مرض الهلوسة.. طبيعته ومظاهره وطرق التعامل مع صاحبه

0 369

السؤال

مريضة في الستين من عمرها تعاني من بعض الأعراض الغريبة، وهي هلوسة صوتية في الأذن اليسرى، حيث يهيأ لها أن ملك الموت يتحدث معها عن اقتراب أجلها، وهي تظل تتحدث مع نفسها بكثرة، وتأتيها نوبات هلع تستيقظ فيها مفزوعة من النوم، ولا تعرف هل نحن صباحا أم مساء رغم رؤيتها للسماء من نافذة غرفتها، بالإضافة إلى أنها تقوم بغسل رأسها بالماء أكثر من مرة يوميا بدون أي سبب منطقي لذلك، وأصبحت تنام بكثرة بشكل متقطع، وسريع، ولكن ما لاحظته أنه عند نومها لو حاولت أن أوقظها لا تستيقظ، ولكنها تكتفي ببعض الهمهمة، وبعدها بـ 10 دقائق أجدها قد استيقظت بمفردها وبمنتهى السهولة!

بدأت هذه الأعراض بالظهور بعد وفاة زوجها، وتأثرها نفسيا بذلك، وهي في ازدياد منذ حوالي سنة، والآن هي أصبحت غريبة جدا، فهي تستيقظ الفجر لتقوم بعمل طعام، وتكون في حالة جيدة، ثم باقي اليوم، إما نائمة، أو تشعر بإرهاق من هذه الهلوسة الصوتية، وتخبرنا أن ملك الموت يقوم بإيذائها، وتكسير رأسها حتى تكفر عن أي ذنوب فعلتها في الماضي.

مع العلم أننا قمنا بتجربة سيروكسات وستلازين وكالميبام تباعا بدون أي تحسن، وأيضا بعد استعمالها للاستلازين منذ بضعة أيام، وأصبح لديها ثقل بسيط في اللسان رغم توقفها عن استخدامه، فهل هذا طبيعي؟

علما أن لديها تاريخا مع المرض النفسي، فمنذ بضع سنوات عندما مررنا بأزمة عائلية كانت تأتيها بعض الهلاوس البصرية والسمعية بدون أي أعراض أخرى، وكانت في حال أفضل بكثير مما هي عليه الآن.

أتمنى الرد منك -يا دكتور- وإفادتي؛ فأنا أعيش أوقاتا صعبة جدا، ولا أعرف طريقة التعامل مع حالتها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هشام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله تعالى العافية لهذه السيدة، وأشكرك على الاهتمام بأمرها.

المريضة لها تاريخ مرضي نفسي سابق، لا نعرف طبيعة هذا المرض، لكن على العموم هذه حقيقة هامة، ولا يمكن تجاهلها.

الذي تعاني منه الآن من تصرفات ومسلك غير طبيعي، هلاوس، واضطراب في أفكارها، قطعا هذه مكونات رئيسية للمرض النفسي، أو قل (المرض الذهني) على سبيل الدقة والتحديد.

ربما يكون الذي تعاني منه الآن هو تجدد لمرضها السابق، وإن اختلفت الأعراض، أو ربما يكون أصلا ناتجا مما يعرف بالاكتئاب الذهاني، أو ربما يكون لديها بدايات الخرف.

هذه احتمالات أساسية، وقطعا الفصام والأمراض المشابهة أيضا لا بد أن نضعها في الاعتبار.

الذي أرجوه – أيها الأخ الكريم – أن تقابل هذه السيدة أحد الأطباء النفسيين، ليقوم بمناظرتها وفحصها، ومن ثم إجراء الفحوصات المختبرية الضرورية، وأرى أنها تحتاج لصورة مقطعية للدماغ، مع إجراء الفحوصات الروتينية، وعلى ضوء النتائج والاستنتاج الإكلينيكي التشخيصي الذي سوف يصل إليه الطبيب يتم إعطاؤها العلاج، وغالبا يكون علاجها دوائيا في المقام الأول، وإن لم تستفد من الزيروكسات والاستلازين فيما مضى، فيمكن أن تعطى أدوية أخرى أكثر فعالية وأكثر سلامة.

الثقل في اللسان الذي تعاني منه ربما يكون مرده إلى استخدام الاستلازين، وهذا الأثر الجانبي يبقى لدى بعض المرضى لمدة أسبوع إلى عشرة أيام من التوقف عن الدواء، أما إن استمر أكثر من ذلك، فلا أعتقد أن سبب ذلك هو الدواء.

عموما فحصها إكلينيكيا، وإجراء فحوصات مختبرية والصورة المقطعية – كما ذكرت – أرى أنها ضروريات، ومن ثم تحدد الطرق والمراحل العلاجية المطلوبة في حالتها.

الطب النفسي تقدم كثيرا – أيها الفاضل الكريم – كما تعرف، ويمكن أن تساعد هذه الفاضلة، وأنت جزاك الله خيرا على الاهتمام بأمرها، والتعامل معها يكون في حدود الرأفة والرحمة ودفعها إيجابيا للقيام بالأشياء البسيطة، مثل الاهتمام بنظافتها الشخصية، والجلوس مع الآخرين، وتنظيم نومها، وكما ذكرت الذهاب بها إلى الطبيب مهم جدا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات