هل صحيح أن الأدوية النفسية تضر بالكلى والكبد؟

0 344

السؤال

ما هو العلاج النفسي المناسب لي؟ لأنني شخص حساس جدا، ولدي رهاب اجتماعي، وأفكار مقلقة، ومصاب بالقولون العصبي، وتبرعت بالكلى منذ 10 أشهر، فهل صحيح أن الأدوية النفسية تضر بالكلى والكبد؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

تبرعك بالكلى لا شك أنه عمل عظيم، وعليك أن تحتسب وتسأل الله تعالى أن يثيبك على هذه الصدقة الجارية، ولا شك أنه عمل ذو قيمة عظيمة جدا، فلك من الله حسن الثواب وحسن الجزاء.

أيها الفاضل الكريم: موضوع حساسيتك، والخوف الاجتماعي، والقلق، والتوترات، والقولون العصبي، هذه كلها مرتبطة بالقلق، فالذي أقوله لك: إن القلق طاقة نفسية مطلوبة في حياة الناس، فالقلق هو الذي يحركنا من أجل أن نعمل، ومن أجل أن نتفاعل، ومن أجل أن نثابر، فالقلق ليس طاقة نفسية سلبية كما يفهم بعض الناس، هو طاقة إيجابية مطلوبة، لكن إذا زاد عن اللزوم، أو إذا لم نقم بإدارة هذا القلق بصورة صحيحة هنا يتحول إلى الضد، ويكون قلقا مرضيا.

فالذي أقوله لك: أولا يجب أن تكثر من التواصل الاجتماعي. هذه هي النقطة الأولى.

ثانيا: تمارس الرياضة، أي نوع من الرياضة، رياضة كرة القدم، المشي، الجري، السباحة، كلها وجدت أنها مفيدة جدا، تشرح صدر الإنسان، وتفرغ الشحنات القلقية السلبية منه، وتؤدي إلى إفراز مواد كيميائية في الدماغ، تؤدي إلى تحسين المزاج.

نقطة ثالثة مهمة وهي: الحرص على صلاة الجماعة، فصلاة الجماعة تدفع الإنسان دفعا إيجابيا للتخلص التام من الخوف الاجتماعي، ويشعر الإنسان بأن ذاته قد تحسنت، وأنه أصبح ذو همة عالية، وأنه مفيد لنفسه ولغيره، هذا شعور طيب وجميل، يزيل الخوف والرهاب.

رابعا: تطوير الذات، وهذا يتم من خلال الإحسان في كل شيء، والإجادة في كل شيء، في الدراسة، وفي العمل، وفي بر الوالدين، وفي العبادة، وفي الترفيه الطيب والجميل والمباح والحلال، إذا اجعل هذا هو طريقك وهذا هو سعيك، وإن شاء الله تعالى لن يصيبك مكروها أبدا.

بالنسبة لموضوع الكلى: أنت الحمد لله تعالى الآن لديك كلية واحدة صحية تماما، وإذا لم تكن صحية لن يقوم الأطباء أصلا بنقل الكلية الأخرى منك، والكلية الواحدة تكفي الإنسان تماما، وكما تعرف -أيها الفاضل الكريم- أن نسبة معتبرة من الناس تولد أصلا بكلية واحدة، فإذا لا تشفق، عش حياة طبيعية، وقطعا إنه من التحوط الإيجابي ألا تتناول أدوية دون استشارة طبية، وأن تحافظ على صحتك، وذلك من خلال أن يكون الغذاء متوازنا، هذا مطلوب بالنسبة للإنسان العادي، وكذلك بالنسبة للإنسان الذي لديه كلية واحدة.

فإذا الادوية النفسية لا تأثير لها على الكلى أبدا إذا كان تناول الدواء بصورة صحيحة.

هنالك دواء واحد وهو (كربونات الليثيوم) هذا الدواء يفرز أصلا غير مستقلب عن طريق الكلى، وهنا قد لا أنصح بتناوله بالنسبة لشخص لديه كلية واحدة، إلا إذا كانت جرعة الليثيوم صغيرة، أو كان هناك مراقبة طبية لصيقة من جانب الطبيب المختص.

بالنسبة للكبد وسلامة الأدوية النفسية: فالكبد هي التي تفرز أو تأتي منها الأنزيمات التي تؤدي إلى ما يعرف بـ (استقلاب الأدوية وتمثيلها أيضيا)، أي التعامل مع الأدوية وتفتيتها وتحليلها ليستفيد منها الجسم، لذا التأكد من سلامة الأدوية مهم.

الأدوية البسيطة مثل البنادول وخلافه والمضادات الحيوية هذه لا إشكال فيها أبدا، إلا أنه في حالة البنادول إذا كان بجرعات كبيرة قد يؤدي إلى تسمم شديد بالنسبة للكبد، فلذا يجب الحذر من البنادول، وعدم الإكثار منه، وأن تكون الجرعة جرعة طبية.

أما بالنسبة للأدوية النفسية فمعظمها لا تؤثر على الكبد تأثيرا مستمر، لكن هناك تأثيرات وقتية، مثلا أدوية مثل الدباكين كرونو، هذا قد يرفع أنزيمات الكبد، ومضادات الاكتئاب قد ترفع أنزيمات الكبد قليلا، لكن هذا الارتفاع في الأنزيمات لا يعني تحطيم خلايا الكبد، أبدا، هو ارتفاع عابر، ويحدث مع أدوية معينة قمت بذكرها، وبعد أن يتوقف الإنسان عن هذه الأدوية ترجع أنزيمات الكبد لطبيعتها.

المبدأ العلمي الصحيح والرصين، والذي يجب أن نعتمد عليه في مثل هذه الحالة هو أن الإنسان قبل أن يبدأ تناول أدوية سوف يستمر عليها لفترة طويلة - خاصة الأدوية النفسية - ويجب أن يقوم بفحص عام، ويشمل ذلك وظائف الكبد، وبعد ثلاثة أشهر أخرى (مثلا) يعيد الفحص، وهكذا. هذا لمجرد التحوط، لكن بصفة عامة هذه الأدوية سليمة جدا.

أريدك أن تقابل الطبيب النفسي إذا كان ذلك ممكنا، وإن لم يكن ممكنا أعتقد أنك في حاجة لدواء بسيط جدا مثل دواء (جنبريد)، هكذا يسمى في المملكة العربية السعودية، ويسمى أيضا تجاريا باسم (دوجماتيل)، ويسمى علميا باسم (سلبرايد)، والجرعة المطلوبة في حالتك هي صغيرة جدا، كبسولة واحدة، تناولها ليلا لمدة أسبوعين، ثم اجعلها كبسولة صباحا ومساء لمدة شهر، ثم كبسولة واحدة ليلا لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول هذا الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات