كيف أتخلص من العذاب النفسي بعد الاعتداء علي جنسيا؟

0 452

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب أبلغ من العمر 32 سنة, اعتدي علي جنسيا من رجل, وكنت أبلغ 8 سنوات, والآن أنا أعاني نفسيا من هذا الاعتداء, علما أنني لم أخبر أحدا بما وقع لي.

البارحة ذهبت إلى طبيب نفساني, وأخبرته بالحادثة, وأريد أن تنصحوني كي أنسى ما حدث لي في الصغر.

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mahmoud حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الثقة بنا، والكتابة إلينا.

لا شك أن موضوع التحرش الجنسي من المواضيع الهامة والحرجة، فامتهان الأطفال له أشكال متعددة، ومن أشدها الامتهان الجنسي، وخاصة إن كان بين المحارم، والذي نسميه سفاح المحارم، فهذا من أشد أنواع الامتهان ضررا على الأطفال، سواء البنات أو الصبيان.

ومع الأسف هو موجود في كل المجتمعات، وعلى نسب متفاوتة، إلا أنه ليس هناك مجتمع ممنع من سوء المعاملة هذه، وصحيح أن الوازع الديني له تأثير كبير في منع سوء المعاملة هذه، إلا أن هذا الوازع الديني عند الناس شديد التفاوت من شخص لآخر.

وإذا كان الامتهان من قبل فرد من أفراد الأسرة، أي سفاح المحارم، فالغالب أن الفاعل المعتدي هو الأب أو زوج الأم، أو الأخ، أو العم أو الخال، ومن خارج الأسرة هناك الجار أو البائع أو السائق أو الخدم أو المعلم أو المدرب الرياضي... والشيء المؤلم في الامتهان الجنسي أنه قد يقع من قبل الشخص المطلوب منه أصلا حماية الطفل ورعايته!

ومشكلة التحرش الجنسي داخل الأسرة أنه عندما ينكشف أمره فقد يؤدي لتفكك كامل الأسرة، وما ينتج عن ذلك من مضاعفات فردية وأسرية واجتماعية.

ويتعرض الضحية لمشاعر مختلطة متناقضة مزعجة، من كره ما حدث، وقد يشعر أيضا بالغضب الشديد تجاه نفسه والفاعل، وربما تجاه الأسرة لأنها لم تحمه من هذا الامتهان الجنسي.

ومع عدم توفر الرعاية الصحية النفسية المناسبة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، فقد يعيش الضحية مع كل الآلام وحيدا لسنوات وسنوات لا يعلم أحد عن معاناته إلا الله والمعتدي، فهو يخشى أن يبوح بالأمر وما يمكن أن ينتج عن هذا على أفراد الأسرة، وخاصة مع الوصمة الاجتماعية من الضحية والمعتدي وكامل الأسرة.

وكثير من الضحايا يألفون حياة معينة، ومن دون تلقي العلاج أو الإرشاد النفسي المطلوب، ولكن بعضهم يحتاج للعلاج النفسي المتخصص.

وأريد هنا أن أذكر لك ما تعرفه بالطبع، أولا: إن ما حدث ليس من صنعك، ولا دور لك فيه، وأن ما حدث جريمة لا يسأل عنها إلا مرتكبها، فأنت كنت طفلا صغيرا لا تعي ما يحصل، وما يزيد التشويش أكثر أن الفاعل قد يكون قريبا لك، فمن أين لك وأنت طفل أن تعلم ما يصلح وما لا يصلح؟! فأنت لا تتحمل أي مسؤولية عما حدث، فلا تشعر باللوم الذي قد يوحيه إليك من ليس لديه خبرة في هذا الأمر.

أقترح أنك إذا وجدت صعوبة في التكيف مع حياتك، وصعوبة في تجاوز ما حدث، فأنصحك بمراجعة طبيب أو أخصائي نفسي، وقد زرت قبل يوم الطبيب النفسي، حيث تتاح لك فرصة الحديث عما جرى، وتفرغ ما في نفسك من العواطف والمشاعر الكثيرة وبشكل آمن، بدل إخراجها بشكل سلوكيات قد تندم عليها، كإقامة علاقة مع شباب تشعر بأنهم يفهمون مشاعرك وعواطفك، وإذا حصل ما حصل وأنت طفل صغير، فأنت الآن في عمر المفروض أن تقرر ما هو الخير لك، ويمكن للطبيب النفسي الذي تراجعه أن يوفر لك العلاج النفسي المطلوب، مما يعينك على تحقيق ما تطلب من المشاعر والنمو الطبيعي.

طبعا أنت لن تنسى ما حدث، وإنما يمكنك أن تتكيف مع ما جرى بحيث لا يعود مؤثرا في حياتك التأثير الكبير، إلا أنك لا شك ستتذكر هذا الأمر الذي ليس بالصغير.

وفقك الله، وحفظك من أي سوء، وأعانك على تجاوز ما حدث، ويسر لك سبل النجاح والتوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات