وافقت على شاب عن غير قناعة تامة ونفسي تُذكرني بزميل الطفولة!

0 456

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو أن تتحملوا إطالتي للموضوع، ولكن كل تفصيل فيه يهمني ويهم مشكلتي.

عندما كنت صغيرة كنت قد اعتدت على اللعب مع أبناء عمومتي وبناتهم بشكل دائم، وكنت أستمتع بذلك كثيرا، ولكن عندما بلغت، أخبرتني أمي بأنه لا يجوز لي أن ألعب مع الصبيان، ولا حتى أن أكلمهم، فأطعتها فورا دون أي اعتراض، لأن في هذا الأمر عصيانا لأوامر الله تعالى، وأنا لا أريد أن أعصي ربي، فهكذا كنت أفكر.

ولكن هذا الانقطاع المفاجئ عنهم فصلني عن عالم طفولتي الذي كنت معتادة عليه، فاشتقت لطفولتي، واشتقت لأبناء عمي، خاصة أكبرهم والذي يكبرني بسنة واحدة بالضبط، فقد كان له جزء كبير من هذه الطفولة الجميلة.

عندما دخلت المدرسة الإعدادية، كنت محاطة بفتيات مراهقات مثلي، وكنت أسمع على وجه الدوام قصص حب كل واحدة بابن خالتها أو ابن عمها وهكذا، ففسرت اشتياقي إليه على أنه حب، وأخفيت هذا الشعور في داخلي ولم أبحه لأحد.

أثناء كبري استوعبت تدريجيا بأن هذه المشاعر ليست سوى هلوسات واشتياق لطفولتي التي قضيتها معهم، ولكن مع علمي بهذا الأمر فقد كنت دوما أتذكره وأنظر إلى صورنا التي جمعتنا عندما كنا صغارا، وأتخيل أن المطاف سيجمعنا في النهاية معا، ولكن هذا الأمر كان يمر علي بفترات منقطعة، فأجد نفسي تارة أميل إلى ذكراه، وتارة أخرى أحاول أن أقنع نفسي بأنه ليس سوى أخ لي، لا أكثر ولا أقل، وأنه من المستحيل أن يكون هو أيضا يفكر بي بنفس الطريقة، فما الشيء الذي قد يجذبه إلي؟ وما الذي قد يجعله يتقدم لي؟ لا بد من أنه يود تأسيس نفسه، وأن يجد فتاة أخرى تناسبه.

مع كل هذا التفكير انتهى بي الأمر مستسلمة لواقع أنه لا يبالي حتى بوجودي، فقررت أن أكمل دراستي وألا أفكر لا فيه ولا في غيره، وقررت أنني لن أفكر أبدا في موضوع الزواج إلا بعد أن أتخرج من الجامعة.

دخلت الجامعة، واستقر وضعي فيها ولم يتبق لي سوى سنة واحدة -بإذن الله- حتى أتخرج، ولكن الآن تقدم إلي شاب يكبرني بخمس سنوات، محافظ على دينه، وخلوق في علاقاته بالناس، والكل يشهد بحسن سيرته، كما أنه مستقر في عمله وشغله، وكما يقول البعض "رجال ما ينرد"، أي أنه حرام علي أن أفرط فيه.

رفضته في البداية بحجة دراستي، ولكنهم طلبوا مني إعادة التفكير في الموضوع، لأنه "رجال ما ينرد"، فرفضته مرة أخرى لأنني لا أعرفه ولا أعرف عنه أي شيء، كما أنني لا أحبذ فكرة الزواج التقليدي أو المدبر من قبل العائلات، فلطالما تمنيت ألا أجمع إلا بشخص أعرفه ويعرفني، يعرف شخصيتي وأعرف شخصيته، لا أقصد العلاقات المحرمة، ولكن على الأقل أن يكون عندي وعنده تصور عن شكل العلاقة التي من الممكن أن تنشأ بيننا بعد الزواج، فرفضته ثلاث مرات، ويرجع أهلي ليطلبون مني أن أعيد التفكير في الموضوع، أخبرت أمي أنني سأفكر بالموضوع إذا عرفت عنه أكثر، فجلبوا لي صورته، ووصفوا لي شخصيته، وأخبرت أمي أهله بأني موافقة مع أنني لم أقر بهذا الأمر.

استسلمت للموضوع لأنه لم يكن عندي سبب مقنع لرفضه، كما أنني لم أجد به أي عيبا، فسايرتهم، وصليت الاستخارة، وجاء أهله معه للنظرة الشرعية، والتي لم أستطع فيها حتى رفع عيني لرؤية ثوبه.
جلس لمدة دقيقة، ثم طلبوا مني الخروج، وكأني سلعة جاء ليفحصها قبل شرائها، آلمني الأمر، كما أنني لم أرتح لوجودي مع غرباء، فأنا لست معتادة على الجلوس مع الغرباء والحديث معهم بسهولة مهما كانت درجة تدينهم أو اعتدال شخصيتهم، وهو عيب فيي، وأنا أعرف ذلك، ولكنها شخصيتي، وليس هذا شيء أستطيع التحكم به.

المهم أنه وافق علي، وردت عليهم أمي كذلك بالموافقة، مع أنني أخبرتها بأنني لم أر ولا حتى جزءا منه، فأخذت الأمور مجراها، والآن يجب أن نخضع لفحص ما قبل الزواج.

