وأحاول أن أتأسف منهم، لكن البعض لن أراه مدى الحياة؛ لأنهن كن طالبات أيام الدراسة، والبعض موجودون وقريبون جدا مني، لكني لا أريد أن أتحلل منهم؛ أخاف أن أخسرهم، وأمي ما زالت على قيد الحياة، وأبي توفي وهو غاضب علي.

السؤال: كيف يغفر لي الله ما مضى بحق الخلق؟ أما بحق الله فأعرف أن الله غفور رحيم، وسيغفر لي إن استغفرته.

أرجو أن تدلوني على طريق بعيد عن التحلل وطلب المسامحة منهم؛ لأن البعض يرفض مسامحتي، ويتعبني تأنيب الضمير، ويخوفني دعاء المظلومين، أريد أن أموت وأرتاح، وأريد أن يرفع الله عني البلاء؛ كوني شمت بالكثير وأضررت بالكثير.

سؤال ثان: إذا عملت الذي ستدلونني عليه، والمظلوم لم يسامحني ودعا علي، ماذا أفعل في هذه الحالة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة، وهذا الحرص الذي دفعك للسؤال، ونشكرك على هذه النفس الحية التي تلومك على التقصير، ونبشرك بأن الله هو الغفور الرحيم سبحانه وتعالى، فلا تحرمي نفسك من الدخول في هذه الرحمة، واعلمي أن الله تبارك وتعالى كما ذكرت {لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى}.

أما حقوق العباد فهي تقوم على المشاحة، والإنسان إذا كان لا يستطيع أن يطلب العفو والسماح ممن ظلمهم واغتابهم، أو كان سيترتب على إخبارهم منكر أكبر، فإنه في هذه الحالة غير ملزم بإخبارهم.

وعليه في هذه الحالة أن يجتهد في الدعاء والاستغفار لهم وتحسين صورتهم، وتجنب الإساءة إليهم، ومحاولة إصلاح ما أفسد، وبعد ذلك ينتظر مغفرة الغفور سبحانه وتعالى، ومعلوم أن أصحاب الحقوق قد يأتون ويطالبون بحقوقهم لكن عندها سيجد حسنات بديلة، وربما كان عفو الغفور أعظم فيطالبهم بأن يعفو، فيعفو عن الجميع، ونسأل الله تبارك الله وتعالى أن يرحمنا برحمته الواسعة.

فإذن عليك أن تحاولي أن تتحللي مما وقعت فيه، فإن لم تستطيعي فعليك أن تجتهدي في أعمال الخير، وتفعلي لهم صدقات واستغفار ودعاء، وعند ذلك لن تخسري؛ لأنهم سيأخذون من هذه الحسنات التي عملتها لأجلهم، وفي هذا دليل على أن الإنسان لا ينبغي له أن يورط نفسه في الذنوب المركبة، والتي فيها حق للعباد ولرب العباد؛ لأنها تجعل صاحبها مفلسا بين يدي الله تعالى.

ونحن سعداء بهذا السؤال، ونبين لك بأن المهم الآن بأن تبدئي من الآن صفحة جديدة، وتكثري من الحسنات الماحية، فإن الحسنات يذهبن السيئات، وكما قلنا بالنسبة لحقوق العباد تجتهدين في رد ما تستطيعين رده، فإن عجزت فأكثري لهم من الدعاء والصدقة والاستغفار وانتظري الرحمة من الرحيم.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات