أعاني من مشكلة ملاحظة الذين أساؤوا إلي في كثير من أعمالي وأحوالي

0 420

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بدأت معي المشكلة منذ 6 سنوات، كنت طالبا مجتهدا أدرس باستمرار وأواظب على قراءة الذكر الحكيم وإقامة الصلاة، ولكن كانت علاقتي مع الآخرين ضعيفة، واجتماعاتي قليلة لانشغالي.

وقد حدثت معي مشكلة في المدرسة: أحد الحاسدين في الثانوية افتعل مشكلة وأثار الآخرين علي؛ وبما أن اجتماعاتي ضعيفة لم أكن قادرا على الدفاع عن نفسي، فصرت متمردا، وصرت أعاند أهلي، وتركت الصلاة، وصراحة كانت تلك المشكلة وكرهي لذلك الشخص وسواسا لم أستطع الدراسة معه.

هداني الله وأنقذني واستطعت اجتياز تلك المرحلة، ودخلت الجامعة، ولكن بقيت لدي بعض المشاكل إلى الآن، والتي تبدو كوساوس لا أدري كيف أتخلص منها:

1- عندي فكرة سميتها (الانتقالات) وهي أني عندما كنت أدعو لنفسي بشيء من الأمور أتذكر أحد الذين أكرههم والذين أساؤوا إلي بتعاملهم، والحمد لله أنا شاب ملتزم بمبادئ الإسلام والأخلاق، ومعظم الذين أساؤوا لي كان ردي أن شكوتهم لله؛ لأني عاجز عن الرد عليهم، وعندما أتذكر هؤلاء أثناء دعائي أتخيل أني قد دعوت لهم بذلك الأمر، فأغضب وأستغفر من دعائي وأترك الدعاء.

وكذلك يحدث معي عندما أقرأ القرآن أتخيلهم، أو أنني أفيدهم بتذكرهم أثناء القراءة فأترك القرآن وأنا محزون موسوس، وكذلك الصلاة، وأحيانا عندما أمشي أتخيل إذا مشيت بخطوة كذا قبل كذا سأفيدهم، أو إذا حادثت فلانا بعد الدعاء ستنتقل له الأمور التي كنت أدعو بها، وهكذا.

2- أنا أعامل الناس بكل محبة واحترام حتى السفهاء، ولكنهم يتكبرون علي ويعاملونني وكأني طفل صغير، أو خادم يملون عليه أمورهم، كنت أرعى مشاعرهم وأنصحهم، وأحكي لهم مشاكلي، لكنهم يحسدونني، وعندما تحدث أية مشكلة يستهزؤون بأسراري أمام الآخرين ويتكلمون عني.

3- أحيانا عندما أدرس تأتيني وساوس كافرة أستغفر الله منها مطولا.

4- حاليا لدي فحوص ولا أستطيع التركيز عندما تأتي فترة الامتحانات، أتذكر كل موقف سيء حدث معي، وأكره أشخاصه وأدعي عليهم، وهكذا يضيع وقتي ولا أدرس.

أرجو أن تساعدوني جزاكم الله خيرا، وأبعد عنكم ما أعانيه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فبداية أحمد الله تعالى أن الله هداك وأنقذك من هذه الوساوس وتلك الأفكار المدمرة التي سيطرت عليك منذ أن كنت طالبا في المرحلة قبل الجامعة، وتقول: بأنه بقيت لديك بعض المشاكل الآن، والتي تبدو كوساوس، ولا تدري كيف تتخلص منها، وذكرت أنك عندما تدعو لشخص أو تدعو لنفسك تتذكر أشخاصا أنت تكرههم وأساءوا إليك، وكذلك أيضا عندما تصلي -إلى غير ذلك- تتخيل عندما تفعل معروفا أو تقرأ القرآن – أو غير ذلك – تتخيلهم وتتوقف عن هذه الأعمال الطيبة.

أقول لك: هذه الأفكار إنما هي من عمل الشيطان؛ لأن الشيطان – لعنه الله – يشن حربا شعواء على المسلم، فالشيطان كما تعلم لا يذهب إلى الكافر لأنه ليس بعد الكفر ذنب، وإنما يحرص الشيطان على اختيار هدفه دائما من المسلمين وأولياء الله الصالحين حتى يصرفهم عن طاعة الله تبارك وتعالى، ويستعمل في ذلك وسائل متعددة من خلال حرب قذرة، فهو يشن حربه على الإنسان بوسيلتين: عن طريق الشبهات والشهوات.

