السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دائما ذاكرتي تتقلب في صفحات الماضي وأيامها المرة، وأيام الطيش والأيام الجميلة منذ الصغر، مع أنني أتذكر بعض تلك الأيام منذ عام 1416هـ وحتى الآن، وبعضها يشدني الحنين لها، حتى مع من أحب من أصحابي -الله يذكرهم بالخير أينما كانوا-، فما السبب يا دكتور؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فيصل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا مجددا؛ حيث يبدو أنك ممن يكتب باستمرار لهذا الموقع.
من الطبيعي أن ينشغل بال الإنسان في تجارب معينة مر بها في الماضي، فالذكريات والأحداث السابقة لا تذهب، وإلا لاستيقظ الواحد منا اليوم ولا يذكر ماذا فعل في اليوم السابق، وربما لم يذكر من هو! وإنما يمكن أن ينسى الإنسان بعض الذكريات بين الحين والآخر، إلا أن هذه الذكريات والأحداث قد تظهر للسطح بين الحين والآخر.
وفي الغالب لا تشكل هذه مشكلة بحد ذاتها؛ لأن الإنسان عادة يستطيع وضع هذه الذكريات في خلفية ذهنه ولا يعيرها انتباها، ولا يمنعه هذا من متابعة أعماله العادية.
ومما يعينك على التذكر أنك تحاول أن تبذل جهدا كبيرا في تناسي ما تريد أن تنساه من أحداث، والمبالغة بالمحاولة قد لا تزيد هذه الذكريات إلا تمكنا في ذهنك، فتصور مثلا أني طلبت منك أن لا تفكر أو تتخيل الحصان الأصفر، فمن الطبيعي أن أول ما سيخطر في بالك هو هذا الحصان الأصفر.
حاول أن تشغل بالك بأمور أخرى تستحوذ على انتباهك، وبطريقة غير مباشرة ستلاحظ أن ما تريد أن تنساه من ذكريات قد أخذت المقعد الخلفي، ولم تعد تذكرها كثيرا.
ولكن هناك موضوع آخر وهو: أن الأحداث السابقة التي تبقى تراود ذهنك ولا تستطيع نسيانها، ربما لأن هذه الأحداث لم تكتمل بعد، وأن هذه القصص أو الأحداث لم تغلق بعد، وأنها ما زالت مواضيع أو جراحا مفتوحة، وقد لا تسطيع نسيانها وتجاوزها قبل أن تغلقها نهائيا، فإذا تعلقت هذه الذكريات ببعض الأمور التي لم تغلق بعد، فربما أنت تحتاج لفتحها مجددا وبشكل كامل، والحديث عنها لا نسيانها؛ لتستطيع إنهائها، ومن ثم نسيانها أو تناسيها، وقد تحتاج لتحقيق هذا الحديث مع شخص ترتاح إليه ليستمع إليك وأنت تتحدث عن هذه الأحداث، وبعد أن تنتهي يمكنك إغلاق هذه الملفات، ولعل في هذا ما يفيد.
وفقك الله.