مخاوفي تلاحقني في كل تفاصيل حياتي.. ما الحل؟

0 297

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أتقدم بالشكر للقائمين على الموقع، وأخصك -أنت- يا دكتور محمد؛ لما تقدمه من خبرات واستشارات، ـجعلها الله في موازين حسناتك- ووفقك للخير.

أدخل في صلب الموضوع: أنا عمري 28 سنة، ومتزوج منذ سنتين, مشكلتي بدأت في عام 2007م, وأنا منذ ذلك اليوم أعيش في هم وعذاب؛ حيث إني كنت في رحلة طيران، وبعد الإقلاع حدث صوت ما في الطائرة، فأصبت بخوف شديد، ولا أستطيع الفرار.

قبل هذا كنت أعشق الطيران والطائرة, وبعد هبوطنا بسلام, وفي أحد الأيام -وأنا أصلي بالمسجد الحرام والإمام يقرأ- انتابني خوف ورعشة وتعرق ودوخة، وشعور بأني سأسقط، وأني سأموت، وصوت بداخلي يقول لي: اقطع الصلاة -ولا أستطيع قطع الصلاة، والمصلون من حولي وخلفي- وكلما صليت صلاة -وخصوصا في الصلاة الجهرية وكذلك في الصفوف الأولى- ينتابني هذا الشعور.

لا أعرف ما هذا الشيء الذي غير حياتي للأسوأ؟ هل هو سحر أم عين أم ماذا؟ علما بأن لدي أخا أصيب بالاكتئاب في شبابه، ولا يزال إلى الآن يتعالج؛ مرة يقال: عنده اكتئاب ثنائي القطب، ومرة يقال: عنده سحر.

لا أستطيع أن أصف لك مدى العذاب الذي أنا فيه؛ أصبحت أخاف من الطائرة، والصلاة، والمصعد، والمرتفعات، وقيادة السيارة في خطوط سريعة ومزدحمة، أحس بدوخة وعدم اتزان، وأني سأفقد السيطرة على السيارة، وعدم التركيز والنسيان المستمر، ولا أنام وحيدا في المنزل، وإذا جلست فيه يأتيني تفكير بأنه سيظهر لي شيء ما.

للعلم تأتيني لحظات أشعر أني سأتغلب عليها، وخاصة بعد قراءة إرشادات نفسية، ولكني أكثر المرات أفشل، تأتيني عزيمة وتنهار، أحاول أن أحقر هذا الشيء الذي ينتابني، فما هي إلا ثوان وإذا بي في الموقف نفسه من جديد.

قبل فترة حجزت، وكنت سأسافر أرفه عن نفسي وعن أهلي، ويوم السفر ألغيت الرحلة، ولا أخفيك ما ترتبت على ذلك من مشاكل أسرية، وألم نفسي؛ حيث إني منيتهم بالسفر... ولم أكن هكذا من قبل هذه المشكلة.

أرجو أن تساعدني، وجزاك الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كلي أمل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرا على ثقتك في إسلام ويب، وفي شخصي الضعيف.
أخي الكريم: حالتك حالة مباشرة وبسيطة جدا؛ فأنت مررت بتجربة نفسية وسلوكية، تولد عنها ما نسميه بقلق المخاوف، الجرعة التي تعرضت لها من خوفك عالية جدا، وتحول حبك للطائرات إلى خوف وتوجس، ويعرف عن المخاوف أنها دائما تعطيك الشعور بأن كارثة سوف تقع، وأنك لن تتحكم في الأمر، وأنك سوف تفقد السيطرة، وأنه لا ملاذ ولا مجال للهرب.

أخي الكريم: هذا كله مبني على فكر خاطئ، هيكلة فكرية ليست صحيحة.
الحمد لله الطيران آمن، والإنسان لا يصيبه إلا ما كتب الله له، والأشياء التي مضت وسبقت ليس من الضروري أن تتكرر في المستقبل، إذن غير مفاهيمك –أيها الفاضل الكريم– حول الخوف، ولا بد أن تعرض نفسك لدرجة ما نسميه (إطماء) أي: الاقتحام والإقحام للفكر الذي يؤدي إلى الخوف، والتطبيق العملي، وألا تنقاد بأفكارك ومشاعرك، إنما تنقاد بأفعالك.

وجدت أن دعاء الركوب يشعر الإنسان بأمان كبير في الطائرة، إذا تأمله الإنسان وتدبره وأخذ به أخذا يقينيا.

ما حدث لك وأنت في المسجد الحرام هي نوبة هلع، صحبها -كما ذكرت لك- الخوف من أنك سوف يصيبك مكروه، وأنه لا مجال للفرار أو الهروب.

أنا أرى أنك بحاجة لعلاج دوائي، عقار مثل (سبرالكس) سيكون دواء متميزا، وسوف يساعدك كثيرا، فأرجو أن تذهب وتقابل أحد الأطباء النفسيين، وهم -الحمد لله تعالى- كثر في المملكة، و(السبرالكس) يتميز بفعاليته القوية في علاج المخاوف أيا كان نوعها، وبجانب ذلك يجب أن تأخذ ما ذكرته لك من تغيير فكري ومعرفي، وأن تكثر من التعريض والتعرض، والخوف يعالج من خلال التعريض والتعرض، كن إيجابيا في حياتك، اصرف انتباهك عن هذا الذي تعاني منه، وأنا متأكد أنك سوف تكون بخير.

أيها الفاضل الكريم: أبشرك أنه توجد أدوية إسعافية، بخلاف (السبرالكس)، هذه الأدوية الإسعافية تستعمل لمن يريدون السفر مباشرة، هنالك عقار (إندرال) و(زاناكس)؛ أدوية بسيطة وجميلة جدا، يعطيها الأطباء لمن يريدون السفر وهم على عجل ولا يستطيعون الدخول في برامج علاجية متواصلة ومطردة، فمقابلتك للطبيب أعتقد أنها سوف تحمل لك بشرى عظيمة جدا، وسوف يزول الذي بك -بإذن الله تعالى-.

لا تتخوف حول ما يعانيه ذووك من بعض الأمراض النفسية، فليس من الضروري ما يحدث للأخ أو لأحد الوالدين أن يصيب الأبناء، نعم هنالك بعض الآثار الجينية، لكن لا يوجد إرث مباشر، إنما بعض الاستعداد الضعيف لبعض الحالات النفسية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأتمنى لك سفرا ممتعا.

مواد ذات صلة

الاستشارات