السؤال
السلام عليكم
أنا خريجة جامعة، عمري 25 سنة، بعد التخرج من الجامعة كنت بلا هدف أو رسالة، فقررت الجلوس في البيت لسنة كاملة للبحث عن رسالتي في الحياة، حاليا أكملت السنتين، أهدافي وأحلامي ازدادت، لكن رسالتي ما زالت فارغة، تأتيني فترات أكون في قمة التفاؤل وأجرب أشياء جديدة، لكن سرعان ما يذهب هذا التفاؤل، وأعود للملل واللامبالاة مجددا.
حاليا لا أستطيع الخروج من المنزل للبحث عن عمل، فظروف المواصلات لا تسمح، وقد حاولت العمل من المنزل، لكن سرعان ما فشلت في المحافظة على حماسي ومزاجي للمواصلة.
أسرتي كبيرة وبحكم تفرغي تحتاجني للاعتناء بها طوال اليوم، وأنا أكره هذا جدا، فأذهب للنوم كثيرا.
هذه الفترة أعاني من فقدان قيمة الحياة، أشعر بملل شديد، وأهرب غالبا منه إلى النوم، أنام أكثر من 10 ساعات متواصلة، وحين أستيقظ يصعب علي مواصلة يومي بدون نوم، وليس لدي شهية للأكل، ولا أشعر بجوع أساسا، حين أنام أحلامي تكون كثيرة ومنوعة فيها الكثير من الأشخاص والأعمال.
لم أبح لأحد بما أشعر، فأنا أعلم بأن هذه الأحاسيس مؤذية ومعدية، قرأت الكثير من كتب علم النفس، ولا زلت أقرأ، لكن لم تخرجني من حالتي، أشعر بأني مقيدة في هذه الدنيا الباهتة.
هل تستطيعون مساعدتي في العثور على نفسي؟!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mona حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.
أولا: نقول لك: الحمد لله على إكمال دراستك الجامعية، فهذا إنجاز عظيم يتمناه كثير من الناس، فبعضهم ترك الدراسة في بداية المراحل الدراسية الأولى ولم ينجح في المواصلة، وبعضهم تعثر في الدراسة الجامعية وما زال يحاول تخطي المرحلة، وهكذا حال من لم يوفقوا، ولم يحققوا أهدافهم في ندم وحسرة، فأنت يجب أن تشعري بهذه النعمة وتحسينها، فهذا دليل على أن لديك القدرات والإمكانيات التي تساعدك في إنجاز ما تريدين بعون الله.
1- نطلب منك أن تبعدي شبح العجز واليأس الذي خيم على قلبك وفكرك، واستبدليه بروح التفاؤل، والنظرة المشرقة للحياة، فأنت مؤكد أن لديك العديد من القدرات والطاقات، فقط محتاجة لتفجير واستثمارها بصورة جيدة -وإن شاء الله- تصلين لما تريدين.
2- بادري بوضع خطتك وتحديد أهدافك ماذا تريدين؟ وما هو الإنجاز الذي تتمنين تحقيقه؟ وما هي المكانة التي تريدين تبوأها وسط أسرتك ومجتمعك؟ ثم قومي باختيار الوسائل المناسبة لتحقيق أهدافك، واستشيري في ذلك ذوي المعرفة والعلم وأصحاب الخبرات الذين تثقين فيهم، وحاولي اكتشاف قدراتك وإمكاناتك التي تؤهلك لذلك، واعتبري المرحلة التي تمرين بها الآن مرحلة مخاض لولادة شخصية جديدة بأفكار ورؤى جديدة للحياة، ونظرة جديدة للمستقبل، واعلمي أن كل من سار على الدرب وصل، فقط كيف نبدأ الخطوة الأولى، ونستعين بالله تعالى ونتوكل عليه، ويكون لدينا اليقين الصادق بأن كل شيء بيده سبحانه وتعالى، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
2- اقرئي سير النبلاء والعظماء، وأولهم سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، فهم القدوة في قوة الإرادة والعزيمة، والثقة بالنفس، ثم سير العلماء والمفكرين الذين لمعت أسماؤهم واشتهروا بإنجازاتهم.
وللاستفادة من ذلك ضعي لك خطة معينة يومية – أسبوعية - شهرية – سنوية تقومين فيها بقراءة جزء ولو يسير من كتاب معين، وداومي عليه فقليل دائم خير من كثير منقطع، والإنجاز يولد الإنجاز، ويحقق الإعجاز -إن شاء الله-.
3- لا بد لك من مواجهة المشكلة، فالهروب منها يزيدها ضخامة وقوة، وبالتالي يشعر الإنسان باليأس، والعجز حيالها، فالنفس إذا تعودت على الركود والنوم يصعب فطمها، لذلك حتى عملك في البيت يعتبر إنجازا فلا تحقريه وتقللي منه، فخدمتك لأهلك قد يثيبك الله عليها، ويفتح لك به آفاقا جديدة في الحياة، ويجعل لك البركة في وقتك.
4- اهتمي أختي الكريمة بتأدية واجباتك الدينية، وخاصة الصلاة في أوقاتها، ولا تؤجليها بسبب النوم، فهي مفتاح لسعادتك في الدارين.
4- أكثري من الاستغفار، وواظبي عليه، فإنه مجلب للسعادة كما في قوله تعالى: {استغفروا ربكم إنه كان غفارا* يرسل السماء عليكم مدرارا* ويمددكم بأموال وبنين* ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ".
وفقك الله وسدد خطاك.