أما عن طريق الشهوات: فهو تزيين المعاصي الظاهرة كمعاصي النظر والكذب وأكل الحرام، وقد يصل الأمر إلى الزنى والعياذ بالله تعالى، هذه تسمى حرب الشهوات التي يشنها الشيطان على الإنسان المسلم.

كذلك أيضا هناك حرب أخرى تسمى حرب الشبهات، وهي الوساوس التي يقذف بها الشيطان إلى قلب العبد المؤمن، وهو يحرص على استغلال أي وسيلة يرى أنها تأتي بنتيجة مع الشخص الذي يريد أن يؤثر فيه أو يفسد علاقته بالله تبارك وتعالى، فهو يجرب الإنسان بمعصية معينة، إن وجد أن عنده استعدادا لقبولها يبدأ في استغلالها وتقويتها، وهذا الذي حدث معك، أنه جرب معك ما يتعلق بهذه الأشياء، ولذلك بدأ فعلا يستغلها ويركز عليها، حتى تكاد تفشل في كل عباداتك وعلاقتك مع الله سبحانه وتعالى.

وعلاج ذلك إنما هو الإهمال التام لهذه الأفكار، كلما جاءتك هذه الأفكار وأنت في الصلاة – وخارج الصلاة – أتمنى أن تستعيذ بالله تعالى، وأن تتفل على يسارك ثلاث مرات، وأن تكثر في معظم ليلك ونهارك من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، حتى يصرف الله تبارك وتعالى عنك هذا الشيطان اللعين، الذي يحاول أن يفسد عليك علاقتك بالله رب العالمين.

إذا - بارك الله فيك – أن تركز أولا على إهمال هذه الأفكار، وعدم الانتباه لها، وكلما جاءك التفكر في هؤلاء الذين تكرههم حاول أن تدعو لهم إن استطعت إلى ذلك سبيلا، حتى تخزي الشيطان، هذا الشيطان يريد الآن أن يستغلهم ضدك، فأنت تستطيع أن تستغلهم ضده، بأن تدعو لهم، وتقول: (اللهم اغفر لي ولهم، وتب علي وعليهم) حتى وإن كنت كارها لذلك، ولكن هذا نوع من العلاج المفيد - بإذن الله تعالى -.

حاول أن تنظر للفكرة على أنها فكرة ساقطة، أنها فكرة حقيرة، وأنها من عمل الشيطان، وأنها لا قيمة لها، احتقارك لهذه الفكرة قد يساعد - إن شاء الله بإذن الله تعالى – في التخلص منها.

استعاذتك بالله كما ذكرت لك -إن شاء الله تعالى- عامل أيضا من العوامل التي تدفعك عنك هذا اللعين.

تقول: أنت تعامل الناس بكل محبة واحترام حتى السفهاء، ولكنهم يتكبرون عليك ويعاملونك كأنك طفل صغير: حاول أن تتعامل مع الناس بمحبة واحترام، ولكن عندما تشعر بأن هناك من ينظر إليك بعين الاحتقار أو التقليل حاول أن تتوقف عن التعامل معه، ولو لفترة مؤقتة، حتى تشعره بأنك لست صغيرا أو لست غبيا، أو لا ينبغي لأحد أن يضحك أو يستهزئ بك.

تقول: عندما تدرس تأتيك وساوس كافرة، وتستغفر منها مطولا: هذا أيضا نوع من حرب الشيطان عليك؛ لأنه كما ذكرت لك أن الشيطان عادة إما أن يستعمل الشبهات أو الشهوات لإفساد عباد الله تعالى، ولولا أن فيك خير ما ركز عليك الشيطان، فاستعذ بالله تعالى، واتفل على يسارك ثلاث مرات، وتحاول أن تغير الوضع الذي أنت عليه، بمعنى أنك إذا كنت جالسا وحدك حاول أن تخرج من الغرفة، وإذا كنت نائما حاول أن تجلس، وإذا كنت جالسا وليس لديك شيء حاول أن تقرأ أي شيء أو تشاهد بعض البرامج المفيدة أو الهادفة التي تشتت بها هذه الفكرة، ولا تستسلم لها، أول ما تشعر بأنها بدأت تهاجمك أتمنى أن تبدأ في التخلص منها فورا.

أتمنى أن تتم فحوصك على خير؛ لأن الفحوص هذه قد تكون في حاجة إليها؛ خاصة وأن هناك تداخلا كبيرا ما بين مظاهر وأعراض الأمراض النفسية والوساوس الشيطانية، فالفحوصات ستمكنك من تحديد مصدر الوساوس، وبالتالي سهولة علاجها.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات