دائماً أفكر بالآخرين وتفوقهم علي فأشعرُ بالإحباط!

0 329

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود يا رعاكم الله أن أعرض مشكلتي عليكم، واعذروني على الإطالة مقدما.

مشكلتي: أني أفكر بالآخرين في كل وقت، وأنا لا أريد أن أفعل ذلك، ودائما أقارن نفسي بالآخرين فأشعر بالإحباط تارة، وأشعر بالفخر تارة أخرى.

أنا طالب في الجامعة، وقد أثر هذا التفكير على دراستي كثيرا، وأصبحت لا أجد متعة الدراسة إلا نادرا، بعد أن كنت أجدها عند دخولي للجامعة وقبل أن يراودني هذا التفكير.

وصلت لدرجة أني أريد أن أتفوق عليهم، مهما كان هذا الإحساس الذي جعلني أكره أصدقائي وزملائي في الدراسة، وأصبحت أبحث عن مصادر خارجية للمعلومات لا توجد عند أحد منهم؛ لكي أتفوق عليهم.

عند مذاكرتي للمحاضرة المشتركة، وعند حضوري للمحاضرات أجد صعوبة كبيرة في استيعاب المعلومات بسبب هذا التفكير (التفكير بالآخرين أنهم يكسبون المعلومات التي أكسبها؛ لذلك لن أتفوق عليهم بهذه الطريقة)!!

هذا التفكير لم يؤثر على دراستي فقط، بل أثر أيضا على حياتي كلها، أفكر فيماذا يفعل فلان، وما يأكل فلان، وأنا لا أريد أن أفعل ذلك!

وعندما أريد أن أطور مهاراتي الشخصية، كتعلم لغة أخرى مثلا، أو تحسين خطي، أشعر أن هناك من هو أفضل مني في ذلك، وأني لن أستطيع أن أكون مثل فلان في إجادة اللغة الإنجليزية مثلا؛ فأمتنع عن تطوير ذاتي.

ساعدوني يا رعاكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك التوفيق في دراستك.

أولا نقول لك: إن التنافس أحيانا يكون محمودا، وأحيانا يكون مبغوضا، فيكون محمودا إذا كان شريفا لم يصحبه حسد أو غيرة مرضية، ويكون مبغوضا إذا كان عكس ذلك، وصحبه شعور بالعجز.

واعلم أخي الكريم: أن الله سبحانه وتعالي قسم الأرزاق، وفضل بعضنا على بعض في الرزق؛ لحكمة يعلمها هو، وهو العالم بأنفسنا، فالواجب علينا أن نقنع بما قسمه الله لنا من النعم، ونجتهد ونتطلع إلى ما هو أفضل دون التأثر بما يملكه الآخرون؛ وبهذا يرتاح القلب وتطمئن النفس.

فإذا أحببنا الخير للآخرين كما نحبه لأنفسنا نكون قد حققنا شرط الإيمان كما قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) رواه البخاري ومسلم.

فحب الخير للآخرين، ومساعدتهم في الدراسة، بل وإعطاؤهم ما عندنا من معارف ومعلومات؛ يكون سببا في تفوقنا؛ لأن العلم ينمو بالإنفاق ويزداد ويكثر، والله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا، فحسبنا إذا كان المكافيء هو رب العالمين، وحسبنا إذا كان المعطي هو رب العالمين؛ لأن ما عنده لن ينفد، وخزائنه مليئة بكل ما نحتاجه، وهو العدل لا يظلم أحدا.

فلا تقارن نفسك أخي الكريم بالآخرين في أمور الدنيا، ولا تنزعج بما يملكونه من قدرات وإمكانيات، فهذه وهبها الله لهم، وهو القادر على أن يهبك أكثر وأفضل، فالطالب يطلب منه لا من الآخرين، ولا بطريقة التفكير التي تستخدمها أنت.

ينبغي عليك أن تقارن نفسك بالآخرين في أمور الدين، فهذه هي المنافسة المحمودة كما قال الله تعالى: {وفي ذلك فاليتنافس المتنافسون}.

ركز أخي الكريم على ما عندك من قدرات وإمكانيات، وحاول تفجيرها واستخدامها بالطريقة المثلى، وليكن همك هو نجاحك وتفوقك لنفسك ولمستقبلك لا للآخرين، وما قسمه الله لك من خير سيأتيك، وتمنى الخير للآخرين وسيأتيك إن شاء الله مضاعفا.

ونوصيك في الختام بالمداومة على الصلوات وتلاوة القرءان؛ لأنه شفاء لما في الصدور.

وفقك الله وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات