السؤال
السلام عليكم
عمري 24 سنة، لدي طفلان يبلغان من العمر 5 و 3 سنوات، أعاني من ضغط كبير منهما ومن مشاكلهما، فأنا لا أتحمل صراخهما ولا أصواتهما المزعجة ولا طلباتهما، أحب أن أجلس وحدي دائما لأستمتع بالهدوء والراحة، مع العلم أن طفلي في المدرسة، وفي فترة وجوده بالمدرسة لا أحب أن أنام أو أعمل بالمنزل، أو أخرج من البيت لكي أتمتع في هذه الفترة بالهدوء التام، لكن حتى هذه الفترة التي تبلغ مدتها 4 ساعات لا تكفيني، ودائما أشعر أني بحاجة لمزيد من الوقت والجلوس وحدي، فقد أصبحت أشغل لهم التلفاز والألعاب لكي يبتعدا عني ويهدءا، مع أني كنت ضد التلفاز والألعاب الإلكترونية لتأثيرها الضار على عقولهما، كنت ألعب معهما ونمضي وقتا جميلا وسعيدا جدا، لكن لا أعرف ماذا حل بي!
أنا جدا منزعجة من هذا الوضع، ولا أعرف كيف أتخلص من هذه الحالة، مع العلم أن هذه الحالة تتضاعف وتتفاقم في العطل المدرسية، لأني أحرم من فترة الهدوء الصباحية التي كنت أستمتع بها عند ذهاب طفلي للمدرسة، فأصبح شديدة الانفعال والغضب والتوتر.
أرجوكم ساعدوني فوضعي مزعج جدا، فأنا حزينة، خاصة أننا في بلاد الغربة، ولا يوجد لدينا أحد، وأطفالي ليس لهم غيري أنا ووالدهم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا.
ما رأيك أن ترسلي الطفلين إلينا، وأنت ترتاحين من عناء تربيتهما؟! طبعا أمزح معك، وأنا أعلم أنك لن ترتاحي أن يغيبا عن عينك لساعة أو يوما، بالرغم من صعوبة المرحلة التي تمرين بها الآن.
لا شك أنها معادلة صعبة نوعا ما، فأطفالك يحتاجان لعطفك ورعايتك والتواصل معك، ومع أبيهما، وأنت تحتاجين لبعض الراحة والاسترخاء، والتحدي هو كيف نوفق بين الأمرين، بحيث لا نحرم أي من الطرفين مما يحتاجه؟!
أول ما خطر في بالي السؤال التالي: لماذا الآن أنت تشعرين بهذه الصعوبة، ولم تكوني تعانين من هذا من قبل؟ هل تمرين بمرحلة صعبة في حياتك الزوجية والأسرية والاجتماعية؟ وهل هناك صعوبة ما في حياتك جعلت قدرتك على التحمل أقل من سابق عهدك؟ إذا كان هذا، فما تعانين منه إنما هو العرض وليس المرض، والعلاج الأفضل هو في العودة لعلاج لب المشكلة وليس فقط مجرد العرض، فحاولي أن تفكري في الأمر، وتجيبي عن هذا السؤال الأخير، ليكون علاجك للمشكلة أو الصعوبة علاجا موفقا.
أما إن لم تجدي عندك سببا مباشرا لهذا التراجع، فقد يكون الأمر ما أراه عند الكثير من النساء، ممن تتفانى في رعاية أطفالها وأسرتها على حساب رعايتها لنفسها، بحيث تهمل نفسها وتهمل هواياتها واهتماماتها، ظنا منها أنها كالشمعة تحترق لتنير الدرب لأطفالها وأسرتها، ولكني لا أنصح عادة بهذه الطريقة للحياة، لأن هذه الأم ستحترق بسرعة، ولن تستطيع إنارة الدرب لأحد!
والأفضل من هذه الفلسفة في الحياة أن تقوم هذه الأم برعاية أطفالها وأسرتها، ولكن أيضا تعتني بنفسها، والحبيب المصطفى –صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن لنفسك عليك حقا) فالأم التي تخرج من بيتها لتمارس هواية ما، أو اهتماما خاصا بها كدروس العلم والرياضة، وحضور الدورات التدريبة كدورات الكمبيوتر وتعلم اللغات، أو تصفيف الزهور أو الرسم، ومن ثم تعود لبيتها وأطفالها وهي أكثر حماسا وحيوية، أفضل من التي تحبس نفسها في البيت ظنا منها أنها متفانية في رعاية أطفالها، وتوقف كل اهتماماتها، إلا أنها تجد نفسها تتوتر من الأطفال وربما تغضب منهم وتضربهم، فأيها أنفع للأم وللأطفال؟ لاشك أنها الأم الأولى.
ولا بد أن يتعاون الزوج مع زوجته في أن يتيح لها بعض الوقت لنفسها، ولنفسها فقط، بحيث يأخذ منها الأطفال، وتذهب هي لممارسة بعض هواياتها واهتماماها، فهذا أنفع للأم وللأطفال، وللزوج أيضا، لأنها ستعود منها وهي أكثر نشاطا وحيوية.
فهيا أيتها الأم الفاضلة أعيدي النظر في ترتيب أولوياتك، وليس على حساب نفسك، وإنما مراعية كل الأطراف، ومنها أنت ونفسك التي بين جنبيك.
حفظك الله ويسر لك الأمور.