السؤال
السلام عليكم.
أكتب إليكم لأني بحاجة لمشورة اجتماعية ونفسية وشرعية، فأنا في حيرة لا يعلمها إلا الله، والحمد لله على كل شيء، أنا متزوجة منذ سبعة أشهر من رجل اختارني بكامل إرادته، واخترته عن اقتناع بعد عروض زواج كثيرة، سبعة أشهر قضيت منها خمسة وهو لم يكن معي كأي زوجين، كان شديد البرود غريب التصرفات، لكنني كنت أبذل قصارى جهدي لأتقرب إليه ولتكون علاقتنا طبيعية.
ثم فاجأني ذات يوم قائلا أنه ما عاد يريدني ولا يطيقني ويريد الانفصال، والسبب: أنا لست مرتاحا معك ولا يعجبني جسمك، ولا أستطيع أن أستمر في هذا الزواج، قالها بكل قسوة، مع أنني امرأة جميلة -ولله الحمد- بشهادة من يراني، وأهله يحبونني ويرونني جميلة، ثم إني مثقفة وملتزمة ولست سيئة الطباع أبدا، حتى هو يعترف بذلك، لكنه ليس مرتاحا معي.
منذ شهرين وأنا عند أهلي بطلب منه، ولا يتصل بي ولا يسأل عني، والآن أقدم على قضية الطلاق، أنا لا أفهم أبدا ما يحدث، بدون سبب آخذ لقب مطلقة بعد خمسة أشهر من زواجي، لقد فقدت الثقة في نفسي، وتكسرت الصورة التي كنت أرى بها نفسي سابقا، خائفة جدا مما هو آت في مجتمع لا يرحم.
أحتاج النصيحة وأتمنى أن أجد كلاما كثيرا، لأنني بحاجة إلى ذلك، وجزاكم الله كل الخير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجبرك في مصيبك، وأن يبدلك خيرا منها.
نحن نتفهم -أيتها البنت العزيزة- ما تعانينه من ألم نفسي بسبب ما وقع لك، ولكننا نبشرك بحسن تدبير الله تعالى للأمور، ورحمته سبحانه وتعالى فيما يقضيه ويقدره للعبد، فإنه سبحانه أعلم بمصالحك منك، وهو أرحم بك من نفسك ومن أمك وأبيك، وهو أقدر على أن يقدر لك ما فيه الخير والصلاح، فإذا اجتمعت هذه الأمور الثلاثة (العلم، والرحمة، والقدرة) فكوني على ثقة من حسن تدبير الله وتصريفه لأمورك، فوكليه، وفوضي أمورك إليه، تظفرين -بإذن الله تعالى- بكل خير في الدنيا والآخرة.
وليس بالضرورة -أيتها البنت العزيزة- أن يكون ما يحبه الإنسان ويتمناه هو الخير، فإننا قد نحرص على أشياء نراها خيرا لأنفسنا، ولكن الله تعالى بعلمه ورحمته يعلم أن فيها شرا لنا ومفسدة علينا، فيصرفها عنا سبحانه وتعالى، وقد قال في كتابه الكريم: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
فما دام هذا القدر حصل بغير تقصير منك وبغير تسبب منك في وقوعه، فثقي بأن الله سبحانه وتعالى أراد لك ذلك، وأن ما يريده لك هو المنفعة والخير، وإن كان مرا عليك في أول الأمر، فما يدريك لعل الله عز وجل صرف عنك هذا الرجل وأنهى زواجك به لما يعلمه سبحانه وتعالى من الشرور والمصائب المخفية وراء ستار الغيب أنت لا تعلمينها، ولو علمتها لفرحت بهذا الفراق، فثقي بأن الله سبحانه وتعالى رحيم رؤوف، وأنه يدبر مصالح الإنسان على أتم الوجوه وأحسنها، وثقي بالله تعالى، وحسني علاقتك به، فإنه يقدر سبحانه أن يرزقك خيرا من هذا الزوج الأول وأفضل.
وينبغي لك أن تقولي ما ينبغي أن يقوله الإنسان عندما يصاب بمصيبة، فيقول: (إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اؤجرني في مصيبتي هذه وأبدلني خيرا منها) فقد قالتها أم سلمة –رضي الله تعالى عنها– حين مات زوجها الأول، وكانت تظن أنه لا يوجد رجل خير منه، ولكنها لما استسلمت لأمر الله وفوضت أمورها إلى الله ووثقت بالله تعالى، وطلبت منه أن يبدلها خيرا مما ذهب منها، أبدلها الله تعالى بخير الناس جميعا، فتزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فلا ينبغي لك أبدا أن تيأسي أو أن تفقدي ثقتك بنفسك، فنحن نوصيك بحسن الثقة بالله تعالى، وحسن الصلة والعلاقة به، فأدي فرائض الله واجتنبي ما حرم الله، وأكثري من دعاء الله، وتعرفي على النساء الصالحات، فإنهن خير ما يعينك بإذن الله تعالى على تحصيل الزوج الصالح، وأكثري من دعاء الله، وسيأتيك الله تعالى بالخير عاجلا أو آجلا.
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يأخذ بيدك إلى كل خير، وأن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.