شكل أنفي الملفت دمر نفسيتي وحياتي.. أشيروا عليّ

0 345

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكر القائمين على هذا الموقع، وأسأل الله لهم الجنة، أود منكم قراءة ما كتبت وأعتذر على الإطالة.

أنا شاب أبلغ من العمر 26 عاما، ولدي مشكلة منذ أن كان عمري 15 عاما، وأنا أعاني منها أشد المعاناة، لدي (أنف كبير جدا) بشكل يجعل الناس يسخرون مني.

وعندما كنت في المرحلة الابتدائية والمتوسطة، وكذلك الثانوية كان الطلاب يسخرون مني كثيرا، وأتألم من هذه السخرية، لدرجة أنني أصبحت أبتعد عن العلاقات داخل المدرسة، أصبحت وحيدا ليس لدي أصدقاء؛ لأن اختلاطي بالناس يسبب لي متاعب لا يعلم بها إلا الله، حتى إخواني وجميع أقاربي يسخرون مني كثيرا.

أنا في أشد المعاناة، ولكن لا يعلمون بذلك، ولو علموا بما أحمل من الهم داخل صدري من هذه المشكلة لما سخروا مني، وبادروا في حل مشكلتي، ولكني لا أحب أن أشتكي لهم، ولا أرضى أن أكون تحت شفقتهم.

أصبحت أبتعد عنهم وأجلس لوحدي بعيدا عنهم، لا أخرج من البيت إلا للمسجد، وحتى خروجي للمسجد سبب لي المتاعب، عندما كنت أمشي مع أخي ذات يوم وأدينا صلاة العصر، وسلم الإمام بدأ الناس ينظرون إلي لدرجة أن أخي قال لي بعد خروجنا من المسجد: ( لا تمشي معنا تحرجنا أمام الناس اذهب لوحدك )، فتعبت أكثر وأكثر، ولا أنسى ذلك الموقف أبدا! وأخشى أن يلتفت الشخص الذي بجانبي وينظر إلي، ثم تصيبه جلطة من بشاعة أنفي أثناء السلام بعد التشهد الثاني.

مواقف كثيرة جدا سببت لي الآلام والضيق، ولا أدري ماذا أفعل! ضاقت بي الدنيا، وخصوصا أني إنسان حساس جدا وكتوم، وعرضت لكم سابقا استشاراتي، وذكرت فيها أنني أعاني من القلق، والخوف الاجتماعي، ولكن لم أذكر فيها علاقة قبح أنفي بنفسيتي.

وصلت للمرحلة الجامعية، وأنا الآن على باب التخرج، وأنا مستمر في نفس الحالة، ولكن أقل بقليل مما كنت عليه في أيام التعليم العام؛ لأن الطلاب في الجامعة يتفهمون وضعي ويعلمون أن هذه السخرية لا ترضي الله تعالى ومراعاة لمشاعري، ولكنني أنظر في أعينهم كأنهم يتحدثون بداخلهم كما كان يتحدث طلاب التعليم العام سابقا، وعلما أني في الجامعة هادئ جدا، لا أتحدث مع الطلاب، ومنطوي عنهم، لا أريد أن أختلط بهم لكي لا يسخروا مني، واذا تحدثت فأنا لا أتحدث إلا في مجال الدراسة فقط، وهدأت الأمور قليلا في نطاق الدراسة بالجامعة، ولكنها لم تهدأ خارج الجامعة.

لا زلت أعاني من السخرية، وأتألم كثيرا لدرجة أني أفكر في الانتحار، وأرتاح مما أنا فيه، ولكن خوفا من الله لن أفعل هذا نهائيا.

والأعظم من هذا كله أن أنفي يوجد به دهونات جعلت أنفي في قمة البشاعة، وكذلك أبي كان يقول لي: ما رأيك نقطع هذا الأنف؟ وأمي تقول كان الله في عونك يا بني على هذا الأنف، تدعو لي بأن الله يعينني من شدة رحمتها لي، تعبت كثيرا وكل ما يقال عني من انتقادات وسخرية، لا أرد عليها سوى بالابتسامة التي تحمل الكثير من الألم.

أرغب في عملية تجميل الأنف، ولكنني لا أعرف، فأنا أستشيركم في هذا، وإذا كانت العملية ستنجح كم ستكلف من المال وأين؟.

كما أنني أجد من هو واقع في نفس مشكلتي في مواقع التواصل الاجتماعي، ويشكو معاناته مع قبح أنفه، ويقولون دائما له أن (الله خلق الإنسان في أحسن تقويم)، و(لا تنظر إلى انتقادات وسخرية هؤلاء الناس السفهاء، واعلم أن الإنسان خلقه الله في أحسن تقويم).

طبعا أنا لا شك في ذلك، فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم، وأنا مقتنع بهذا الكلام تماما، ولكن ما شأن أنفي هذا الضخم القبيح الذي جعلني في حالة نفسية سيئة جدا من ردة فعل الآخرين تجاهي حينما ينظرون إلي! وكأنني كائن غريب، يبتعدون عني بسبب أنفي لا يريدون أن أكون لهم صديقا وليس لهم الشرف في ذلك.

نفذ صبري من هذه المشكلة، خصوصا أنني أفكر كثيرا في المستقبل كيف أتزوج؟ ومن هي المرأة التي ستقبل بي! وكيف أكون ناجحا بهذا الأنف؟ وكيف أكون صداقات! بدأت أصبح إنسانا عديم الثقة بنفسه وحيدا كئيبا.

