السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
لا أعرف صراحة كيف أشرح لكم الموضوع، فهو طويل سأحاول الاختصار.
عندي طفل عمره أربع سنوات، عنده خوف شديد جدا من كل شيء تقريبا، أكثر شيء يخاف منه الأصوات العالية، فعندما كان صغيرا كنت أصرخ على أخته فسببت له الرعب من الأصوات العالية، وإذا خاف يبكي بشدة ويرتجف.
ولونه أصفر، وعيونه غائرة للداخل، وتحتها سواد شديد ونحيل، حيث أن وزنه اثنا عشر كيلوجرام، مع أن شهيته مفتوحة، ويأكل كل شيء -ما شاء الله-.
عرضناه على الطبيب لمشكلة صفار جسمه، وفحص أظافره، وعيونه من الأعلى داخل الجفن، وقال هذا ليس اليرقان، وطلب مراقبة بوله إذا أصبح مائلا للبني، ولكن بوله عادي، لونه أصفر فاتح.
وكان يدافع عن نفسه إذا تعرض للضرب، ولكن الآن بدأ يتصرف عكس ذلك، حيث تعرض قبل أيام لعض من طفل أصغر منه عمرا، فقد قام بعضه بشكل فظيع في كل مكان من جسمه، وتلونت العضات، ولم يدافع عن نفسه أبدا، ومن قبل صرخت أم هذا الطفل عليه، ثم أصبح يخاف منه جدا.
كلامه غير مفهوم، دائما يبكي ولا يسكت بسهولة، إذا رقيته يتحسن قليلا، وإذا تركت الرقية رجع إلى وضعه، سريع الحفظ، يحفظ عددا من سور القرآن، يفهم جيدا، لكن مشكلته التخاطب، لا يعطي معلومات مفهومة ولا يمكن التحدث معه جيدا، لا أعلم كيف أحل مشكلته التي أنا سببها من الأول، كيف أساعد ابني؟ فوالله إن حالته تحطم القلب، هل هناك برنامج للرقية أطبقها، أم ماذا أفعل؟ أريد إجابة مفصلة إذا سمحتم، علما أن والده يرفض عرضه على رقاة أو أطباء نفسيين، وهل نبات العصفر مفيد لعلاج الخوف؟ وكيف يستعمل؟
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.
وبخصوص ما ورد برسالتك فإني لا أستبعد فعلا أن يكون هناك شيء قد دخل في ولدك، وذلك نتيجة الصراخ الشديد الذي كنت تقومين به في وجهه أو أمامه، وترتب عليه خوفه الشديد الذي بدأ يظهر عليه واضحا، لأن الشيطان عادة يدخل إلى جسد الإنسان في عدة حالات منها الخوف الشديد والفرح الشديد والحزن الشديد والغضب الشديد، فلعل هذا الطفل المسكين قد اعترته نوبة خوف شديد ترتب عليها دخول بعض هذه الكائنات الضارة إلى جسده، والدليل على ذلك أنه يتحسن عندما تقرئين عليه الرقية.
ولذلك أقول -بارك الله فيك- إضافة إلى ما سوف يذكره الأخ المستشار النفسي – حفظه الله – أرى أن تجتهدي في تحفيظ ولدك الرقية الشرعية، أقصد أذكار الصباح والمساء، لأنها جزء من الرقية، خاصة (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحا ومثلها مساء، كذلك (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات صباحا ومثلها مساء.
وحاولي -بارك الله فيك- أن تقومي برقيته ما دام والده يصر على عدم ذهابه إلى الرقاة، وإن كان هذا موقفا خاطئا، لأنه قد لا يكون في مقدورك التعامل مع الحالة؛ لأن الأمر ليس سهلا، وليس كل راق يصلح لعلاج الحالة، بل إن كبار الرقاة أحيانا لا يستطيعون علاج حالة بسيطة، لأن هذا توفيق من الله -سبحانه وتعالى-، وهي أرزاق، ولذلك عليك الاجتهاد في إقناع والده قدر الاستطاعة بضرورة الاستعانة بعد الله -تبارك وتعالى- بأحد الرقاة الشرعيين الثقات، خاصة وأن هذا طفل، فليس هو امرأة وليس طفلة صغيرة ولا توجد هناك عورة، فهذا الإصرار أعتقد أنه نوع من عدم التوفيق، لأنه لا يوجد له داع أبدا ولا مبرر مطلقا.
ولكن في جميع الأحوال أنت تستطيعين -بارك الله فيك- عن طريق الكتب أو الكتيبات أو المطويات التي توجد بها الرقية الشرعية أن تقومي برقية ولدك قدر الاستطاعة، ولا مانع من تكرار الرقية أكثر من مرة في اليوم الواحد، لأن الرقية هي نوع من العلاج الرباني، وهي قطعا إذا لم تنفع فيقينا لن تضر، وكذلك لا مانع أيضا من تشغيل الرقية الشرعية في المنزل كله، فإنه سوف يفيدكم جميعا، سوف يفيدك أنت شخصيا، وزوجك وأولادك، ويطهر البيت من أي اعتداء من عالم الجن على الأسرة أو المنزل، وأنصح بالاستماع إلى رقية الشيخ محمد جبريل - هذا القارئ المصري – وهي موجودة في الأسواق في المكتبات الإسلامية، وكذلك لو كتبت في موقع البحث على الإنترنت (الرقية الصوتية للشيخ محمد جبريل) فسوف تظهر أمامك، وتجعلينها تعمل في البيت، وهي مفيدة جدا ونافعة ومؤثرة للغاية، وسيزيد بها الإيمان -بإذن الله تعالى- .
