السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا: أشكركم على هذا الموقع الرائع، والذي يحوي الكثير من الفوائد والنصائح.
ثانيا: أنا فتاة أبلغ من العمر 33 سنة، غير متزوجة، وأعمل، تعرفت على شاب من غير جنسيتي في محيط العمل، ذي أخلاق، وعلى قدر من الدين، كانت علاقتي به فقط كزميل عمل، لكن مع الأيام تعلقت به، وهو كذلك، ونحن نعمل مع بعضنا منذ 3 سنوات، وفيه كل الصفات التي تحبها الفتاة وتريدها في شريك حياتها، تملكني وأسرني، ولا أتخيل حياتي كيف ستكون بدونه، ونحن غير قادرين على ترك العمل لشدة تعلقنا ببعضنا!
مشكلتي أنه رجل متزوج منذ 5 سنوات، ولديه طفلة، وقد اتفقنا على الزواج، ولكن طلب مني انتظاره؛ لأن وضعه المالي والاجتماعي غير جيد؛ ولأنه لا يريد أن يسبب صدمة لزوجته، ولا يريد أن يخسرها أو يخسرني؛ ولأن مجتمعه لا يتقبل فكرة الزوجة الثانية، فهو يطلب مني دائما انتظاره لكي يقنع زوجته، وأخذ موافقتها؛ لأنه يخشي أن يظلمها وتدعو عليه؛ لأنه يقول هي زوجه صالحة، وكذلك لا يريد أن يخسرني، ولا يريد خداعي وكسر قلبي، وأنا ليس لدي مشكلة في العيش معها، فقط كل ما أريده أن أكون معه، ولكني أشعر أن الموضوع طال كثيرا إلى الآن، وهو لم يصارحها، فقط يقول لي: انتظري غإذا كان في زواجنا خير فإن الله سوف ييسره.
حياتي أصبحت في قلق، أخشى أن ترفض زوجته فكرة زواجه ويتركني، والكثير من الأفكار تشوشني، هل يجب أخذ موافقة الزوجة إذا رغب زوجها في زواج آخر؟ هل يكون هناك ظلم لها إذا تزوج أخرى؟ هل سيعاقبني الله إذا تزوجنا بسببها؟ أحيانا أشعر أن صمته إلى الآن خوف عليها، أو أنه يحبها أكثر مني دون أن يفكر في عذاب الانتظار الذي يقتلني، ولكن عندما أخبره بذلك يقول: لا، "أنا أحبك"، ولكن انتظري حتى يتحسن وضعي، فهل أنتظره وهو لم يخطو خطوة جادة لتغيير وضعه؟
أشعر أن الأيام تمضي، وهو يقول لي: انتظري وسيجد الله لنا حلا، وأنا أثق بالله أنه سيساعدنا.
صدقني أنا أثق في كلماته، وأشعر بصدقه، لكن الله قال: {اعملوا }، وأنا لا أرى منه أي عمل، والشيء الآخر أنني أخشى كثيرا أن أدمر حياة زوجته، وتخسر عائلتها بسببي، لكني أحبه كثيرا، ولا أعرف ماذا أفعل بدونه وقد حاولت كثيرا البعد عنه، ولم أستطع، فالبعد عنه يقتلني، بماذا تنصحوني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ مي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به، كما نسأله جل شأنه أن يقر عينك بالزوج الصالح.
نصيحتنا لك – ابنتنا العزيزة – أولا أن تثقي تمام الثقة بأن الخير كله من الله، فإذا أردت شيئا مما تطمحين به من أسباب سعادتك في دنياك وآخراك، فتوجهي إلى الله تعالى بصدق، وأحسني علاقتك به، فإن الخير كله بيده، فمن كان يريد ثواب الدنيا، فعند الله ثواب الدنيا والآخرة، كما أخبرنا سبحانه في كتابه الكريم.
هذه المقدمة - أيتها البنت الكريمة – نريد أن نتوصل منها إلى أن السبب الحقيقي في جلب ما يسعدك ويدفع عنك ما يضرك هو العمل بمرضاة الله تعالى واجتناب مساخطه، وأن ما عدا ذلك لن يجر إليك خيرا، فإن معصية الله تعالى لا تجر للإنسان إلا إلى ما فيه هلاكه وفساد أحواله، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)).
إذا تيقنت هذا حق اليقين، فإنك ستدركين أنك تجاوزت حدود الله تعالى في علاقتك بهذا الرجل الأجنبي عنك، وتجاوز هذه الحدود والوقوع في معصية الله تعالى لن يجر إليك خيرا، ولذلك نحن ندعوك ابتداء إلى قطع العلاقة بهذا الشاب، وأن تكون علاقتك به كعلاقتك مع سائر الرجال الأجانب، فلا يجوز لك أن تكشفي حجابك أمامه، ولا أن تختلي به، ولا أن تحدثيه بكلام فيه خضوع ولين، كما قال تعالى: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}.
وإذا قطعت علاقتك به وصبرت على ذلك فإن الله تعالى سيعوضك عن كل ما تفقدينه من أجل الله، واعلمي تمام العلم أن الزواج مقدر، وقد كتبه الله سبحانه وتعالى قبل أن تخلقي، فإذا كان الله قد كتب أن هذا الرجل سيتزوجك، فإن مجاهدتك لنفسك بقطع علاقتك معه لن يزيده إلا تمسكا بك وإصرارا على الزواج منك، وإذا كان الله عز وجل لم يقدر ذلك فإنك تكونين بذلك أرحت نفسك وأرضيت ربك، وسيعوضك الله تعالى ويخلف عليك بخير مما تفقدين.
لا حرج عليك في أن تنتظري ترتيبه لأموره كما وعدك بذلك إذا شاء، ولكن وصيتنا لك هي ما أسلفنا وقدمنا.
وأما: هل يجب عليه هو أن يستشير زوجته أو يستأذنها؟ فالواجب لا يلزمه ذلك، ولكن هو أدرى بترتيب أموره، وأعرف كيف يسوس أسرته وحاله، فإذا قرر ألا يتزوج إلا بعد أن يرتب أموره فإن هذا هو عين مصلحته.
نحن نصيحتنا لك أنت أن تجاهدي نفسك لقطع هذا التعلق لتريحي نفسك، مع يقينك التام بأن ما قدره الله عز وجل سيكون لا محالة.
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته أن يأخذ بيدك إلى كل خير.