هل يجوز أن أدعو لله جل وعلا بإصلاح هذا التشوه في أنفي؟ وهل الله يقبل مثل هذه الأدعية؟ لأنني قرأت أنه لا يجوز الدعاء لتغير الخلقة، وعلما أني راض بكل خلقتي، لكن أنفي جدا جدا قبيح ومشوه ويتعب نفسيتي، ولو كان لي أنف جميل وليس شرطا أن يكون جميلا، ولكن على الأقل يكون مقبولا لكي أسعد في حياتي وأعيش كبقية الناس.

اسعفوني أرجوكم على أمر يريحني ماذا أفعل؟

أحببت أن أفضفض ما بداخلي لكم، وأعتذر على الإطالة للمرة الثانية، ولكني أقسم بالله أن هذه الأنف سبب تعاستي، وتأخري في الدراسة، وحتى الشيب خرج في رأسي، تعبت كثيرا، وأنا لا أقول هذا الكلام لأهلي وأقاربي، ولا لأحد، إلا لكم لأنني أثق تماما باستشاراتكم وأطبقها كما تشيرون لي، ولأول مرة أتحدث عن هذه المشكلة التي أثرت سلبا على نفسيتي وحياتي بشكل عام، أتمنى أن ينفعني الله بكم.

راجيا من الله لكم بالتوفيق والسداد ، وصل اللهم على نبينا محمد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الحمد لله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا، والفضفضة معنا.

لن أكرر لك ما قرأته في أماكن أخرى، أو ما قاله لك الناس من الصبر، وألا تعير لسخرية الناس أي اهتمام.

كلا، ولكن ما سأقوله لك وبكل بساطة أن عمليات تجميل الأنف هي من أبسط العمليات هذه الأيام، وليس هذا من باب "تغيير خلق الله" فهناك حالات من بعض "التشوهات" الولادية كانشقاق الشفة وغيرها من الأمور، ومنها طبعا الأنف أو الأذن البعيد كثيرا عن الشكل "الطبيعي" والمناسب.

وقد أشبع هذا الموضوع بحثا من قبل المجامع الفقهية، وخاصة فيما يتعلق ببعض المظاهر التي تسبب الكثير من الصعوبات والمشكلات النفسية، وكما هو الحال معك من القلق، والرهاب الاجتماعي، والتأثر الكبير بالجوانب المتعددة من حياتك.

فهيا أيها الشاب، قم بزيارة طبيب جراح مختص بما يسمى بـ"العمليات التجميلية" واطلب استشارته، وهو أكيد لن يقصر معك في إبداء النصح والرأي الطبيب السديد.

وأنا متأكد من أنك ستستعيد ثقتك في نفسك أولا، ومن ثم ثقتك الاجتماعية، والله يوفقك للخير.

+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. مأمون مبيض استشاري الطب النفسي، وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي مستشار الشؤون التربوية والأسرية:
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

مرحبا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية.

أما ما ذكرته – أيها الحبيب – من شأن ما خلقك الله تعالى عليه، فإن ذلك ليس محلا للسخرية منك، وهذا أمر معلوم لدى الجميع، ولكن ينساه كثير من الجهلة، فإن هذا ليس من صنع يدك، بل هو صنع الله تعالى وخلقه، ويخشى على من يسخر من ذلك أن يكون ساخرا من الصانع الخالق سبحانه وتعالى.

والحقيقة – أيها الحبيب – أن من يسخر من مثل هذه المظاهر هو من يستحق أن يكون محلا للسخرية إن جازت السخرية؛ لأنه يفعل ما لا يجوز له بطوعه واختياره.

أنت –أيها الحبيب– ابتلاك الله -عز وجل- بشيء من البلاء، وهو إذا ما نظرت إلى بلاء غيرك ستجده أمرا يسيرا هينا، وسيبعثك النظر إلى أهل البلاء على شكر الله تعالى على نعمه عليك الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى، وهذه حقيقة نغفل عنها حين ننظر إلى ما أصابنا الله تعالى به من شيء في أبداننا أو في غير ذلك.

نحن ندعوك – أيها الحبيب – إلى الأخذ بالأسباب الحسية للتخلص مما أنت فيه، وهو ما دام لإزالة عيب فإنه من العمليات المباحة؛ لأنه ليس لطلب الحسن والجمال فقط، بل لإزالة تشويه وعيب، فلا حرج عليك في إجراء هذا النوع من العمليات، ونحن نؤكد ما قدمه الدكتور (مأمون) من التوجه إلى الطبيب المختص ليساعدك في ذلك، وكن راضيا بقضاء الله تعالى وقدره، واعلم أن الله تعالى لا يفعل شيئا عبثا، وأن ما يدخره لأهل البلاء، ومن أصابهم بشيء من الثواب والتعويض عما أصابهم في هذه الدنيا، ينسيهم ذلك كل المصاب، بل ويتمنى أهل العافية أنهم أصيبوا بأعظم المصائب يوم القيامة، كما ورد ذلك في معاني الأحاديث النبوية.

فثق بفضل الله تعالى ورحمته، واعلم أنه سبحانه وتعالى يجزل الثواب، ولا يضيع أجر من أحسن عملا، اصبر واحتسب، ولا يمنعك ذلك من السعي في مداواة نفسك ومعالجتها لإزالة هذا التشويه.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته أن يقدر لك الخير حيث كان.

مواد ذات صلة

الاستشارات