السؤال
السلام عليكم ..
أنا من القراء الأوفياء لموقع إسلام ويب، وأعتبر ما تؤدونه خدمة جليلة جدا للناس والدين، وأنا اليوم أعرض عليكم مشكلتي، راجية أن أجد عندكم حلا لها.
أنا عمري اثنان وأربعون عاما، ومشكلتي تكمن في شخصيتي الضعيفة، وخجلي، واستسلامي لأحلام اليقظة، وكثرة النسيان.
أنا أدرك أن حالتي هذه ما هي إلا نتيجة للتربية التي تلقيتها في طفولتي، والمحيط الذي كبرت فيه، والآن أصبحت شخصيتي تشكل عائقا حقيقيا لي في تحقيق طموحاتي.
أنا على يقين أنني بذكائي وطموحي لو كنت بشخصية أقوى، لكنت بلغت مستوى أعلى بكثير مما أنا عليه الآن، سواء على الصعيد المهني أو الشخصي.
أنا أصغر إخوتي، نشأت في عائلة أفرادها لا يتواصلون مع بعضهم البعض، كل منا منعزل في ركنه، خارج البيت لنا أصدقاؤنا، وعندما ندخل إلى البيت لا نتحدث مع بعضنا إلا لحاجة، وكنت أشعر بالحزن من هذا الوضع، كان أخي الكبير ينتقصني كثيرا، وكذلك بعض أقاربي، ربما بسبب الغيرة، ما عدا بعض الصداقات العابرة التي كنت أكونها مع زميلاتي في الدراسة، فقد كنت منطوية وخجولة وقليلة الكلام.
كنت أحس بالوحدة إلى درجة أنني كونت لي عالما خاصا أعيش فيه مع شخصياتي التي كنت أختلقها في ذهني، وخلال كل فترة طفولتي ومراهقتي وبداية شبابي كنت أعيش في عالمي طوال الوقت، حتى وأنا أدرس، أو أتحدث مع الناس، أو منهمكة في عمل ما، يكون ذهني منشغلا بالعيش في عالم آخر أكون أنا تركته، دون أن يبدو علي شيء.
حينما يحدث لي موقف يزعجني أو يحرجني أظل أفكر فيه، وأتخيل نفسي وقد تصرفت بطريقة مغايرة لما تصرفت بها في الواقع، والآن خفت هذه الحالة عندي قليلا، لكن لم أتغلب عليها تماما.
كنت دائما متفوقة في دراستي، تخرجت من الجامعة، وتحصلت على الليسانس، وتوظفت في شركة كبيرة عن طريق المسابقة، وبدون وساطة من أحد، وأنا الآن رئيسة مصلحة.
مع بداية حياتي المهنية بدأت أكتشف ضعف شخصيتي، أقول أكتشف؛ لأن أحلام اليقظة كانت تحجب عني شخصيتي الحقيقية.
لما كنت أحضر اجتماعا, وكان علي الكلام، كانت نبضات قلبي تتسارع إلى درجة أنني عندما أبدا بالكلام أحس أن نفسي سينقطع، وتتشتت أفكاري، وأتلعثم, ومع مرور الوقت استطعت أن أتغلب بعض الشيء على هذه الحالة، لكن ليس تماما؛ فأنا لا أتخيل نفسي ألقي محاضرة، أو حتى كلمة أمام جمع كبير.
كل رؤسائي الذين عملت معهم كانوا يثنون عملي، بل لا أبالغ لو قلت أنني كنت دائما من الكفاءات البارزة في مؤسستي، لكن هذا على المستوى المهني، أما على المستوى الشخصي فأنا امرأة ضعيفة، إذا قال لي أحد كلمة تجرحني لا أرد عليه؛ لأنني أخجل، وحتى لو لم أكن أخجل فأنا لا أملك سرعة البديهة، ولا أجد الكلمات لأرد بها.
عندما أسمع أن شخصا ما اغتابني، أقرر أن أواجهه وأحضر ما سأقوله، لكن عندما أكون أمامه لا أملك الجرأة لقول ما أريد.
إذا احتجت مساعدة من أحد لا أستطيع أن أطلبها؛ لأنني أخجل، كما أنني أخجل أن أرفض طلبا من أحد، حتى عندما أرى منكرا لا أغيره؛ لأنه ليست لي الجرأة أن أقول ما أريد.
أنا متدينة، ومواظبة على صلاتي، وقراءة القرآن، والصيام، وأحب عمل الخير، وهذا يعطيني نوعا من الطمأنينة، لكن تنقصني العزيمة والإصرار على مواصلة ما أبدأ، كلما بدأت شيئا لا أكمله، أميل كثيرا إلى النوم؛ لأنه بمثابة فرار من واقعي.
عشت الكثير من المواقف المحبطة والمحرجة بسبب ما أنا عليه من ضعف في شخصيتي.
مشكلتي الأخرى هي النسيان، فذاكرتي تضعف يوما بعد يوم، أنا أظن أن حالتي النفسية المزرية تزيد من حالة النسيان عندي، أجد صعوبة كبيرة في التركيز عندما أدرس ملفا ما، مع أنني كنت سريعة الفهم في الماضي.
أصبحت أفقد المتعة في حياتي، لا شيء يسعدني، أملت لسنوات أن ألتقي رجلا أحبه ويتقدم لخطبتي، وكنت أحلم أن يكون لي أولاد، لكن هذا لم يحدث رغم أنني جميلة، أظن أن الرجال لا ينجذبون للمرأة الضعيفة والخجولة.
في الماضي كنت أعتقد أنني لما أتجاوز سنا معينا، ومع ما سأعيشه من تجارب في الحياة، ستتطور شخصيتي للأحسن، لكن هذا لم يحدث، والحقيقة أنني لم أفعل شيئا لأغير من شخصيتي، لكني الآن مصممة على التغير؛ فعندي مشاريع كثيرة أود تحقيقها، ولن أستطيع أداءها بضعفي هذا وخجلي.
أول خطوة عملية في طريق التغيير هي هذه الرسالة التي أكتبها لكم؛ لأطلب منكم النصيحة؛ ولكي ترشدوني للطريقة التي أستطيع بها أن أغير من شخصيتي، وأتخلص من أحلام اليقظة، ومن الخجل.
فهل لو زرت طبيبا نفسانيا يستطيع أن يساعدني على التغير؟ وهل يستطيع من هم في سني أن تكون لهم شخصية قوية بعد كل هذا العمر؟ لكن أرجوكم لا تصفوا لي دواء، فقط انصحوني بما علي فعله، فأملي في مساعدتكم لي كبير.
شكرا جزيلا لكم.