السؤال
السلام عليكم.
نظرا لرفع الظلم وللمصلحة العامة للأسرة، أقدم استشارتي بعد استخارتي، وبالله التوفيق.
سيدي حضرة المستشار: أنا معلمة ومتزوجة منذ خمسة عشر عاما، عشت فيها حياة زوجية ما بين مد وجزر، وأنجبت من الأبناء أربعة، إناثا وذكورا، وحاولت -والله يشهد- أن أرتقي بأسرتي علما وأدبا وأخلاقا ومستوى معيشة، رغم أن الزوج معلم ولكن لم يتحمل من المسؤولية إلا ما تعجز الأنثى عنه، فصبرت وتحملت.
والآن هذا الرجل منذ عامين أو ثلاثة بدأ بالسفر لخارج البلاد دون علمي أو علم أهله، وإذا سألناه قال: لا دخل لك في حياتي، بيني وبينه منزل من دورين، شركاء فيه شراكة مشاعة، والآن أنا تعبت من حمل المسؤولية وتهميشه لي، وعدم احترام مشاعري والنفقة علي وعلى عيالي.
الآن ماذا يمكنني فعله لأحتفظ ببيتي وعيالي ومالي؟ وكيف أرغمه على النفقة؟ وله حرية التصرف في حياته، لكن ليس من حقه أن يستمتع برزقنا ويترك لي مسؤولية الأبناء والبيت، في حالة الطلاق ماذا لي وماذا علي حتى أتخذ قراري على بصيرة؟ والله أسأل أن يبصرنا بالحق ويهدينا سواء السبيل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابنتنا الكريمة- في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونشكر لك هذه المجهودات الجبارة، وهذا الصبر الجميل الذي نتمنى ألا تستعجلي في ختامه بالطلاق، واسألي الله - تبارك وتعالى - لزوجك الهداية، وعليه أن يعلم أن الإنفاق واجب عليه، ونحن نتمنى لبناتنا وللزوجات دائما أن تشعر الزوج منذ البداية بمسؤوليته، لأن بعض الرجال إذا وجد المرأة تنفق وتصرف فهو ينام ويغفل ويتخلى عن مهمته، هذا الواجب الذي نص عليه ربنا في كتابه وبه استحق الرجل القوامة {وبما أنفقوا من أموالهم} [النساء: 34].
فالرجل لا يكون رجلا بمعنى الكلمة بالمعايير الشرعية، بالمعايير القرآنية، يرعى القيم والثوابت، ويرعى أسرته، ويشفق عليهم، ويقوم برعايتهم، إلا إذا كان بهذا المعيار: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}.
فالنفقة واجبة على الزوج، والمرأة لا تفعل ذلك إلا من قبيل إحسانها إن أرادت ورغبت، هذا هو الأصل الشرعي، والمحاكم تستطيع أن تلزم أمثال هؤلاء المستهترين بالنفقة، بل تأخذها عنوة من رواتبهم، ولذلك ينبغي أن تكون الأمور واضحة، وأرجو أن يتحمل مسؤوليته، وأن تعاونيه على تحمل المسؤولية، وفي هذه الحال نحن نفضل الانسحاب التدريجي، بمعنى أنك تحاولين الاجتهاد في أن تأخذي من أمواله، على الأقل يأتي بالأشياء الأساسية، وأن تتفقوا على بعض الأمور، ثم تكملي أنت إن أردت ما نقص من مصروفات الأبناء.
كما أرجو أن يتوجه الأبناء باحتياجاتهم إلى والدهم، فيطلبوا منه أن يوفر ما يحتاجون إليه، ولا نؤيد فكرة الاستعجال بطلب الطلاق، ولكن نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على مزيد من الصبر، ومزيد من الحكمة والتحمل، وكنا نريد أن نسمع عن الأشياء التي يقوم بها هذا الزوج، متى بدأ هذا التغير؟ هل لا يساهم أصلا أم يساهم بالقليل؟ هل لا يساهم لأن عليه ضغوطا وأمواله تضيع؟ وأين تذهب؟ هل تضيع في سفرات؟ ومنذ متى توقف عن الإنفاق؟ وكيف حضوره في البيت؟ وكيف علاقته بأبنائه؟
نحن نحتاج إلى أن ننظر إلى الصورة نظرة شاملة وكاملة، هل هو يصلي ويسجد لله -تبارك وتعالى- أم يا ترى مقصر في الطاعات؟ كيف علاقته بأسرته ووالديه؟ هل عليه التزامات أخرى؟
مسائل كثيرة نتمنى أن تكون الصورة واضحة حتى نستطيع أن ننظر، وعلى كل حال نحن لا نؤيد الاستعجال، ونؤكد أن القرار الصحيح هو الذي ننظر فيه إلى كافة الزوايا وإلى مآلات الأمور وعواقبها، بعض الأزواج إذا طلقته الزوجة أو فارقته في هذه الحالة فإنها تحقق له ما يريد فينحرف ويضيع، وفي النهاية هو أب لعيالك، ينبغي إذا أن نجعل همنا أن نصلحه، رغبة وهداية، ندخله طريقة الهداية، ولأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم، فكيف إذا كان من تهديه هو هذا الزوج -شريك العمر وأبو العيال-؟
نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونتمنى أن تتواصلي معنا بمزيد من التوضيحات، ونسأل الله الهداية للجميع.