زوجي يريد إلزامي بالسكن مع أهله.. فهل يحق له ذلك؟

0 371

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

أنا وزوجي مغتربان في دولة خليجية، وعند العودة إلى الوطن يريد زوجي إجباري على أن أسكن معه في بيت أهله، وأنا لا أريد أن أسكن في بيت أهله، ويقول لي أن رضا أمه وأبيه أهم من أن يوفر لي بيتا مستقلا، وأن بيت أهله هو السكن المؤقت -غرفة وحمام فقط مستقلان فوق بيت أهله، وباقي مستلزمات الحياة مع أهله-.

علما أن هذه الغرفة لإخوته الشباب، لكن سوف يتركونها لنا لأننا سننزل عندهم في الإجازة، أما السكن الدائم هو في مكان الإقامة في الدولة الخليجية، وقدرته المادية تسمح له بأن يستأجر ويوفر بيتا مستقلا لي، لكنه لا يريد ذلك، علما أنني ملتزمة بالحجاب الشرعي الإسلامي -حجاب + جلباب (عباءة)، علما أن أهله عائلة مكونة من الأم والأب، وخمسة شباب غير متزوجين وأخت ، فهل يحق له إجباري على السكن في بيت أهله؟ وهل له طاعة في ذلك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فمثل هذه المسائل العائلية حلها الأمثل إنما هو في الحوار والنقاش، ومحاولة عرض الموضوع بأكثر من طريقة، لأنه مما لا شك فيه أن من حقك شرعا أن يكون لك بيت مستقل، خاصة وأن المسألة قد تستغرق أكثر من شهر، وأنك في حاجة لممارسة حياتك بطريقة مريحة، خاصة وأنكما تنزلان إلى بلدكم الأصلي، والأصل أن الإنسان يستريح في بلده، ويريد أن يعيش حياته، يستقبل ضيوفا أو يودع ضيوفا، أو يقوم بزيارات متبادلة، أو يتواصل مع أهله وأرحامه وأقاربه وأصدقائه، فالأمر يقتضي فعلا أن يكون هناك بيت مناسب لوضعكم المادي والاجتماعي والأدبي.، هذا حق للمرأة المسلمة أن يكون لها بيتها المستقل، وهذا مما لا نزاع فيه ولا خلاف.

هناك أيضا حق هذا الرجل في أن يصل والديه وأن يكرم أهله، فهناك نوع من التنازع ما بين الحقوق، حقك مقدم يقينا، وإذا أردنا أن نتكلم عن الحقوق بمعناها الواضح الدقيق فإن الذي طلبته إنما حقك الشرعي ولا نزاع فيه ولا ريب، والذي يريده زوجك أيضا إنما هو نوع من البر والإحسان إلى والديه وإكرامهما وإشعارهما بأنه لم يتخل عنهما وأنه معهما على مدار الساعة، حتى يعوضهما عن المرحلة التي ابتعد عنهما خلالها.

ما دام هناك نوع من التعارض ما بين بعض الحقوق والواجبات فإننا نقول: إن الحل الأمثل إنما هو الحوار الهادئ، إن استطعنا أن نصل بعقولنا وبتفكيرنا بعيدا عن أي تدخل لحل مناسب، فهذا هو الذي ينبغي أن يكون، بأن نتوسط في الأمر، بمعنى أنه من الممكن استئجار شقة ولو مؤقتا للإقامة فيها، وأن يكون فيها أثاث مناسب بالنسبة لكما، على أن تذهبا يوميا (مثلا) إلى أهله، وأن تمكثا معهما (مثلا) طيلة النهار، فإذا جاء الليل تعودون إلى بيتكم تعيشان حياة مريحة، قد يمر يوم لا يلزم أن تذهبي أنت إلى أهله، لأن بر أهله أو صلتهم ليس بلازم عليك، لزومه على زوجك، وإنما هو المطالب بذلك، وأنت تعينينه على ذلك، وتشاركينه في هذا، وهذا لا إشكال فيه، ولكن لا يلزم أنه يجب عليك كل يوم أن تكوني في بيت والده أو والدته، خاصة وأن هناك إخوة وهناك أخوات وهناك شباب ذكور أيضا، قد يكون في وجودك بينهم نوع من الحرج الشرعي، ونعم قد تكون غرفة تستطيعين أن تستريحي فيها، ولكن هي في الواقع أيضا تعتبر غير مناسبة لإقامة حياتكما بطريقة مريحة.

إلا أنني أقول: إذا توقف الأمر على ذلك ولم يقبل زوجك فكرة استئجار شقة، حتى وإن كان قادرا فأنا أرى – بارك الله فيك – أن تحاولي معالجة الأمر بشيء من التنازل عن حقك، حتى لا يحدث هناك شرخ يعكر صفو أسرتك، فإن المرأة الحكيمة العاقلة هي التي دائما تحرص على ألا تعرض سفينتها للعواصف العاتية أو للرياح الشديدة، وهذا ليس ضعفا – أختي الكريمة – وإنما نوع من الحكمة، ونوع من مراعاة الظروف، ونوع من الحرص أيضا على ألا يحدث هناك ما يعكر الصفو ويكدر الخاطر، خاصة وأن الزيارات لا تزيد في الغالب عن شهر أو شهر ونصف أو شهرين، وهناك مساحة طويلة تصل إلى عشرة أشهر أو يزيد وأنتما معا ليس معكما أحد.

فإذن أتمنى أيضا أن يكون هناك أيضا نوع من التوازن في موقفك، لأنني أخشى أن إصرارك على أن يكون لك بيت مستقل خلال هذه الفترة، قد يقابل بالرفض من قبل زوجك، والرفض الشديد الذي قد يترتب عليه وجود شرخ في العلاقة بينك وبين زوجك، وأنا دائما أقول: لا ينبغي أن نضطر الطرف الآخر إلى أن يتخذ منا موقفا معاديا أو موقفا مؤلما، أو أن نسبب له إزعاجا أو إيلاما، ما دمنا حريصين على بعضنا البعض، هناك فرق ما بين امرأة تريد أن تستمر سفينة الحياة وليست على استعداد أن تضحي بزوجها تحت أي ظرف، وهناك امرأة تريد أن تتخلص من حياتها الزوجية، فشتان ما بين هذا الموقف وذاك.

لذا أقول – بارك الله فيك – وأنت من خلال رسالتك أفهم أن الحمد لله بينكما مساحة كبيرة من التفاهم والانسجام، انظري إلى عشرة أشهر أنتما تعيشان بعيدا عن أي ضغط، فلا ينبغي أبدا أن يعكر الصفو وجود شهر أو شهر ونصف وغير ذلك، خاصة وأن هناك غرفة من الممكن أن تنامي فيها وحدك.

أسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات