السؤال
السلام عليكم
أنا سيدة بعمر 29 عاما، ولي بعض الاستفسارات:
أولا: لدي عادة سيئة أفعلها دائما وهي قضم الأظافر والشفتين، وكنت أفعلها وأنا صائمة، أحيانا كنت لا أبلع، وأحيانا كنت أسرح فلا أشعر أني بلعت شيئا إلا إذا أحسست بشيء في حلقي، فأسرع لأطرده لكني كنت أحيانا أتساهل فكنت أنسى وأبلع، لكن لا أجتهد لطرده ظنا أن هذا ليس بطعام ليفسد الصيام، لكني لم أكن أبدا أنوي أن أفسد صيامي عمدا، إلى أن هداني الله وبدأت أتفقه قليلا في ديني، وعلمت أن كل ما يدخل الجوف يبطل الصيام، فماذا أفعل في الرمضانات التي مرت علي؟ هل أكفر عنها؟
علما أني تبت وأحاول جاهدة التخلص من هذه العادة، وعلمت أن التوبة تجب ما قبلها.
ثانيا: زوجي لا يصلي وكلما سألته يقول أنه صلى، وأنا أتابعه جيدا، وهو لديه حس لكل ما هو إسلامي، ويخشى الله في معظم أموره، وهو طيب القلب ولا يقبل الحرام، لكن والده أيضا لا يصلي، مع أن أمه امرأة تقية، والحقيقة أخاف على ابني أن يسلك درب والده مثلما فعل زوجي، لأن الأطفال يأخذون عن آبائهم، فماذا أفعل؟
ثالثا: كنت قبل زواجي أعمل وأشعر أني بشكل أو بآخر أخدم مجتمعي، لكني بعد الزواج شغلت بالمنزل والطفل، خاصة أننا سافرنا إلى بلاد عربية، ولا أعرف أحدا ولا أخرج إلا بصحبة زوجي، أخاف أن يسألني ربي عن عمري، فلا أعرف ما أقول، ماذا أفعل في تلك الظروف؟ وهل تربيتي لابني ومراعاتي لبيتي، تعد شيئا كافيا مع مراعاة فروضي الدينية؟
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
قضم الأظافر والشفاه هو مما يعرف بالسمات أو الصفات العصابية – أي التوترية –، وكثيرا ما يكون نمط وسواسي نشأ منذ الطفولة ثم استمر عليه الطفل، وبعض العلماء يربطه بالقلق حتى بعد أن يكبر الإنسان.
عموما هو يعالج من خلال تحقير هذه الفكرة، وممارسة تمارين الاسترخاء حتى يذهب التوتر والقلق، وهنالك تمارين سلوكية بسيطة منها (مثلا) أن تفكري في قضم الأظافر، وفي نفس اللحظة تقومين بالضرب على أصابعك على جسم صلب حتى تحسي بالألم، أو تقومين بوضع أصابعك على فمك كأنك تريدين قضم الأظافر، وحين تتذكرين ذلك تقومين فجأة بسحب يدك والضرب عليها على جسم صلب – الطاولة مثلا – لتحسي بالألم.
الهدف من هذا التمرين هو أن يربط بين الفعل المتكرر ذي الطابع الوسواسي والألم، والألم يعرف عنه أنه من أكبر المنفرات والمقززات، علماء النفس والسلوك وجدوا أن الفعل المتكرر – أي الوسواسي، وهو قضم الأظافر في حالتك – سوف يضعف بالتدريج.
حاولي هذا التمرين بجدية، وطبقيه صباحا ومساء، على أن تكرري الفعل السلوكي عشر مرات على الأقل، والبعض يقوم بوضع أغطية معينة على الأصابع والأظافر، لكن هذه الطريقة لا أراها مفيدة كثيرا، وتطبيق تمارين الاسترخاء مهم جدا، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015) أرجو الرجوع إليها، وتطبيقها، -إن شاء الله تعالى- سوف تفيدك.
ألاحظ أن أسئلتك الأخرى - أيتها الفاضلة الكريمة - وإن كانت أسئلة ممتازة وجيدة لكنها تحمل الجانب الوسواسي، ونسبة لوجود قضم الأظافر – هذا الذي تعانين منه – مع ما طرحته من أفكار وتساؤلات، هذا يجعلني أن أنصحك بتناول أحد الأدوية المضادة لقلق الوساوس، ومنها عقار يعرف تجاريا باسم (فافرين) ويسمى علميا باسم (فلوفكسمين)، هو دواء سليم جدا، أنت تحتاجين لجرعة صغيرة منه، وهي خمسون مليجراما، تتناولينها ليلا بعد الأكل لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجراما صباحا ومساء لمدة شهر، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.
