أنا انطوائي ولا أحب الأنشطة الاجتماعية ولا الحديث مع الناس، فما العلاج؟

0 406

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب أدرس بالثانوية، وعمري 17.

مشكلتي: أني شخص انطوائي، أحب البقاء في البيت وعدم الخروج، وخاصة في الأنشطة الاجتماعية لأتجنب الاندماج في مجموعة فأبقى صامتا، مثلا قبل أيام كنت في رحلة نظمها خالي وبعض أعضاء الجمعية، وذهب معي في هذه الرحلة ابنتا خالي وابنة خالتي وولد خالتي (14) سنة، وقد جلس بجانبي؛ ولأنه كانه نشيطا ويحب الحديث مع الآخر ترك مكانه فارغا.

وهنا المشكلة فقد كان عدد المشاركين أكبر من عدد مقاعد الحافلة، وتقريبا كل المشاركين جلسوا بجانبي ولم أتمكن من الحديث معهم، ولم يجرؤوا لبدئ الحديث معي؛ لأني كنت صامتا طوال الرحلة، جالس في المقعد لا أتحدث.

ورغم أن فتاة في نفس عمري والمستوى الدراسي (لا ندرس في نفس المعهد) سألتني لماذا أنت صامت؟ هل الرحلة لا تعجبك؟ فقد توترت وأجبتها بكلمات قليلة لأغلق الحوار بسرعة دون استغلاله للحديث والتخاطب.

كذلك عند النزول من الحافلة لنشاط معين كنت أعود بسرعة وأجلس في المقعد وحيدا مع السائق منتظرا متى أعود إلى البيت.

كذلك خلال المدرسة أنا أبقى صامتا لا أتحدث إلى أحد زملائي إلا البعض القليل، والمقعد الذي بجانبي عادة ما يبقى فارغا (شاغرا)، فهذه مشكلتي.

أريد أن أتحاور مع الناس بشكل طبيعي دون صعوبة ودون توتر، وأن أتخلص من الوحدة؛ لأني عندما أكون وحيدا أصبح بارزا للأعين، وفريسة سهلة للغير، أنقذوني أنقذوني، حتى أن العديد من زملائي في الثانوية انتقدوني في هذه المشكلة.

ملاحظة: إن كان هناك علاج دوائي، أو النصح بالمعالج النفسي، فأنا لا أستطيع فالحالة المادية ضعيفة، وأفضل لو كان هنالك كتب لمعالجة المشكلة أبحث عنها في النت.

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ amin حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا والتواصل معنا على هذا الموقع.

يبدو من خلال سؤالك أن ما عندك هي حالة من الخجل أو الارتباك الاجتماعي؛ مما يدفعك لعدم الكلام أو تجنب الاجتماع بالناس، ولاشك أن لهذا علاقة وثيقة مع الطريقة التي عوملت بها في طفولتك من قبل أسرتك، ومع تجارب الحياة التي مررت بها، وليس بسبب ضعف أو خلل في الشخصية أو ما شابه ذلك، فتجارب الحياة هي التي أوصلتك لهذه الحال حيث تشعر بالخجل أو الانطوائية وقلة كلامك مع الناس.

هل يستطيع الإنسان تجاوز تجارب الطفولة؟ الجواب: نعم، ليس بالسهل أحيانا، إلا أنه ممكن.

وقد يصل الخجل الاجتماعي لحد الرهاب والخوف غير الطبيعي، ويمكن للتصحيح الأكثر فاعلية أن يتم عن طريق العلاج السلوكي، والذي يقوم على مبدأ إعادة تعليم الشخص بعض السلوكيات والتصرفات الصحية كبديل عن السلوكيات السلبية، فبدل تجنب الكلام مع الناس وإلقاء السلام عليهم، أو تجنب الأماكن والمواقف المخيفة أو المزعجة، فإن العلاج يقوم على التعرض والإقدام على هذه المواقف والأماكن حتى "يتعلم" الشخص من جديد كيف أن هذه المواقف والأماكن ليست بالمخيفة أو الخطيرة كما كان يتصور سابقا.

ويشرف عادة على هذه المعالجة الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي، والذي يحتاج أن يكرر جلسات العلاج السلوكي عدة مرات.

ولكن ليس بالضرورة على كل من يعاني من الخجل الاجتماعي، وخاصة الخفيف منه أن يحتاج للذهاب للأخصائي النفسي، فكثير منهم يعالج نفسه بنفسه، والمطلوب منك الآن العمل على اقتحام مواقف الاختلاط بالناس والتعامل معهم، ومحاولة تغيير الأمر الذي اعتدت عليه، فمثلا أن تلقي السلام إذا دخلت على الناس والحديث معهم، وعدم التجنب، فالتجنب لا يزيد المشكلة إلا تعقيدا، وسترى وخلال فترة قصيرة كيف أن ما كنت تخشاه من بعض المواقف في مواجهة الناس ليست مخيفة كما كنت تعتقد.

وأنصحك أيضا بقراءة كتاب عن حالات الخجل والرهاب، فمعرفتك بهذا يزيد من احتمال تعافيك، وهناك على هذا الموقع الكثير من الأسئلة والأجوبة المتعلقة بهذا الموضوع، مما يشير إلى مدى انتشار مثل هذه الحالات، وإن كان معظم الناس يتجنبون الحديث في هذا الموضوع لخجلهم منه.

وستلاحظ وبعد تشجيع نفسك، واقتحام لقاءات الناس، والجرأة في الحديث معهم في واقع الحياة سواء كان هذا في محل تجاري أو جلسة أسرية أو المدرسة، ستلاحظ أنك أقوى شخصية مما كنت تتصور.

وابدأ بهدوء وبالتدريج، فمثلا: مع أول اجتماع لك بالناس حاول إلقاء التحية عليهم، وستلاحظ أن الأمر أبسط بكثير مما تتوقع.

والأمر الآخر: اطمئن فأنت ما زلت في هذا العمر الصغير، وستكبر وتتجاوز هذا الأمر.

أدعو الله تعالى لك بالتوفيق والنجاح.

مواد ذات صلة

الاستشارات