السؤال
السلام عليكم ..
مشكلتي وبكل بساطة، لكي لأطيل عليكم، هي والدي؟ والدي شخص سكير، لا يصرف علينا كثيرا، وجل أمواله تذهب في الحرام.
كنت أدرس في مدينة ثانية، وهو كان يمكن يسدد المصاريف، لكن أنا اضطررت للسلف لكي أكمل الدراسة وآخذ الدبلوم.
بما أنه أكثر من الأعمال المتطاولة بدأت أدخل معه في مشادات كلامية، وبعض المرات بالسب والشتم!
صحيح أن الله يقول: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) وقال: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا).
والدي تطاول كثيرا! وأنا الآن أقطع كلامه، فهو لا يستمع لنصيحة أحد، ومواصل مشواره، وأمي ضيعها في حقوقها كثيرا هي وأخواتي.
ما هي فتواكم لي ولأبي؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ med حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ابننا الكريم: لا شك أن ما يفعله والدك من الخطأ كبير، ولكن الخطأ لا يقابل بالخطأ، والوالد مهما كان من السوء فإنه يظل والدا، له حقوق، ولذلك قال العظيم بعد أكبر جريمة يمكن أن تصدر من والد: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم) قال: (فلا تطعهما) إذا أمراك بأن لا تصلي، ألا تؤمن بالله، الله يقول: (فلا تطعهما) ثم ماذا بعدها يا رب؟ هل نشتمهم؟ هل نضربهم؟ هل نهجرهم؟ لا، قال: (وصاحبهما في الدنيا معروفا).
إذا ينبغي أن تنتبه لهذا الجانب، فإن تقصير الوالد لا يبيح لك التقصير، ولا يبيح لك الشتم، ولا يبيح لك الإساءة، بل ينبغي أن تزداد له برا ليرى في برك سماحة الإسلام وعظمة الالتزام، وأدب الملتزمين ويلين قلبه، ويعود إلى الله تبارك وتعالى، لكن إذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة.
أنت ولله الحمد، في عمر يؤهلك للإصلاح، في عمر تستطيع به أن تخفف على الوالدة، وأن ترفع من معنوياتها، في عمر تستطيع أن تحرص وتجتهد في هداية هذا الوالد إلى ما يرضي الله تبارك وتعالى، فلا يحملك ما يقع فيه من المعاصي على أن تعصي الله أيضا بالإساءة إليه أو بالشدة عليه، فإن هذا مما لا ترضاه هذه الشريعة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.
نسأل الله أن يزيدك حرصا وخيرا، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونشكر لك المشاعر النبيلة التي دفعتك للكتابة إلينا، ونسأل الله أن يقر أعينكم بهداية هذا الوالد وصلاحه، وحاولوا أن تسايسوه وتأخذوا الأموال من يده بحكمة وحنكة لتستخدموها فيما يرضي الله تبارك وتعالى، لأنها إذا تركت سيستخدمها فيما يغضب الله، واجتهد في أن تحسن له الاستماع، ولا تفعل إلا ما يرضي الله ويجلب لكم المصالح والفوائد.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.