فاجعلي هذه الرقية الصوتية التي أشرت إليها تعمل في البيت ويكون الصوت مرتفعا، ولا يلزم أن يكون الولد جالسا أمامها، وإنما المهم أن يكون الصوت ظاهرا في المنزل، أما الرقية الشرعية إذا قمت برقيته فلا بد أن يكون الأمر عليه مباشرة، وكما ذكرت عليك -بارك الله فيك- أن تكرري الرقية أكثر من مرة، لأنها نوع من الدعاء والإلحاح على الله -تعالى-.
كذلك عليك بالدعاء والإلحاح على الله -تبارك وتعالى- أن يشفيه الله -تبارك وتعالى-، وحاولي قدر الاستطاعة القرب منه واحتضانه، وغمره بالحب والعواطف، وتكرار كلمة (أنا أحبك يا ولدي) كثيرا، تستطيعين أن تقولي هذه العبارة لطفلك الصغير حتى تشعرينه بالأمان وأنك معه، وأنك متأثرة لتأثره، ولا تحاولي أن تجعلي أحدا من الأطفال يتندر عليه أو يهزأ أو يسخر منه نتيجة عدم قدرته على إخراج الكلمات بطريقة صحيحة، لأن هذا الأمر أيضا قد يسبب له انتكاسة، وإنما حاولي أن يكون الأمر طبيعيا، وإذا كان هناك أحد من الأطفال فلا داعي أن تجعليه يتكلم أمامهم حتى لا يقع في الإحراج، وإنما إذا كان بينك وبينه حاولي أن تتدرجي معه وأن تصبري عليه، وأن تشعرينه بأنه طبيعي وأنه شخص عادي، وأنه إنسان ممتاز، وأنه سوف يتحسن إلى الأفضل -بإذن الله تعالى- وأنه إذا سمع كلامك فسوف يستفيد -بإذن الله تعالى- وحاولي أن تتكلمي معه، تعطينه مساحة أكبر من الكلام معه بصفة خاصة، حتى يكون كما لو كان نوعا من التدريب على الكلام بعيدا عن أي حرج.
أسأل الله أن يشفيه، إنه جواد كريم.
--------------------------------------------------------------
انتهت إجابة: الشيخ موافي عزب -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-،
وتليها إجابة: د. مأمون المبيض -استشاري الطب النفسي-.
--------------------------------------------------------------
شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا.
لا أعتقد أن مجمل ما يعاني منه طفلك سببه فقط صراخك أمامه، وإن كان لهذا طبعا بعض الآثار الضارة مما يمكن يفسر بعض المخاوف الموجودة عنده، وإن كان الخوف عند الأطفال منتشرا جدا، بل قد يكون هو الأصل، فمن النادر أن نجد طفلا لا يخاف من شيء، فلا يفيد الشعور بتأنيب الضمير، والتغيير ممكن بعون الله.
وما يقلق أكثر هي بعض الأعراض التي ورد في حنايا سؤالك، مثل أن كلامه غير مفهوم وصعوبة التفاهم معه، عموما سواء اللغة التعبيرية عنده أو الفهم، وكثرة البكاء وقلة الوزن وصغر النمو مع أن شهيته للطعام جيدة، وحساسيته للأصوات واصفرار لونه، ولسبب ما والغالب أنه عضوي بيولوجي؛ فإنه لا ينمو بالقدر الكافي والذي تناسب مع عمره وكأن أمعاءه لا تمتص ما يكفي من الغذاء، أو أن الغذاء الممتص لا يستقلب بالشكل المناسب في جسمه.
والذي أنصح وقبل كل شيء أن تأخذي هذا الطفل لطبيب أطفال جيد، وخاصة إن كانت عنده خبره في نمو الأطفال وتطورهم.
وطبيب الأطفال سيسألك بعض الأسئلة الهامة، مثل هل هو الطفل الوحيد، وإن كان له إخوة وأخوات فكيف هو نموهم، وهل هناك قرابة بينك وبين زوجك، وهل تعرضت لإسقاط الحمل في الماضي، وإن حصل ففي أي عمر؟ كلها أسئلة هامة علينا أن نسألها لنصل للتشخيص الدقيق.
والغالب أن طبيب الأطفال سيقوم بالفحص السريري وببعض الاختبارات الحيوية الدموية كوظائف الكبد والغدد وغيرها، ولا شك أن طبيب الأطفال، وبعد تحديد التشخيص المناسب سيصف لك الخطوات التالية للعلاج والتصحيح.
ويمكن بعد أن نعرف السبب العضوي لما يجري، يمكن من بعدها أن نفكر في الأمور الأخرى النفسية والسلوكية، وإن كانت معاملة الطفل بشيء من اللطف والتؤدة دوما لأمر مفيد للطفل ولنا جميعا.
حفظ الله طفلك، وأتم عليه نعمة الصحة والعافية، وأقر به عيونكم.