يئست من الدنيا وأوشكت على إيذاء نفسي..فهل من منقذ؟

0 445

السؤال

السلام عليكم
نا إنسان مؤمن وراض دائما بما كتب الله, والحمد الله، والكل يصفني بأني ذو عقل ونضج، مرح, ذكي, متزن، الكل -الحمد الله- يحبني، طيب و(على نياتي)، وأنا دائما أملي بالله كبير.

حدث لي مؤخرا شيء غريب؛ حيث أني لم أعد أقتنع بتلك الكلمات التي هي (الصبر، الأمل، الفرج) لم يعد لدي ثقة بشيء، يأس, إحباط، لا توجد لدي رغبة أبدا في الحياة، نعيش الكذب، وعلى قول غدا سيكون غدا مشرقا، فيما هو غد أسود كاتم، مللت كل شيء، أكره نفسي, وأكره رؤية وجهي في المرآة، لا أطيق حتى سماع صوتي، أرى غيري يعيش وحياته مستمرة، أنا أعيش لأرى من تسير حياتهم كما يريدون, عشت حياتي كلها أدعو وأدعو, ولكن لم يتغير شيء.

سؤالي: لماذا أنفاسي مستمرة طالما الحياة لا تريدني أن أعيش كغيري؟ نصائح مواعظ كلها أعرفها وأحفظها، وحفظتها أيضا لغيري من أمثالي.

المشكلة والمصيبة أني أعرف جيدا بأن الموت ليس منجاة من الحياة، إذا ماذا أفعل، لا حياة أطيقها, ولا موت، قد يكون بداية عذاب أبدي، كما أنني أعرف جيدا بأن حسناتي ليست بأكثر من سيئاتي، إذا على ماذا أموت، وأذهب للحساب والعقاب.

الخلاصة: لم أعد أطيق هذه الحياة، أريد أن أؤذي نفسي بأي طريقة، أسعى الآن لأذية جسدي، لا أدري لماذا، وكأنه عقاب أعاقب نفسي به، يمكن لأنني أكرهها، فكرهها يزداد يوما بعد يوم.

المصيبة العظمى هي بأني لم يعد إيماني بالله كما في السابق، أحس بأن هناك خللا, أستغفر الله وأتوب إليه.

أرشدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مجهول حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية, ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.
أولا نقول لك أخي الكريم: إن المؤمن في هذه الدنيا معرض لامتحانات وابتلاءات، فقد يبتلى في دينه, وفي ماله, وفي صحته, وفي مجتمعه الذي يعيش فيه....الخ من أنواع الابتلاءات, فالاستعانة بالمولى عز وجل, والصبر والمجاهدة والعزيمة والإصرار من العوامل التي تساعد الفرد في النجاح واجتياز الامتحان بكفاءة.

وتذكر أن أشد الناس بلاء الأنبياء, ثم الأمثل فالأمثل, وأن الله تعالى إذا أحب العبد ابتلاه, وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.

ثانيا: حلول المشاكل لا تأتي وحدها, بل يتطلب ذلك مجموعة من التدخلات والتغييرات, والبداية تكون وقفة مع النفس, وعلاقتها مع الخالق جل وعلا, ما جوانب التقصيرعندي؟ ما المطلوب مني تجاه ربي؟ ما المطوب مني تجاه والدي؟ ما المطلوب مني تجاه دراستي وعملي؟ ما المطلوب مني تجاه مجتمعي؟ وهكذا بقية الأسئلة التي ينبغي أن تسألها لنفسك.

ثالثا: نقول لك أخي الكريم: أنت ما زلت في ريعان شبابك, وما زال المستقبل إن شاء الله يوعد بالكثير, وما زالت فرص تحقيق الآمال والطموحات أمامك واسعة, ما بالك بأناس في عمر السبعين, وما زال عطاؤهم لم ينضب, ومنهم من حفظ القرآن في هذا العمر, ومنهم من حصل على شهادات الماجستير والدكتوراة في هذا العمر, والأمثلة كثيرة.

رابعا: نطلب منك أن تبعد شبح العجز واليأس الذي خيم على قلبك وفكرك, واستبدله بروح التفاؤل, والنظرة المشرقة للحياة, فأنت مؤكد لديك العديد من القدرات والطاقات, فقط أنت محتاج لتفجيرها واستثمارها بصورة جيدة, وإن شاء الله تصل لما تريد.

انظر إلى حال من هم أضعف وأقل منك صحة وعلما وقدرة ومهارة, تعلقوا بالحياة, فأبدعوا فيها, وحققوا الكثير من الإنجازات في مجالات حياتية مختلفة, فلمعت أسماؤهم, وكبر شأنهم, وصاروا من الأعلام, فما تم ذلك إلا بقوة عزيمتهم وإرادتهم ومثابرتهم.

خامسا: اخرج أخي الكريم من هذا النفق المظلم -الذي وضعت فيه نفسك واستسلمت له– فبادر بوضع خطتك, وتحديد أهدافك, ماذا تريد؟ وما الإنجاز الذي تتمنى تحقيقه؟ وما المكانة التي تريد وصولها وسط أسرتك ومجتمعك؟ ثم قم باختيار الوسائل المناسبة لتحقيق أهدافك, واستشر في ذلك ذوي المعرفة والعلم, وأصحاب الخبرات الذين تثق فيهم, وحاول اكتشاف قدراتك, وامكاناتك التي تؤهلك لذلك, واعتبر المرحلة التي تمر بها الآن مرحلة مخاض لولادة شخصية جديدة, بأفكار ورؤى جديدة للحياة, ونظرة جديدة للمستقبل.

واعلم أن كل من سار على الدرب وصل, فقط كيف نبدأ الخطوة الأولى, ونستعين بالله تعالى, ونتوكل عليه, ويكون لدينا اليقين الصادق بأن كل شيء بيده سبحانه وتعالى, ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء, إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.

نعم إنك تعلم الكثير عن المواعظ والنصائح, ولكن ربما تطبيقها هو الذي يصعب عليك, فلا بد أن تعلم أن التغيير لا يأتي فجأة, فلا بد من التدرج والمواظبة والمثابرة والصبر والله تعالى يقول: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فإيذاء النفس ليس هو الحل, بل ربما يعقد المشكلة أكثر وأكثر.

وفقك الله وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات