السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمي عمرها 59 سنة، بالصدفة وجدت إفرازات مدماة نزلت من الثدي الأيمن، ذهبنا لعمل أشعة ماموجرام، فأظهرت الأشعة وجود تكلسات كالسيوم صغيرة، وقالت طبيبة الأشعة: إن هذا النوع من التكلسات مشكوك فيه بشدة، ويجب مراجعة الطبيب الجراح، فذهبنا للطبيب، وطلب أخذ عينة بالإبرة، وبالفعل ذهبنا لأخذ العينة، وكانت النتيجة كالآتي: diagnosis: right breast mass,core biobsy ,intraductal carcinoma with minimal invasion.
المهم أن الطبيب الجراح بعدها طمأننا وقال لنا: بإن الموضوع بسيط، وأنه سيقوم بعملية استئصال جزئي للثدي (حوالي ربع الثدي تقريبا) وفي يوم العملية وأثناء العملية اتصلت بنا إدارة المستشفى، وقالوا لنا: إن الطبيب يريد أن يتحدث مع أحد من أبناء المريضة، نزلنا على الفور، فإذا بالطبيب الجراح في يده مثل الوعاء وبه تقريبا ثدي أمي بالكامل، وقال لنا: إنه وجد ثلاثة أورام صغيرة، وليس ورما واحدا، وأشار لنا إلى ثلاث مناطق بالثدي، لونها إلى حد ما مختلف عن بقية نسيج الثدي، المهم في النهاية بعد العملية اكتشفنا أنه قام باستئصال جذري للثدي.
أنا نفسيتي متعبة جدا، أشعر بأننا تعرضنا لعملية نصب باسم الطب، فهل فعلا أشعة الماموجرام يمكن ألا تظهر كل الأورام الموجودة بالثدي؟ وهل الطبيب يمكن أن يكون صادقا أم أنه قطعا كاذب؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله على سلامة الوالدة، ونسأل الله -عز وجل- أن يمن عليها بالشفاء العاجل والتام، وأن يجعل برك بها في ميزان حسناتك، إنه سميع مجيب قريب.
هوني عليك -أيتها الابنة العزيزة-، فالطبيب لم يكذب، وما حدث مع الوالدة هو أمر وارد الحدوث في أي حالة طبية، أو عملية جراحية من أي نوع، وليس في سرطان الثدي فقط، فالتشخيص النهائي وتقرير حجم العملية الجراحية قد لا يتم استكماله والبت به إلا خلال وقت العملية، حيث يمكن رؤية تفاصيل الحقل الجراحي بوضوح وبالعين المجردة.
والحقيقة هي أن الماموغرام يعتبر طريقة ماسحة فقط، وليست مشخصة، ورغم أنه يعتبر أفضل طريقة ماسحة لسرطان الثدي متوافرة بين أيدينا لغاية الآن، إلا أنه ليس دقيقا 100%، بل له إيجابيات كاذبة، وسلبيات كاذبة أيضا، ومعنى هذا الكلام هو: أنه من الممكن أن يظهر الماموغرام وجود ورم سرطاني في الثدي رغم سلامة الثدي، والعكس صحيح، أي قد يظهر بأن الثدي سليم بالماموغرام رغم وجود سرطان فيه، وهذا يحدث بنسبة قد تصل إلى 17%، ويعتمد على عدة عوامل منها: عمر المريضة، وموقع الورم، وحجمه، وغير ذلك، لذلك عندما يظهر الماموغرام وجود أورام سرطانية في الثدي، وكان هنالك شك في تحديد حجمها، أو عددها، فهنا يجب عمل تصوير بالرنين المغناطيسي.
والحقيقة هي أن الاستئصال الكامل للثدي عند والدتك كان هو القرار الصحيح، ومن الخطأ أن يتم استئصال جزء فقط، حتى لو لم ير الطبيب بقية الأورام بالعين المجردة، والسبب في ذلك هو أن التصوير بالماموغرام قد أظهر تكلسات صغيرة، أي حسب ما فهمت هي تكلسات متعددة المواضع وليست واحدة، وهذا يدل على وجود عدة أورام في الثدي وليس ورما واحدا، ولحسن الحظ بأن هذه الأورام كانت واضحة للعين خلال العملية، وبالتالي تم استئصال الثدي كاملا، وإلا لكانت الوالدة قد احتاجت إلى عملية ثانية، وقد يكون تأخر الوقت حينها -لا قدر الله-.
إذن -يا عزيزتي- الطبيب لم يخطئ باستئصال الثدي، بل قام بالعمل الصحيح -إن شاء الله-، ولكنه قد يكون تسرع وأخبركم في البداية بأنه سيستأصل جزءا صغيرا من الثدي، وكان الأصح أن يقول لكم: بأنه سيقرر خلال العملية ما يجب عمله واستئصاله، وثقي تماما بأن أي طبيب يهمه أولا وأخيرا عمل كل ما يكون فيه مصلحة للمريض، فاحمدي الله -عز وجل- ثانية بأن استئصال الثدي قد تم بشكل كامل عند الوالدة، فقد قدر الله عز وجل وما شاء فعل.
نسأله -جل وعلا- أن يديم عليك وعلى والدتك ثوب الصحة والعافية دائما.