السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من انسداد بالأنف طوال الوقت من الجهة اليسرى منذ سنتين تقريبا، ودائما يكون مغلقا، وأحيانا ينفتح وينغلق بالجهة اليمنى لدقائق، وينغلق مرة أخرى، وفي بعض الأحيان عند تناول الطعام يخرج من الجانبين سائل شفاف، وليس لدي التهاب بالأذن، ولا أعاني من أعراض أخرى ولا أمراض، حيث أن أنفي من الخارج طبيعي، فهل يمكن أن يكون انحرافا بالأنف، ويستلزم إجراء عملية؟
وأحب أن أشكركم على الموقع الرائع، وجزيتم خيرا، وفي ميزان حسناتكم -إن شاء الله- وموفقين.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
حوالي 70 % من البشر الطبيعيين لديهم انحراف في الحاجز الأنفي ( الوترة )، وهو على الأغلب لا يسبب أي أعراض لديهم، ويتم اكتشافه بالصدفة لدى طبيب الأذن والأنف والحنجرة، والأفضل عدم إخبار المريض به طالما أنه لا يشتكي منه؛ لأن الإيحاء النفسي كاف عند بعض الناس للبدء بالإحساس بالانسداد الأنفي، علما أن هذا الانحراف في الوترة يكون موجودا منذ انتهاء عملية بلوغ الإنسان -في عمر 14 إلى 15 سنة-.
بالإضافة للوترة، يوجد في داخل الأنف تراكيب تدعى القرينات، وهي على شكل الأصبع تقريبا، وتتألف من نسيج مخاطي ممتلىء بالأوعية الدموية القابلة للتوسع، والإمتلاء بالدم -في حالات الجو البارد والزكام والتحسس الأنفي-، وبالتالي يزداد حجم هذه القرينات وتسبب الانسداد، وهذا ما نلاحظه في حالة الزكام الحاد والالتهابات التنفسية والتحسس الأنفي.
انحراف الحاجز الأنفي ( الوترة الأنفية )، يسبب انسدادا في طرف واحد من الأنف، وبشكل ثابت -أي أنه يكون دائم الإنسداد-، وأما الانسداد الناتج عن ضخامة القرينات الأنفية فيكون مترددا -أي متناوب، يأتي ويزول-، بحسب درجة انتفاخ هذه القرينات.
على افتراض أنه لديك انحراف في الوترة للطرف الأيسر من الأنف -طرف الانسداد الدائم منذ سنتين, أي من 21 سنة-، فلماذا لم تظهر لديك الأعراض منذ البلوغ؟ فإذا لا بد من استنتاجين:
أولا: من أن هذا الانحراف متوسط الشدة، حيث لم تظهر لديك الأعراض منذ البلوغ، وإنما ظهرت منذ سنتين، كما أن الانحراف في الوترة للجانب الأيسر من الأنف يؤدي لتضييق متوسط في طرف الأنف الأيسر، وتوسع مقابل في جانب الأنف الأيمن.
ثانيا: هناك سبب آخر للانسداد، حيث أن بداية ظهور الأعراض لديك منذ سنتين، وهو على الأغلب بداية التحسس الأنفي لديك، وهو على شكل ضخامة تحصل في أوقات متكررة في اليوم في القرينات ومفرزات أنفية، وهذه الضخامة في القرينات ترافقت مع انحراف الوترة، وتؤدي لانسداد دائم في طرف انحراف الوترة -الطرف الأيسر-، وتؤدي لانسداد أحيانا في الطرف الأيمن المعاكس لانحراف الوترة -الواسع نسبيا مسبقا بسبب انحراف الوترة للطرف الأيسر-.
العلاج يجب أن يكون في البداية للتحسس بالوقاية من عوامل التحسس الشائعة كالعطور والدخان والغبار والمنظفات والكلور وتغير درجات الحرارة والرطوبة المفاجئة، ويمكن إجراء اختبارات التحسس الجلدية والدموية لمعرفة العامل المسبب للتحسس، ثم -في حال تأكيد تشخيص التحسسس- البدء في العلاج المناعي والذي يعطى على شكل إبر تحت الجلد، أو على شكل نقط تحت اللسان، وعلى مدى أشهر لإزالة التحسس، كما يمكن اعتماد كورس علاجي من مضادات التحسس الفموية، وبخاخ الكورتيزون الأنفي الموضعي، بالمشاركة مع الوقاية من عوامل التحسس -يمكن أن يحددها المريض بنفسه بوضع قائمة بالروائح والظروف التي تجعل أنفه ينسد وتظهر المفرزات الأنفية-، والابتعاد عن جميع مكونات هذه القائمة.
هناك حالة أخرى قد تسبب انسدادا دائما في طرف واحد، هي وجود بوليبات أنفية -سببها تحسسي-، وهي عبارة عن أكياس ليفية تحتوي على سائل مخاطي سميك، وتنشأ من مخاطية الأنف أو الجيوب الأنفية، وتسبب انسدادا مستمرا في الأنف، وقد تترافق مع ضخامة متقطعة في القرينات الأنفية تسبب زيادة مؤقتة في الانسداد الأنفي في أحد الطرفين أو كليهما.
بكل الأحوال لا بد من تقييم الأنف بشكل كامل بالفحص السريري الدقيق والتنظير التلفزيوني والتصوير الطبقي المحوري، لدراسة كافة مكونات الأنف والجيوب الأنفية وعلاقتها ببعضها، وعلى أساس هذا الفحص والدراسة يتم التصرف سواء بالعلاج الدوائي أو بالجراحة في حال فشل العلاج الدوائي، حسب مقتضيات الأمر.
أدام الله عليكم الصحة والعافية.