هذا الدواء لا يؤثر أبدا على الهرمونات النسوية، ولا يؤدي إلى الإدمان، وفي ذات الوقت أعتقد أنه سوف يعطيك نوعا من الراحة النفسية، ويخفف عليك جهد التساؤلات التي تأتيك في وجدانك، وتسبب لك قطعا شيئا من المضايقة، - وإن شاء الله تعالى - سوف يقوم الشيخ أحمد الفودعي – حفظه الله – بالإجابة بصورة متكاملة على استفساراتك ذات الطابع الشرعي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.
+++++++
انتهت إجابة الدكتور محمد عبد العليم، استشاري أول في الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
+++++++
مرحبا بك - ابنتنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.
بالنسبة للسؤال الأول عن حكم قضم الأظافر والشفاه أثناء الصوم وتأثير عليه؟ جوابه أن هذه العادة ينبغي لك التخلص منها ومجاهدة نفسك لتركها، أما أثر ذلك على الصوم ففيه تفصيل، فإن كنت تفعلين ذلك وتبتلعين شيئا أثناء الصيام جاهلة أن ذلك يفسد الصوم، فإن صومك صحيح، لا يفسد، وكذلك إذا ابتلعت شيئا ناسية أنك صائمة، فصومك صحيح.
بهذا تعلمين حكم صيامك الماضي وتأثير ما ذكرت عليه، وفي حال أنه كان مما يفسد به الصوم فالواجب عليك قضاء الأيام، فإن كنت لا تعلمين عددها بالضبط، فتحري بقدر الاستطاعة واقضي ما تتيقنين براءة ذمتك به.
وأما عما ذكرت من شأن تكاسل زوجك على القيام بفريضة الصلاة، وخوفك على ابنك أن يسلك الطريق ذاته، فهذا تخوف صحيح في محله، وقد أحسنت استشعارك هذه المسؤولية، ونصيحتنا لك تتلخص في أن تواصلي نصح زوجك وتذكيره بالله تعالى، وحاولي أن تسمعيه بعض المواعظ التي تذكر بالدار الآخرة وما فيها من أهوال وشدائد، ومنافع الصلاة، والعقوبات المترتبة على تركها، والشبكة (إسلام ويب) -ولله الحمد- مملوءة بالمواد الوعظية التي تتكلم عن موضوع الصلاة وأهميته.
أما بالنسبة لولدك فاحرصي على غرس أهمية الصلاة في نفسه منذ الصغر، وذلك بتعويده على أداء هذه الصلاة في وقتها، وحاولي أن تنشئي علاقات أسرية مع الأسر التي فيها بيئات صالحة حتى يتأثر بالصحبة الصالحة، وينشأ في بيئة تعينه على الدوام والاستمرار على ما هو عليه من الخير، وحاولي أن تربطيه بالقدوات الصالحة، فحاولي أن تعوديه أن يسمع قصص الصالحين وأخبارهم، ويقرأ عنهم، فإذا أحبهم جعلهم القدوة له، وأكثري من دعاء الله تعالى له بالصلاح والهداية، فإن دعاءك له نافع - بإذن الله تعالى -.
وأما عما سألت عنه من قضاء عمرك في بيتك، فأنت في وظيفة جليلة القدر عظيمة الأثر، فإن وظيفة المرأة وقيامها على بيتها وإصلاح أحوالها وأحوال زوجها، ورعايتها لأبنائها من أجل الوظائف وأهم الأعمال، فتربية الجيل وإعداد النشء ليست بالوظيفة السهلة، فأنت احتسبي أجرك عند الله تعالى، وتقربي إليه ببذل وسعك وطاقتك في إحسان هذا العمل، وستجدين من ورائه خيرا كثيرا، وليس في ذلك ضياع للعمر، أشغلي نفسك بطاعة الله تعالى بالإكثار من نوافل الأعمال، ولا سيما ذكر الله تعالى، فأكثري من ذكره، وأكثري من قراءة القرآن، وتعلمي ما ينفعك، وستحصلين بذلك خيرا كثيرا في دنياك وآخرتك.
نسأل الله تعالى أن يأخذ بيدك إلى كل خير.