الكل في عائلتي الآن سمعوا بالخبر، والجميع سعداء به، وبدؤوا في التجهيز للاحتفال من الآن، مع أن الكل من حولي سعيد لأجلي؛ إلا أنني لا زلت أشعر بوجود شيء ناقص، لا أشعر بالسعادة مثلهم، لست مرتاحة للأمر، فأنا مقبلة على شيء مجهول تماما، ولا أعرف ما القادم!

ولكن البارحة عندما كنت مع عمتي، وهي قريبة جدا مني كأنها صديقتي، وهي كذلك قريبة جدا من ابن عمي وكأنه ابنها، قالت بأنها عندما أخبرت أهلي (عمي وزوجته وأبناءه) أنه حزن جدا، لأنه كان يريد أن يتقدم لخطبتي عندما ينتهي من دراسته ويستقر، وقد قام بلومها لأنها كانت تعرف بنيته، ولكنها لم تحاول أن تخبرني أو تخبره من قبل، أخبرتني بهذا الأمر كمحاولة منها للتخفيف من تأنيب الضمير الذي تشعر به، فأخبرتها بأنه ليس عليها أن تقلق لأنه ليس سوى أخ بالنسبة لي، وأنني أتمنى له كل التوفيق، أخبرتها بهذا الأمر لأخفف من شعورها بتأنيب الضمير، ولكن في قرارة نفسي تألمت، لأن كل تلك الذكرى رجعت، واكتشافي بأنه كان يبادلني المشاعر حطمني وخيب آمالي، ربما كان ينبغي علي أن أكون صارمة في قراري أكثر.

الآن أعتقد بأنه كان ينبغي ألا أسمح لوالدتي بالموافقة، فأنا لا أزال أحبه، ولا أزال أريد ألا ينتهي بي المطاف إلا معه، ولكني لا أعرف كيف بإمكاني رفض الشاب المتقدم لخطبتي دون جرح مشاعره، ودون أن يعلم أهلي بالأمر الحقيقي وراء رفضي التام، كما أنني لا أعرف ما هو الأخير لي؟

أنا مترددة جدا، ولا أعرف ماذا أفعل؟ وأنا حائرة جدا في أمري، أحتاج لاستشارة أحدهم، فأرجوكم أخبروني ما العمل؟ لا أريد أن أظلم الشاب المتقدم ولا أريد أن أظلم نفسي.

أسأل الله السداد لي ولكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ birdy حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا التواصل، وقد أسعدنا حسن العرض للمشكلة، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

بداية: نحب أن نؤكد لك أن هذا الشاب الذي ليس فيه عيب يرد لأجله، هذا الشاب الذي أجمعت العائلة على أنه فاضل وخير، هذا الشاب الذي أصر مرارا رغم رفضك إلى الدخول إلى حياتك، هذه كلها مؤشرات ومؤهلات جيدة تؤهلك لأن يكمل معك المشوار.

وكم تمنينا لو أن العمة لم تذكر لك ما حصل، وحقيقة كان ينبغي للعم إذا أراد أن يتقدم قبل ذلك، ولكننا أيضا نريد أن نؤكد لك أن المؤشرات وأن العلامات وأن الاستخارة التي قمت بها فيها دلائل على أن الحياة الجديدة ستكون مليئة -بإذن الله- بالتوفيق والخير، ولا نرى سببا واحدا للتردد لأجل شاب سينتظر سنوات، ولا شك أن العم وأسرته وذلك الشاب سيفرحون بسعادتك، ومعلوم أن الفتاة قد لا تنتظر سنوات طويلة حتى ينتهي الشاب من الدراسة، وحتى يهيئ نفسه، وحتى وحتى..، يعني أمور كثيرة.

ولذلك: الرأي عندنا ألا توقفي هذه العلاقة الجديدة، خاصة بعد الكلام الواضح الذي أسمعته للعمة التي تكلمت معك، ونحب أن نؤكد أن مجرد المشاعر المذكورة لا تكفي لأن تكون دليلا على الحب، بل هي دليل على الإعجاب، ربما إعجاب كل طرف بالآخر، رغبة كل شاب في بنت عمه، ورغبة كل بنت عم في قريبها، ولكننا نؤكد أن القاعدة في الزواج هي: صلاح الزوج، دين الزوج، أخلاق الزوج، وهذه مؤهلات يبدو أنها واضحة.

فنحن نقترح عليك أن تقبلي على حياتك الجديدة، وأن تحاولي أن تتعرفي على الكثير من صفات هذا الشاب، وتجتهدي في أن تتأقلمي معه، ولا شك أنه حصل عندك ارتياح بعد أن رأيت صورته، وبعد أن حصلت النظرة الشرعية واللقاء الشرعي.

مرة أخرى: نؤكد أن أهل الفتاة هم أحرص الناس على مصلحتها.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونؤكد لك أن الكلام الذي صدر من ابن العم ومن العمة هو إلى الآن يظل كلاما، فلا يمكن أن يقف في وجه شاب تقدم بطريقة رسمية وجاء للبيوت من أبوابها، وأعطت الأسرة الموافقة، وبدأ الناس يتجهزون للمناسبة، فإيقاف هذا المشروع أمر لا يرضاه الإنسان لنفسه، ولا لأخته، ولا لقريباته، فكيف نرضاه للآخرين؟

ومن هنا فنحن نشجع الاستمرار في هذا الطريق، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات