السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
جزى الله القائمين على هذا الموقع الرائع عنا كل خير..
أنا فتاة جامعية، مضى من عمري 20 عاما، وإلى الآن أعاني من مشكلة لا أعرف ما هي بالضبط؟ ولكن سأحاول أن أوصلها لكم.
مشكلتي هي أني في بعض الأحيان أشعر بالخجل من التكلم والتواصل، وفي أوقات أخرى لا أشعر بحرج ولا خجل أبدا، مع العلم أن الحالتين تكونان في نفس الوقت!
مثلا في محاضرة ما لا أشعر بالخجل أن أتكلم أو أسأل الدكتور عن شيء لم أفهمه، وفي نفس المحاضرة عند نفس الدكتور بوقت آخر أشعر بالخجل، وأحس أن شيئا ما بداخلي يمنعني من التكلم والسؤال، ولا أدري ما هي المشكلة؟
أستطيع أن أتعرف على صديقات في جميع الأوقات، ولا أشعر بالحرج من هذا الشيء، عندما دخلت إلى الجامعة تعرفت على الكثير من الفتيات ومن جميع التخصصات، وأتكلم وأتحدث ولا أشعر بحرج، ولكن لا أدري لم في أوقات أخرى خصوصا داخل المحاضرات أشعر أن شيئا ما بداخلي يمنعني من التحدث.
عملت مع فريق من أجل سوريا، ودرست طالبات في مركز (كنت أنا المعلمة)، ونجحت في ذلك -ولله الحمد-، وكانت طالباتي حقا يحببنني، وقالوا لي ذلك أكثر من مرة، فأنا أعجب من هذا الأمر، لماذا هذا التباين في الخجل؟ عندما أذهب إلى مكاتب الدكاترة أتكلم أيضا بلا حرج، وأسأل عن كل ما أريد، ولكن عندما أنزل إلى المحاضرة أرجع وأشعر بالخجل.
المشكلة الثانية: شعوري الدائم بأن الذي أمامي لا يحبني، وإذا اعترف الذي أمامي سواء كانوا صديقاتي أو دكاترتي بأنهم يحبونني أقول في نفسي بأنها مجاملة.
(مرة في محاضرة ما نقلت زميلتي الإجابة في الامتحان، والدكتورة رأتني، فقالت لي: إلا أنت، فأنا أحبك كثيرا، بعدها ذهبت واعتذرت منها، فقالت لي: أنا حقا أحبك كثيرا، ولن أغير نظرتي الكاملة بك من موقف حصل، وبعدها أحس أنها لم تعد تنظر إلي في المحاضرة، فلا أعرف هل الموضوع نفسي؟ وكيف يمكن التغلب على هذا الشعور أم هو حقا شعور صحيح؟
أرجوكم أشيروا علي ولا تطيلوا الوقت في الإجابة.
وشكرا جزيلا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ suha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على السؤال وعلى التواصل معنا، وعلى مدحك لخدمات هذا الموقع، فهذا مما نعتز به.
من الواضح أن ما وصفت هي حالة مما نسميها الارتباك أو الرهاب الاجتماعي، و"الرهاب الاجتماعي" حالة قد تبدأ فجأة، وأحيانا من دون مقدمات أو مؤشرات؛ حيث يشعر الشخص بالحرج والارتباك في بعض الأوساط الاجتماعية، وخاصة أمام الجمع من الناس وفي بعض المناسبات الجامعية، كالحديث مع المعلمين أو أمام الطلبة، وقد يشعر الشخص باحمرار الوجه، وتسرع ضربات القلب، وجفاف الفم، والخوف الشديد من الكلام، بينما نجد هذا الشخص نفسه يتكلم بشكل طبيعي ومريح في أوقات أخرى أو عندما يكون في صحبة شخصين أو ثلاثة فقط أو يتحدث مع المعلم على انفراد.
وقد يترافق هذا الخوف أو الارتباك ببعض الأعراض العضوية كالتعرق والإحساس وكأنه سيغمى عليه أو أن الناس ينظرون إليه، وقد يحاول الشخص الإسراع في حديثة أو طلبه من الآخرين؛ لأنه قد يشعر بضيق التنفس وكأنه سيختنق، ومجموعة هذه الأعراض قد نسميها نوبة الذعر أو الهلع، وقد يوجد الرهاب الاجتماعي مع أو من دون نوبات الهلع.
وفي معظم هذه الحالات ينمو الشخص ويتجاوز هذه المرحلة من نفسه، وخاصة عند اليافعين الشباب وبعد أن يتفهم الشخص طبيعة هذه الحالة، وبحيث لا يعود في حيرة من أمره، ويدرك ما يجري معه، فهذا الفهم والإدراك لما يجري، وأنها حالة من الرهاب الاجتماعي، ربما هي الخطوة الأولى في العلاج والشفاء.
وقد يفيدك التفكير الإيجابي بالصفات والإمكانات الحسنة الموجودة عندك، وواضح من كلام المعلمات والطالبات أنها كثيرة، أنهن يحببنك، وكذلك أن تحاولي أن لا تتجنبي الأماكن الخاصة التي تشعرين فيها بهذا الارتباك، كالحديث أمام الطلبة والمعلمات؛ لأن هذا التجنب يزيد الأعراض والارتباك ولا ينقصها، بل على العكس، فالنصيحة الأفضل أن تقتحمي مثل هذه الأماكن، ورويدا رويدا ستلاحظين أنك بدأت بالتأقلم والتكيف مع هذه الظروف الاجتماعية.
حاولي في وقت قريب أن تتحدثي أمام الطالبات، وسترين أن الأمر أبسط مما كنت تتصورين أو تتخوفين منه.
وبالنسبة للمعلمة التي ذكرتها، فحاولي أن تتصرفي معها بكل عفوية وتلقائية، ولا تجعلي ما حدث يقف حاجزا بينك وبينها.
وإذا استمرت الحالة أكثر ولم تستطيعي السيطرة عليها، فيمكنك مراجعة الأخصائية النفسية في الجامعة، والتي يمكن أن تستعمل معك الإرشاد المعرفي السلوكي، والذي يقوم على ما سبق ذكره، فالعلاج الأساسي والفعال يقوم على العلاج السلوكي المعرفي.
وإن كنت شخصيا أشعر بأنك ستتجاوزين هذا من نفسك، ومن دون الحاجة للأخصائية النفسية، صحيح أن الأمر قد لا يكون سهلا في البداية إلا أنه سيسهل مع الوقت.
وفقك الله في العمل مع الفريق من أجل سورية، بلدنا الحبيب الجريح.