السؤال
السلام عليكم
أسأل الله العظيم أن يمن عليكم بالبركات وطول الأعمار في طاعته، فكم أسعدتم نفوسا كانت ضيقة، وكم أرحتم قلوبا كانت سقيمة، وكم أحييتم أرواحا كانت ميتة!
أنا شاب بعمر 19 سنة، مشكلتي هي الحساسية المفرطة، والعاطفة الجياشة بشكل مقيت وقاتل! بسببها أصبحت لا أستطيع التحدث بطلاقة مع كل الناس، ولا أعرف فتح المواضيع والكلام مع الأصحاب، ولا أقبل المزاح، بل إن مزحوا معي أشعر أنني أريد البكاء!
أصبحت أخاف الخروج مع فلان خوفا من أني لا أسعده بالكلام والمزاح، ولا أحظر مناسبات الزواج، وعندما يحين وقت الذهاب إلى الجامعة أو الذهاب إلى أصحابي أو الأقارب يصيبني قلق، ومن شدته أشعر بأنني أريد الاستفراغ، وأنا أيضا خجول جدا بشكل سقمي، بسبب تلك الحساسية.
أعتقد أني أصبت باكتئاب شديد، أصبحت أحب الانطواء على النفس والانعزال، وأصبحت أكره الجلوس مع الأصحاب والأهل، وكرهت حياتي والعياذ بالله، وأعتقد أيضا أني أصبت بالرهاب الاجتماعي والقلق، والتوتر من أي شيء يحدث لحياتي!
لا أريد تلك الأشياء التي أسلفت ذكرها، لعلمي أن العيش وحيدا يهدم عليك الحياة كلها، فأرجوكم حفظكم الله، أن يرجع لي بريق بداية الشباب، وأن أكون شعلة من النشاط وسعة الصدر في المجالس، وأريد وصفة طبية أفعلها تستأصل مني كل هذه السلبيات التي قتلتني، وحرمتني الابتسامة والضحك.
أريد وصفة علاجية من الأدوية، فلا تعلمون شدة الاكتئاب والحساسية والخجل، والضيق الذي أعيشه، اكتئاب مزمن.
رعاكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Omar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نعم أنت حدثت لك بعض الهشاشات النفسية، وردود الأفعال السلبية التي جعلتك تقيم ذاتك بصورة خاطئة، وتفتقد الثقة في نفسك، وتتشكك في مقدرتك على التواصل والتفاعل الاجتماعي الصحيح.
العلاج في مثل هذه الحالات يتطلب إعادة نظرة، إعادة تقييم، وإعادة التقييم يقوم على مبدأ ما كان في الماضي ليس من الضروري أن يكون في الحاضر، ويجب ألا يكون في المستقبل.
هذه هي الأسس التي تعيد من خلالها هيكلة تفكيرك، هذا القلق والتوتر وعدم القدرة على التواصل الاجتماعي قد يكون حدث لك في مرحلة ما، لكن ليس من الضروري أن يكون الآن، وقطعا لا نريده في المستقبل، وهذا يتطلب منك أن تفهم نفسك، وتعرف مصادر قوتها، وتسعى للاستفادة منها وتقويتها.
هنالك خطوات عملية جدا إذا قام بها الإنسان يستفيد كثيرا، وهي: مشاركاتك في داخل الأسرة يجب أن تأخذ حظا كبيرا، يجب أن تكون نجما ساطعا في أسرتك، تساعد هذا، تشارك في ذاك، تبر والديك، هنا ترتفع الكفاءة النفسية عندك.
الكفاءة النفسية أيضا عند الشباب ترفع من خلال الحرص على العبادات خاصة صلاة الجماعة، الآن توجد مقاسات للكفاءات النفسية، ولاحظنا ومما لا يدع مجالا للشك أن الشباب المتدين والملتزم بدينه على أسس صحيحة دائما تكون مستوى الكفاءة النفسية لديهم مرتفعة، وهذا يعود إيجابيا على ذواتهم.
كذلك تنظيم الوقت مطلوب منك، والاجتهاد في الدراسة، ممارسة الرياضة الجماعية مهم جدا، والصلاة في المسجد وفي الصف الأول، فهذه كلها وسائل علاجية، هذه ليست وسائل ترفيهية كما يعتقد البعض، لا، هي من صميم العلاج، وإن شاء الله تعالى يحصل الإنسان فيها على خيري الدنيا والآخرة.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا (حقيقة) متردد بعض الشيء هل أنت محتاج لدواء أم لا؟ أميل إلى أنك لا تحتاج إلى دواء، لكن إذا كنت ترى أن هذه الأعراض بالصعوبة التي لا تستطيع أن تغيرها سلوكيا ولا بد من دواء يساعدك ويمهد لك التطبيقات السلوكية، فلا مانع من استعمال دواء يعرف تجاريا باسم (زولفت)، واسمه الآخر (لسترال)، ويسمى علميا باسم (سيرترالين)، والجرعة المطلوبة هي: أن تبدأ بخمسة وعشرين مليجراما – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجراما – تناولها ليلا لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، وتناولها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.
أسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرنا وبالدواء، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.