السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... أشكر الدكتور محمد عبدالعليم على جهوده الجبارة، وأشكر القائمين على هذا الموقع المبارك.
لدي صديق يعاني من الوسواس القهري منذ 15 سنة، بدأ معه الوسواس عندما كان يلعب كرة القدم في إحدى النوادي، فلم يعد يذهب إلى ذلك المكان، ولا يستطيع الذهاب إلى القرى المحيطة بذلك النادي خوفا من أن تصيبه الوساوس القهرية.
وأيضا يخشى الأماكن البعيدة، وإذا ذكر له أحدا مكانا بعيدا تنتابه نوبة وسواسية، وتكرار الكلمات كذلك، حيث لديه وسواس التكرار، وإذا لمس شيئا حادا يكرر ملامسته مرة أخرى، ويكررها عدة مرات، أيضا هو يخشى من الكهرباء، ولا يستطيع فتح جهاز التكييف بنفسه، ولا يستطيع شحن تلفونه بنفسه، خوفا من أن تصيبه نوبة وسواس التكرار.
وهو الآن يأخذ فيفارين ولاميكتال وأنافرانيل، ولكنه لا يأخذ جرعة الفيفارين كاملة كما وصفها الطبيب 200 ملجم، يأخذ فقط 100ملجم، ظنا منه أن جرعة 200 ملجم تؤثر على كبده، وتهيج القولون، وهو لديه فقط دهون في الكبد، ولا يأخذ اللاميكتال والأنافرانيل، ولا يريد أن يلتزم بالجرعة الموصوفة، ظنا منه أن الأطباء لا يكترثون لصحة المريض، ويبالغون في صرف الأدوية، وما زالت حالته تسوء بسبب انخفاض الجرعة، وهو لا يريد الالتزام بالجرعات الموصوفة، بسبب أفكار خاطئة.
وأنا أريد مساعدته، فقلت له سأستشير لك طبيبا موثوقا، فوعدني أنه سيلتزم بالعلاج إذا قدمت له الاستشارة؛ لأنه يثق بي، فأرجو يا دكتور محمد عبدالعليم أن تساعدني في توضيح الجرعات الآمنة لعلاج الوسواس القهري، لكي أستطيع إقناعه، وكذلك أريد رأيك في أن يأخذ دواء الفلوناكسول، لأنه يعاني من القولون، ومن قلة النوم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Aisha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله -تعالى- العافية والشفاء لهذا المريض، ولا شك أن الوسواس القهري مرض محاور جدا لصاحبه، ويتحايل على الإنسان ويقنعه بأشياء غير منطقية في بعض الأحيان، وعملية التشكيك حول العلاج وجدواه، هي سمة نشاهدها عند بعض الذين يعانون من الوسواس القهري، أعتقد أنه من واجب الأخ الطبيب الذي يعالج الأخ المريض بأن يشرح له التفاصيل الكاملة حول الوسواس ومسبباته، ودور الأدوية في علاجه.
القناعات التي تقوم على الشرح العلمي دائما تفيد أصحابها، والذي أود أن أؤكده أنه قد ثبت بالدليل العلمي والعملي الثابت، أن معظم هذه الوساوس هي في الأصل وساوس طبية، وما دامت طبية فالمسببات طبية، والأبحاث تركزت حول كيمياء الدماغ، واتضح بالفعل أنه يحدث نوعا من الاضطراب في كيمياء الدماغ في مناطق معينة من الدماغ، وما دام هنالك أمرا فسيولوجيا أو كيميائيا فلا بد أن يصحح، وبين الله -تعالى- للعلماء أن يكتشفوا هذه الأدوية التي تصحح المسارات الكيميائية، مما يساعد على اختفاء الوسواس وعلاجه، وتحسين المزاج.
هذا الأخ يعاني من مخاوف وسواسية، ولا شك في ذلك، وهو يحتاج للعلاج، والوسواس لا يستجيب للجرعات الصغيرة من الأدوية، لكنه يستجيب للجرعات المتوسطة أو الكبيرة والتي تتعدى نطاق طيف السلامة، يعني أنها سليمة، مثلا الفافرين يمكن أن يعطى حتى 300 مليجرام في اليوم، والبروزاك من الأدوية الممتازة جدا التي نبدأ بها عادة، وفي بعض الأحيان نعطي البروزاك مع الفافرين، وأحيانا أخرى نعطي البروزاك زائد الفافرين زائد جرعة صغيرة من الرزبيريادون، هذه كلها آليات علاجية دوائية، ولا بد لهذا الأخ الكريم أن يستوعب أن أفضل النتائج العلاجية يتم الحصول عليها -بإذن الله تعالى- إذا كان التدخل الطبي تدخل مبكرا، وإذا التزم الإنسان بتناول الدواء حسب الجرعة الموصوفة، والمدة المطلوبة، أرجو أن تلفتي نظر هذا الأخ لما ذكرته.
أما بالنسبة للفلونكسول، فلا أعتقد أنه في حاجة إليه، لأن تناول الفافرين أو البروزاك أو حتى سيرترالين سوف يكفي تماما، والجرعات التي وصفها له الطبيب آمنة، وكما ذكرت أن جرعة الفافرين يمكن أن تكون حتى 300 مليجرام في اليوم، وهذه الجرعات التي أفضلها، أو يمكن أن ينتقل هذا الأخ إلى دواء آخر بعد استشارة طبيبه، حيث يمكن أن يتناول سيرترالين كما ذكرت، وهو دواء ممتاز جدا، ويسمى زولفت، وتأثيراته الجانبية قليلة جدا، وجرعاته يمكن أن تكون حتى 3 أو 4 حبات في اليوم، يتم بنائها بالتدرج، أتمنى أن تتحسن قناعات هذا الأخ نحو العلاج الدوائي، والذي يجب أن يدعمهم بالعلاج السلوكي، وهنا يصل إلى التعافي -إن شاء الله تعالى-.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.